لبنان

حكومة شظايا المبادرة الفرنسية.. بانتظار المفاوضات الأميركية الإيرانية

كتب منير الربيع في “المدن”:

يضيع اللبنانيون في متاهة تسريبات إيجابية كثيرة، تفيد بولادة الحكومة سريعاً. لكن التسريبات الإيجابية تعاكسها أخرى سلبية، تشير إلى عدم تحقيق التقدم المطلوب في التشكيل.

تسريبات وضياع

وتستمر حرب التسريبات: تارة يُعلن تثبيت الحكومة على 18 وزيراً، وطوراً تنفي دوائر القصر الجمهوري ذلك، وتشير إلى أن الاتفاق لم ينجز بعد، فيستمر الضياع. ويُربط الاستحقاق الحكومي بانتخابات الرئاسة الأميركية، وترسيم الحدود، وما قد يلوح في أفق المنطقة، انسجاماً مع مرحلة ما بعد إعلان الفائز بالرئاسة الأميركية.

حتى مواعيد ولقاءات رئيس الحكومة المكلف مع رئيس الجمهورية، لم تعد ثابتة أو واضحة. وهي في الأساس لم تكن صالحة للتداول والتسريب الإعلامي بين عقد اللقاء وانتهائه.

الحريري في حالة تكتم. وكذلك دوائر القصر الجمهوري، التي تفضل عدم حضور الصحافيين في القصر، تجنباً لنسبة أي “تسريبة” تنتشر إلى أوساط رئيس الجمهورية.

تشطير المبادرة الفرنسية

ولم يعد الهمّ عددُ وزراء الحكومة: 18 أو 20. وما أصبح واضحاً هو التحاصص. وتلقى المسؤولون اللبنانيون رسائل فرنسية جديدة تفيد أن عملية التفاوض على تشكيل الحكومة أصبحت مفضوحة إلى حدّ بعيد، ولم تعد تتلاءم مع المبادرة الفرنسية: المداورة، حكومة اختصاصيين. وهذا ما يحاول الحريري الثبات عليه، مراعياً الأحزاب في اختيارها بعض الوزراء.

كل طرف لبناني يتبنى شطراً من المبادرة الفرنسية: الحريري يتمسك بالحكومة المصغرة، وعدم منح وزارة الطاقة للتيار العوني. وهو يريد لهذين العاملين أن يكونا مدخله إلى تشكيل حكومته، مع إصراره على عدم التنازل عن الثلث المعطل لأي طرف.

أما عون فيأخذ من المبادرة الفرنسية دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء تدقيق جنائي في مصرف لبنان، وإيلاء الاهتمام للملف المالي. وهو يريد لهذا العنوان أن يكون المدخل الأساسي لتشكيل الحكومة. لكنه يخفي تحته رغبته في الحصول على “أوزن” الحقائب الوزارية ليسهل التشكيل: تمسكه بوزارة الطاقة في مقابل تمسك حركة أمل بوزارة المالية.

لقد باتت هذه التفاصيل مستهلَكة. مثلها كمثل صراعات القوى الأخرى على حقائب الاتصالات، الأشغال، الصحة، والتربية.

التسريب الأخير

ويتمسك كل طرف بشروطه. وسط استمرار الضياع والتسريبات وعدم الحسم في مصير الحكومة. قد تتأخر ولادتها، وقد تولد في لحظة سريعة مفاجئة، حالما يجد طرف ما نفسه مضطراً لتقديم التنازل المطلوب. إما لحسابات محلية أو خارجية، وإما للأمرين معاً.

وقد تسرّب أن حزب الله لا يمانع تشكيل حكومة من 18 وزيراً. أي أنه أسقط الثلث المعطل الذي يطالب به التيار العوني. وأسقط كذلك تمثيل طلال إرسلان بوزير درزي.

لكن رئيس الجمهورية يصر على حكومة العشرين وزيراً، إما للأسباب المحلية المعروفة، أو في انتظار إشارة خارجية تفرض عليه تليين موقفه وتغييره، على نحو ما حصل عند تأجيل عون الاستشارات النيابية أسبوعاً واحداً، قبل أن يثبتها في موعدها.

انتظار إيران – أميركا

لكن لم يعد في الإمكان ضرب مواعيد لتشكيل الحكومة. قد تتشكل خلال ساعات، وقد تتأخر أياماً وأسابيع. تتحكم في ذلك عوامل محلية – أي سعي كل طرف لتحسين شروطه – وعوامل دولية وإقليمية قد تتضح بعد صدور نتائج الانتخابات الأميركية.

الأكيد أن الأطراف اللبنانية تتصرف على أساس أن الحكومة المزمعة، هي حكومة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحكومة مواكبة اتفاق ترسيم الحدود، وقد تستمر حتى موعد الانتخابات النيابية.

قد تستمر وقد تتعثر، حسب العوامل الإقليمية، وعلى وقع أي تطور إيراني – أميركي. فإذا تعرقلت المفاوضات المتوقعة بين طهران وواشنطن، تتأزم الأمور محلياً، ولا تنعكس على الوضع الحكومي فحسب، بل على مفاوضات ترسيم الحدود أيضاً.

وفي حال سلكت المفاوضات الإيرانية – الأميركية طريقها، يستمر عمل الحكومة، في انتظار زمن التحولات الكبرى: ترسيم الحدود، الصواريخ، الاستراتيجية الدفاعية، مهام اليونفيل، والملف المالي والاقتصادي.

mtv

مقالات ذات صلة