الرئاسة “الجديدة” بمبادرة دولية وموافقة إيرانية؟
كتب منير الربيع في “المدن”:
متى سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية؟ أسبوعان يفصلان عن دخول لبنان في المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس. كان برّي قد وضع شرطًا في السابق: لن يُنتخب الرئيس قبل إقرار كل القوانين الإصلاحية. موقفه هذا له رمزيته، ويستدعي بصفته رئيس المجلس، البحث عن مقومات التوافق بين الجميع. فتكون المفاوضات مفتوحة في سبيل تسوية رئاسية على وقع التفاوض حول الملفات الاقتصادية والإصلاحية، للعودة إلى صيغة السلّة المتكاملة التي يفضلها. هل سيكون ذلك ممكنًا؟ لا أحد يمتلك جوابًا على السؤال، لكن المؤشرات تفيد بحجم كبير من الضغوط الدولية لإنجاز الاستحقاق في موعده.
ما قبل الاستحقاق الرئاسي، هناك حدثان بارزان: الأول، موعد التجديد لعمل قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان في آخر شهر آب الحالي. إذ من المفترض أن تقدم سفيرة لبنان في الأمم المتحدة آمال مدللي كتابًا لمجلس الأمن تطلب فيه تمديد فترة عمل قوات اليونفيل. التوافق الدولي متوفر حول إقرار التجديد، من دون إدخال تعديلات جديدة. وستكون هذه رسالة أساسية للتمسك الأممي بالاستقرار في لبنان، ولا سيما في الجنوب، ربطًا بانتظار زيارة للمبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين لبنان، لوضع مقترحه النهائي أو صيغته المقترحة للحل المنتظر لترسيم الحدود.
الحدث الثاني، هو زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى نيويورك، للمشاركة في الاجتماعات الدورية للأمم المتحدة، وإلقائه كلمة من هناك. ومن المفترض أن يعيد عون تكرار مواقفه السابقة حول رؤيته لوجوب الإصلاح في لبنان بدعم دولي، بعد محاولاته الحثيثة وإفشاله- بحسبه- من القوى الداخلية. وسيكون خطابه مركزًا حول البحث في أي تسوية رئاسية أو اتفاق يمكن الوصول إليه، خصوصًا أنه يعكف على تأكيد ضرورة مجيء رئيس جديد يستكمل ما بدأه هو في عهده من إصلاحات.
في لبنان هناك من يرغب في إنجاز الانتخابات الرئاسية قبل ذهاب عون إلى نيويورك، لكن في ذلك صعوبة كبيرة.
تشير الوقائع إلى استحالة قدرة أي فريق على إنتاج رئيس للجمهورية محسوبًا على طرف، ومرفوضًا من الطرف الآخر. الجميع سيكون محشورًا بضرورة التوافق لتأمين النصاب والأصوات اللازمة، والحد الأدنى من الموافقة الخارجية أيضًا. في هذا السياق لا بد من الرهان على المواقف الدولية وكيفية انعكاسها على الواقع الداخلي. هنا يجب رصد مواقف الفرنسيين، الأميركيين، السعوديين، والإيرانيين.
على صعيد الفرنسيين هناك وضوح في ضرورة انتخاب رئيس يتم التوافق عليه بين اللبنانيين، ويقدم صورة جديدة، وقادر على الإنجاز. لذلك ثمة رغبة بالتجديد. لكن حسب معطيات متوفرة، هناك وجهة نظر أخرى تعمل قوى لبنانية على الضغط في اتجاهها فرنسيًا، سعيًا للحصول على دعم مرشح توافقي، وإن كان من الطبقة السياسية على قاعدة الواقعية. وهذا من شأنه أن يطلق ما يشبه المبادرة الفرنسية الجديدة في لبنان، وتشبه مبادرة ما بعد الرابع من آب.
أميركيًا وسعوديًا، حسب المواقف المستقاة، ينحصر التركيز في ضرورة المجيء برئيس جديد ومن خارج الطبقة السياسية، ويكون واضحًا في برنامجه الإصلاحي والتغييري، ويتكامل في برنامجه مع رئيس للحكومة، لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والخطوات المفترضة.
هذه القوى الثلاث محكومة بالبحث عن توافق مع إيران، وبالتالي مع حزب الله. مقومات هذا التوافق ستكون متوفرة من بوابة مسار الاتفاق النووي من جهة، والمفاوضات الإيرانية- السعودية من جهة أخرى. وفي حال حصل تقدّم على صعيد هذين الملفين، يمكن لذلك أن ينعكس توافقًا في لبنان. أما إذا تعثّر المسار، فلا بد للتعثر اللبناني من أن يستمر، وقد يطول مع ما يعنيه ذلك من استمرار الانهيار، وربما الدخول في مرحلة جديدة من مراحل الانفجار الاجتماعي أو السياسي.