تتهرّب الحكومة من اتخاذ قرار الإقفال التام، الذي يوصي به كبار الأطباء والمسؤولون الصحيّون، وعلى رأسهم نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف.
“حيسكروا البلد؟ لأ مش حيسكروه”… هذه هي الحيرة التي تشغل بال اللبنانيين، في وقت ازدحمت المصادر والتوقّعات بهذا الشأن، وتراجعت التصريحات الرسمية، فلا دعوة لمجلس الدفاع الأعلى، والحكومة في “غيبوبة” تصريف الأعمال.
أوساط وزير الصحة تعترف لـ”أساس” بأنّ هذا التخبّط سببه تهرّب حكومة تصريف الأعمال من تحمّل التبعات الاقتصادية للإقفال، موضحة أنّ “هذا التقاعس في اتخاذ القرار يأتي في سياق إفساح المجال لولادة حكومة جديدة تحمل على عاتقها هذا الملفّ”.
من جهته يسأل رئيس ?لجنة الصحة النيابية? النائب ?عاصم عراجي: “ماذا نفعل إن لم تتشكّل الحكومة؟”، مضيفاً في حديث لـ”أساس”: “لم أفهم أيّ شيء من تصريحات المعنيين باتخاذ قرار الإقفال، ولا أعرف ماذا يريدون. هناك حالة من الإرباك والتخبّط، في وقت بات الجسم الطبي منهكاً، وارتفع عدد الإصابات الخطرة، ولم يعد هناك أسرّة في العناية الفائقة ولا في أقسام المستشفيات الأخرى. اذهبوا إلى أقسام الطوارئ كي تلمسوا هذا الواقع المخيف”.
وسأل عراجي: “من قال إنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع اتخاذ قرارات؟ لقد سألت اختصاصيين، وكان الجواب أنّه يحق لحكومة تصريف الأعمال أن تجتمع وتتخذ قرارات في حال كان هناك وباء أو زلزال”، لافتاً إلى أنّهم “لم يعطوا أيّ جواب نهائي حول الإقفال. هم يقولون إنّهم يريدون اقتراح قانون لتعويض الناس، وأنّهم لا يستطيعون تقديم اقتراح قانون، مع العلم أنّهم اقترحوا أكثر من قانون في المرحلة الماضية”.
ولم يخفِ عراجي عتبه على المستشفيات الخاصة التي لم يستقبل عدد كبير منها مرضى كورونا حتى اليوم: “إذا استمرّ التفشّي، ولم تتعاون المستشفيات الخاصة، فنحن مقبلون على كارثة. أعلم أنّ لديهم حقوقاً. وأنا وقفت معهم، وطالبت بحقوقهم في كلّ الجلسات التي عُقدت. ولكن يجب ألا يتركوا البلد في لحظات كهذه. لا أنكر أنّ هناك مستشفيات استجابت، لكن الكثير من المستشفيات لم تبدِ النيّة بالتعاون حتى اللحظة. على سبيل المثال، قال لي أحد الأشخاص إنّه ما من مستشفى خاص يستقبل حالات كورونا في قضاء المتن. كيف ذلك؟”.
موضوع المستشفيات الخاصة، لم يغب أيضاً عن رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الدكتور محمود حسون، مشيراً لـ”أساس” إلى أنّ “القطاع الصحي في لبنان مبنيّ على القطاع الخاص. غير أنّ العدد الأكبر من هذه المستشفيات لا يريد التعاون، مع العلم أنّ لبنان وصله الكثير من المساعدات الطبية، وبالإمكان الاستفادة منها”.
وفيما يؤكد حسون أنّ أيّ إقفال لا يترافق وتحضير أسرّة جديدة لن يكون مجدياً، يجزم أنّنا عاجزون عن العودة إلى حالة الصفر: “هناك تفشٍّ في المجتمع، والإغلاق لا يهدف للقضاء على الفيروس، وإنّما لدعم القطاع الصحي كي ييستطيع استقبال المرضى”.
ويعتبر حسون أنّ الحديث عن اللقاحات هو تضخيم إعلامي: “عدد المصابين بالكورونا في العالم تخطّى 50 مليوناً. وعدد الوفيات بدأ ينخفض في أميركا وفرنسا، فحدّة الفيروس تراجعت. وهذا شيء طبيعي. فالعدوى كلما انتقلت، ضعف الفيروس. وهذا أمر تنظر له الشركات بطريقة مختلفة، لأنّ الطلب على اللقاح قد لا يكون كبيراً؟”.
لكن يطمئن حسون أنّ “الفيروس في لبنان لم يعد خطيراً”، مفسّراً ارتفاع عدد الوفيات بارتفاع عدد الإصابات: “نحن اليوم نسجّل أكثر من ألفي إصابة يومياً. لكن المناعة في لبنان قوية، فالكورونا لم يفتك بنا كما فتك في دول أوروبا، وهذا يعود للجينات. هناك جينات تؤدّي إلى الوفيات، وهذا شهدناه لدى عائلتين في لبنان”.