القضاء يُفرمل اندفاعة الوفد الألماني للتحقيق في الملفات المالية
كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:
وضع القضاء اللبناني اللمسات الأخيرة على التحضيرات الإدارية واللوجيستية الممهدة لبدء التحقيقات الأوروبية في الملف المالي العائد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وما يتفرع عنه، سواء بالنسبة لتجهيز القاعة العامة لمحكمة التمييز التي ستجري فيها الاستجوابات بالإنارة والأجهزة الصوتية والحواسيب والقرطاسية، أو اكتمال تبليغ الأشخاص المطلوب الاستماع إليهم، أو توفير الإجراءات الأمنية للوفود الأجنبية ومواكبتها من مكان إقامتها إلى قصر العدل، وتأمين الحماية اللازمة لها طيلة فترة عملها.
وينتظر أن يجتمع النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات صباح الاثنين، بالوفود القضائية الأوروبية الآتية من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ داخل القاعة المخصصة للتحقيق، ويناقش معها خطة العمل ويطمئن إلى توفير الظروف الملائمة للعمل والمسهلة لمهمة الوفود، قبل أن تبدأ التحقيقات التي تجري بإشراف المحاميين العامين التمييزيين القاضيين عماد قبلان وميرنا كلاس، بما يضمن تنفيذ الاستنابات القضائية الأوروبية، من دون تجاوز صلاحيات القضاء اللبناني. واستبق الوفد القضائي الألماني مهمته بلقاءات مطولة عقدها مع مراجع قضائية، حيث اجتمع صباح أمس لأكثر من ساعتين بالقاضي عويدات في مكتب الأخير، وجرت مناقشة خطة العمل التي ستعتمد.
وقال مصدر قضائي شارك في مختلف اللقاءات إن الوفد الألماني «طلب الاطلاع على الملف اللبناني العائد لسلامة والعالق أمام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن عويدات كلف المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش «التنسيق مع الوفد واطلاعه على مستندات محددة، إلا أن الألمان طلبوا الحصول على نسخة لكامل الملف وحاولوا تصويره عبر أجهزة موجودة لديهم، فرفض حاموش ذلك، ودعاهم للتقيد بالأصول القانونية والاكتفاء بالاطلاع على المستندات من دون تصويرها، وإذا أرادوا الحصول على نسخة عائدة للمستندات التي تعنيهم، عليهم أن يتقدموا بطلب خطي للقاضي عويدات الذي يقرر تزويدهم بها أم لا، غير أن الوفد الألماني أبدى امتعاضه وغادر مكتب حاموش من دون الاستحصال على شيء، عندها أعيد الملف إلى قلم النيابة العامة الاستئنافية مختوماً بالشمع الأحمر».
ويبدو أن اللقاء الذي جمع الوفد الألماني مع حاموش ساده التوتر، بحيث إن الأخير طلب من موظفي السفارة الألمانية ورجال الشرطة الذين كانوا في عداد الوفد أن يخرجوا من مكتبه، وأن يقتصر الاجتماع على القضاة المعنيين بالتحقيق دون سواهم. واعتبر المصدر القضائي أن «بقاء موظفين ورجال أمن خلال اطلاع القضاة الألمان على الملف يخرق سرية التحقيق وهو ما رفضه القاضي حاموش، الذي رفع تقريراً خطياً إلى النائب العام التمييزي يفند تفاصيل ما حصل بينه وبين الفريق الألماني، الذي بدا مستاءً نتيجة فرملة اندفاعته ورغبته بالحصول على الملف اللبناني بكامله».
وعما إذا كان رفض مطالب هذا الوفد يعرقل مسار التحقيقات الذي يبدأ الاثنين، رأى المصدر أن «القضاء اللبناني يطبق القانون ويحول دون استباحة ملف محاط بالسرية». وأضاف: «نحن متعاونون مع الوفود الأوروبية بالحدود التي يسمح بها القانون، وتراعي اتفاقيات التعاون فيما بيننا، لكننا طلبنا أن يكون التعاطي مع القضاة (الألمان) الواردة أسماؤهم بالاستنابة القضائية دون سواهم، والأسلوب الذي اعتمدناه مع هؤلاء سنعتمده مع وفدي فرنسا ولوكسمبورغ».
ونفى المصدر القضائي ما تردد عن أن الوفود الأوروبية قررت الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال جلسات التحقيق التي تمتد من الاثنين حتى الجمعة المقبل، وأوضح أن «أياً من الوفود الأوروبية لم يطلب حتى الآن استدعاء سلامة، أو تحديد موعد للاستماع إليه». وأشار إلى أن «هذا الأمر قد يطرأ خلال مسار الجلسات، أو يؤجل إلى مرحلة أخرى من التحقيق».