المتعايشون مع فيروس “نقص المناعة” في لبنان… بين أزمة الدواء والتحديات اليومية!
كتبت يارا الهندي على موقع mtv:
بين نظرة المجتمع اللبناني إليه، ونقص التوعية الكافية حول فيروس نقص المناعة (hiv)، تنعكس قلّة المعرفة والاهتمام من قبل المواطنين والسلطات المعنيّة بشكل سلبي على المصابين بهذا الفيروس.
فما هي تحديات مريض الايدز؟ وما هو دور البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في هذا الإطار؟
يعتبر مرض نقص المناعة البشرية (HIV) عدوى تهاجم جهاز المناعة في الجسم ، وتحديدا خلايا الدم البيضاء التي تسمى خلايا CD4، ويدمّر الفيروس هذه الخلايا CD4، مما يضعف مناعة الشخص ضد العدوى الانتهازية، مثل السل والالتهابات الفطرية والالتهابات البكتيرية.
وتعدّ الممارسات الجنسيَّة أو مشاركة الحقن والإبر أكثر الطرق شيوعاً لانتقاله، كما من الممكن انتقاله من الأم لطفلها أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة، إلا أن استخدام أدوية العلاج تخفض من نسبة انتقال العدوى.
هواجس وتحديات تواجهها الجمعيات والأشخاص الذين يتعاملون مع مرضى الايدز، وفق ما أكد المدير التنفيذي لجمعية Proud Lebanon، “برتو مقصو”، فبالرغم من جهودهم كجمعية، إلا أن نقص التمويل يشكّل التحدي الأكبر في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان، فضلا عن التحديات المعنوية، المتمثلة بعدم فهم المجتمع لهذا المرض بشكل صحيح، فبالرغم من الحملات المحلية والعالمية للتوعية حول مرض نقص المناعة المكتسبة، لا يزال المتعايش مع الفيروس يعاني من اضطهاد ووصم وتمييز اجتماعي يطال حقوقه الإنسانية الأساسية التي كفلتها شرعة حقوق الإنسان وكل المواثيق الدولية.
كما أن المتعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسبة يلقى صعوبة في تأمين عمل لائق، وبالتالي يحرم من الفرص المهمة والحقوق الأساسية من دون أي سبب شرعي، الأمر الذي ينعكس على دوره في المجتمع وتطوير ذاته.
الى ذلك، ترفض شركات التأمين تقديم خدماتها لهؤلاء الأشخاص الأمر الذي يدفع بالجمعيات إلى الطلب من الوزارات والجهات المعنية، إلى فتح حوار جدي مع هذه الشركات بشأن هذه المسألة، لما لهذه الخطوة، إن حصلت، من أثر إيجابي على كل شرائح المجتمع، ومن بينهم المتعايشين مع الفيروس.
صحيح أن هذه التحديات تشكل عائقا للمصابين، إلا أنها أيضا تؤثر وبشكل مباشر على عمل الجمعيات المعنية، وهذه الانتهاكات بحق المتعايشين مع الفيروس، تنسف جهود وزارة الصحة والبرنامج الوطني وعشرات الجمعيات المحلية والدولية وتصبح حملاتهم التوعوية غير كافية.
دور البرنامج الوطني لمكافحة السيدا
لم تترك وزارة الصحة اللبنانية المصابين بنقص المناعة، لهذا السبب يُعنى البرنامج الوطني لمكافحة السيدا، بالتوعية والوقاية لكل المتعايشين مع الفيروس، من خلال حملات توعية بإطار المساعدة مع الجمعيات الأهلية المعنية بهذا الشأن، فضلا عن إجراء فحوصات في أماكن مصنفة High Risk ومجموعات معينة لمعرفة الأشخاص المصابين بالفيروس بأسرع وقت ممكن للبدء برحلة العلاج والاستفادة من العلاج الذي يقدمه البرنامج الوطني التابع لوزارة الصحة العامة.
هذا ما أكدته د. ريما فاني فرزلي، الصيدلانية المسؤولة في مركز توزيع الأدوية في البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في حديث خاص، مشيرة الى أن الـ”stigma” أو وصمة التمييز في هذا الموضوع تدنّت مع الوقت، فضلًا عن أن العمل جار على إيصال فكرة معينة للمجتمع اللبناني ألا وهي أن فيروس نقص المناعة مثله مثل غيره من الفيروسات.
عمل البرنامج، وفق فرزلي، يهدف إلى التوعية حول جوانب المرض وعدم الخجل، وعلى المصاب ألا يخفي الأمر ويلجأ للاختصاصي الذي سيوجهه في رحلة العلاج. وبمجرد اكتشاف المرض، وإن لم يكن في مرحلة متقدمة، يمكن عندها تفادي عوارض “الايدز” الشديدة، كما يصبح بإمكانه أن يعيش حياته بشكل طبيعي ويحق له ان يتزوج وينجب الأطفال، وفق ما أكدت د. فرزلي.
أما في ما يخص الدواء، فتؤكد د. ريما فاني فرزلي أن معظم المصابين الذين تجاوبوا مع العلاج، اتبعوا نفس الخطوات، وهي عبارة عن ٣ أدوية تجتمع بقرص أو قرصين، وفق ما هو متوافر وتبعا للبروتوكول التي تتبعه منظمة الصحة العالمية. وبالتالي، لن يشكل الفيروس خطرا على صحة المريض وصحة مجتمعه، في حال اتباعه طريقة العلاج الصحيحة.
واللافت أيضا في حديث د. فرزلي، والذي يجيب عن الاشكالية، أنه ورغم أزمة انقطاع الدواء التي عاشها المجتمع اللبناني ولا يزال يعيشها حتى يومنا هذا، إلا أن مرضى الايدز لم يواجهوا يومًا هذه المشكلة، حيث إن الدواء كان متوافرًا منذ أكثر من ١٠ سنوات وخصوصًا في السنوات الخمس الأخيرة التي عصفت في لبنان كان الدواء يؤمَن مجانا لهم ولا يزال.
فالبرنامج الوطني لمكافحة السيدا، يؤمن للجمعيات الأهلية التي تعنى بإقامة جولات على مختلف المناطق اللبنانية، المعدات اللازمة لإجراء الفحوصات، فضلًا عن القفازات والكمامات كما يتم توزيع واقي ذكري للحد من انتشار الفيروس إذا كان الأشخاص high risk. اذًا البرنامج الوطني يتعاون مع ما يقارب الاثنتي عشرة جمعية لبنانية تعنى بالمتعايشين مع المرض وتؤمن لهم ما يلزم بحسب د. فرزلي.
وأخيرًا بمناسبة اليوم العالمي للإيدز، الذي صادف بداية شهر كانون الأول، أطلقت جمعية Proud Lebanon بالتعاون مع عدد من الجمعيات المختصة، شعار “أخبر صديقك” (Tell a friend)، وهو الشعار ذاته الذي تبناه البرنامج الوطني لمكافحة “السيدا” في لبنان، لحث الأفراد من الفئات المهمشة لإجراء الفحص السريع السري والمجاني.
وبهذه المناسبة، لا بد من الإشارة الى أن تكثيف الحملات ضمن المدارس والجامعات، لإزالة أي التباس لدى الفئات الشبابية، التي يعول عليها مستقبلاً، أمرٌ يساهم بشكل كبير في إزالة وصمة العار و ودمج الأشخاص الذين يعانون من الايدز اجتماعيا.
تم انتاج هذا التقرير بدعم من مؤسسة مهارات ومنظمة “Hivos” ضمن مشروع We Lead، مع التأكيد ان المحتوى لا يعبر بالضرورة عن آراء ” Hivos”.
وتشاهدون، في الفيديو المرفق، معلومات مهمّة بالإضافة الى مكان توافر الدواء وجولات المناطق.