جنون الدولار وبداية العام الدراسي… ما مصير الأهل؟
كتبت سمار الترك في “اللواء”:
منذ العام 2019 حتى اليوم، يتخبط العام الدراسي في لبنان وسط أزمات لا نهاية لها.
فالعام الدراسي الفائت، لم يتمكن معظم الطلاب من الإنتهاء من البرامج الدراسية المحددة ،وذلك نتيجة انعكاس أوضاع الأزمة المعيشية وارتفاع سعر «الدولار» الجنوني وعدم استقرار الوضع الحكومي في البلد.
هذا عدا عن مسألة: «التعلم عن بعد» التي كانت بمثابة الكارثة بحد ذاتها، ولاسيما نتيجة انقطاع التيار الكهربائي التام وتحكم أصحاب المولدات بالبلاد والعباد.
والخوف أن تتكرر هذا العام المأساة نفسها،لنجد أنفسنا نخسر مرة أخرى عاما دراسيا آخر وبامتياز،في ظل انعدام المعالجات الحكومية وخطط النهوض الاقتصادي.
الحلبي
من جهته،عدّل وزير التربية والتعليم العالي في الحكومة اللبنانية، عباس الحلبي، بدء الأعمال التحضيرية والتسجيل في الثانويات والمدارس الرسمية من 5 أيلول 2022 إلى 15 أيلول، محدداً الثالث من شهر تشرين الأول موعدًا لبدء العام الدراسي 2022 – 2023.
التأخير جاء بسبب تداخل موعد إجراء الدورة الثانية الاستثنائية من الامتحانات الرسمية 2021 – 2022 بعد تأجيل طويل، نتيجة إضراب موظفي القطاع العام في لبنان، وضمنهم موظفي وزارة التربية، الأمر الذي أخر أيضا في مواعيد التصحيح والإجراءات الإدارية المتعلقة بإصدار النتائج، ما أجبر الوزارة على التأجيل لـ 10 أيام.
باختصار القطاع التربوي في لبنان ليس في أحسن حال،فحاله كحال سائر القطاعات في لبنان، فهل سيتمكن من تخطي أزمته وإكمال العام الدراسي بنجاح؟
لكن يبقى السؤال الأهم: كيف يواجه الأهالي واقع الحال، وكيف يتحضرون وأبنائهم لدخول العام الدراسي الجديد في ظل ارتفاع سعر «الدولار» الجنوني ووسط أزمة الغلاء المتصاعدة؟
لتسليط الضوء أكثر على هذا الواقع المرّ، التقت «اللواء» عدداً من الأهالي للوقوف على أوضاعهم.
منى بدران اضطرت إلى نقل أولادها هذا العام من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الرسمية، بسبب عدم تسديدها للقسط المدرسي الأخير العام الفائت، تقول: «أنا حزينة جدا لانتقال أولادي إلى المدرسة الرسمية، لكن ما باليد حيلة، فالماديات لم تعد تسمح، لاسيما بعدما سُرّحت من عملي العام الماضي ودون سابق إنذار.
ماذا باستطاعة الراتب أن يسدّد؟ الإيجار أم الفواتير أم متطلبات الحياة الضرورية؟
أضيفي إلى أن المدرسة باتت تود أن ندفع نصف القسط ب «الدولار» والنصف الآخر بالليرة اللبنانية.
طبعا أعاني الأمرّين مع الأولاد، الذين يلاقون صعوبة في تقبل فكرة انتقالهم من مدرستهم إلى مدرسة رسمية لكن ما باليد حيلة.
عاجلا أم آجلاً سيعتادون الأمر، لأنّ هذا الواقع رغم مرارته، إلا أنّه أفضل بكثير من أنْ أمد يدي لـ«فولان أم علان”.
{ حسن مشرفية أب لولدين يفكر بإدخالهما إلى المدرسة الرسمية، لكنه تراجع عن قراره، واكتفى بنقلهما إلى مدرسة خاصة أقل تكلفة من حيث الأقساط المدرسية،يقول: «هذا العام اكتفيتُ بتغيير المدرسة، لكن إنْ بقيت الأحوال على ما هي عليه العام المقبل، فأنا دون شك سأتوجّه إلى المدرسة الرسمية دون تردّد. العبء الذي يقع على كاهلنا كأهل، بات ثقيلاً، لا سيما أنّ المسألة لا تنحصر فقط بالأقساط المدرسية، بل هناك متطلبات الحياة اليومية، التي لا ترحم والاحتياجات التي تزداد يوما بعد يوم.
كل ما نتمنّاه أنْ تتحسّن الأوضاع في البلد، ليتمكّن المسؤولون من الاهتمام بأوضاع المواطنين، وبالأخص أنْ يهتموا بتحسين واقع المدرسة الرسمية من حيث البشر والحجر، لا سيما أنّهم بذلك يحلّون معضلة كبيرة وأساسية في مجتمعنا”.
ليلى سوبرة أم لأربعة أولاد،تقول:«أدخلتهم منذ البداية إلى المدرسة الرسمية ، لأنّني وبكل بساطة قرأتُ «المكتوب من عنوانه»،خصوصاً أنّنا نعيش في بلد متقلّب على مختلف الصعد، سواء في مجال الوضع الأمني أو الاقتصادي أو الاجتماعي… أدخلتُ الأولاد إلى المدرسة الرسمية كي لا أعيش ما يعيشه أصدقائي من «حرق للدم»مع مطلع كل عام دراسي، أيُعقل أنْ أدفع مثلاً 15 مليون أو 20 مليون ل.ل، قسطاً مدرسياً لطفل في عامه الدراسي الأول؟!
واليوم بات التسعير بـ«الدولار»؟؟؟
هذا عدا عن أسعار اللوازم المدرسية. للأسف نحن نعيش في غابة، والعلم في بلدنا لم يعد رسالة بل بات تجارة، و«الشاطر» مَنْ يحقّق ربحاً أكثر من غيره، فمسألة «العلم رسالة» باتت مقولة قديمة، لذلك فضّلتُ أخذ المسألة من قصيرها كما يقولون، واعتمدت صيغة الأجداد بأنّ مَنْ يتعلّم باستطاعته أنْ يتعلّم أينما كان».
جولة في المكتبات
كذلك، قامت «اللـواء» بجولة على عدد من المكتبات لمعرفة حركة المبيع فيها، لجهة القرطاسية والكتب، فكانت النتيجة أنّ معظم الأهل يُقبِلون على شراء القرطاسية ذات النوعية الوطنية، بالرغم من أن سعرها بات باهظا لكنها تبقى أقل تكلفة.
أما في ما يخص الكتب، فهم يشترون الكتب المستعملة، ولا يشترون الجديد منها، إلا عندما لا يكون المستعمل متوافرا، بسبب ضرورة شراء الطبعة الجديدة.أما في ما يخص شراء الحقائب المدرسية، فليس هناك من إقبال على شرائها إطلاقا، نظرا إلى أوضاع الأهل المادية الصعبة.