ثلاث خطوات مطلوبة لكبح “مسلسل المآسي”
كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
لم تكن مأساة قارب الموت قبالة طرطوس مفاجئة وسط التفلت الأمني وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان. والكارثة أن هذه الأزمات لا تزال قابلة للتفاقم أكثر وإنتاج مزيد من المآسي التي لا يمكن توقعها، ما لم يتم تحديد عناوين وخطوط عريضة للتعاطي مع هذه الآزمات. والسبيل الوحيد الذي يمكنه أن يؤدي إلى كبح الإنهيار، هو المسار السياسي، من خلال ثلاثة ملفات، الأول إقرار الموازنة المالية العامة غداً، والثاني تشكيل حكومة، والثالث الدفع باتجاه اتفاق على رئيس للجمهورية.
دون تحقيق هذه العناوين الثلاثة، فلا بد من توقع المزيد من الأسباب التي تفتح المجال أمام شبكات التهريب المنظمة إلى الاستمرار في إغراق اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين في البحر الأبيض المتوسط، بينما المصارف لا تزال مغلقة بتوجيهات أمنية وفق ما تكشف مصادر متابعة لأن هناك تقديرات تشير بأن مخاطر تجدد عمليات الاقتحام والصدامات داخل المصارف وعلى مداخلها لا تزال قائمة في ظل عدم توفر شروط الخطة الأمنية اللازمة للتعاطي معها.
سياسياً، تتراوح التقديرات بين التشاؤم والتفاؤل حول إمكانية إقرار الموازنة، وتشكيل الحكومة خلال الأسبوع الجاري، في وقت لا يزال الملف الرئاسي مؤجلاً وسط عدم وضوح الرؤية، فيما يشترط رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تتوفر مقومات التوافق لتوجيه الدعوة إلى عقد جلسة انتخاب الرئيس، إذ يشترط إقرار الموازنة وتشكيل الحكومة قبل أن يتحول المجلس النيابي إلى هيئة انتخابية لا اشتراعية وعندها لا يتمكن من إقرار أي قانون.
أمام كل هذه الملفات، تصدّر اجتماع النواب السنّة في دار الفتوى المشهد، لقاء جرى فيه البحث في كيفية التنسيق بين نواب الطائفة السنية وبرعاية دار الفتوى لخلق مظلة سياسية ذات بعد وطني لمقاربة الإستحقاق الرئاسي وإنجازه، بالإضافة إلى التشديد على المحافظة على اتفاق الطائف كضامن لوحدة البلاد وأمن المجتمع، لتجنّب الذهاب إلى تعديلات على الدستور قد تطال تغيير النظام. وإلى جانب لقاء دار الفتوى، عقد اللقاء في دارة السفير السعودي وليد البخاري بينه وبين عدد من النواب السنّة الذين تربطهم علاقة تحالف بالمملكة العربية السعودية، وهم على خصومة مع حزب الله. أريد لهذا اللقاء أن يشكل قوة دفع سياسي للنواب السنّة تحضيراً للمرحلة المقبلة في إطار التنسيق مع المكونات الأخرى، لا سيما مع القوات اللبنانية، حزب الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي والنواب المستقلين للاتفاق على شخصية يتم ترشيحها لمنصب رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى منع حزب الله من فرض مرشحه، بالتالي للذهاب إلى فرض مقومات التوافق للوصول إلى رئيس قادر على الجمع، ويتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية وقادر على استعادة الثقة. لا بد لهذه اللقاءات معطوفة على السعي لتشكيل الحكومة أن تؤدي إلى تخفيف حدة التوتر والانهياروتلافي الذهاب الى انفجار أكبر.