هوكشتاين: نسير في اتجاه إيجابي
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
بعدما أسهبت اسرائيل في تفاؤلها بقرب التوصل إلى اتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية، أغدق لبنان تفاؤله بالامس عطفاً على زيارة الوسيط الاميركي آموس هوكستين، مفضلاً عدم اعلان كامل تفاصيل مفاوضاته معه انجاحاً للمساعي. لكنه تفاؤل مشوب بالقلق طالما ان الصيغ التي يحكى بشأنها لا تزال مبهمة. جلّ ما يمكن تأكيده والتأكد منه هو الالحاح الاميركي للتوصل الى اتفاق يضمن أمن كاريش لاستخراج الغاز واستعجاله الاتفاق مع لبنان ونيل موقف لبناني يؤكد عدم تبني تهديدات «حزب الله» لاسرائيل، علماً ان هوكشتاين كما الجانب الاسرائيلي يدركان ان المسيّرات وما تبعها وصولاً الى شريط الفيديو امس الاول قوّى الموقف اللبناني واعطى المفاوضات دفعة الى الامام. وعلى وقع ما حصل عاد هوكشتاين مجدداً بجرعات تفاؤل رغم ان ما حمله لم يتضمن اي جديد. حيث بقي موقف لبنان هو ذاته خاصة وان اي تراجع من قبله سيهدد موقفه داخلياً بالنظر لوجود سقف لا يمكن للبنان تجاوزه في المفاوضات.
هي المرة الاولى التي يعبر فيها عن ارتياحه لاجواء اجتماعه مع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا. منذ بداية وساطته كان يتحدث في مجالسه الخاصة عن ان لا موقف موحداً للمسؤولين اللبنانيين وان لكل منهم مقاربته المختلفة لموضوع الترسيم. لمس هوكشتاين حسب المشاركين في اجتماع بعبدا وجود توافق لبناني مختلف عن المراحل الاولى للمفاوضات. في المقابل لمس كل من التقاه وجود جدية اميركية في التعاطي ورغبة في تسريع الخطوات لانجاز الاتفاق للعودة الى طاولة المفاوضات في الناقورة.
يتلخص ما سمعه هوكستين من المسؤولين في لبنان بتمسك لبنان بكامل حقه دون التنازل عن شبر واحد، وانه يصر على الخط 23 مع كل الغاز الموجود في حقل قانا، رافضاً بالمطلق الحديث عن الطرح الذي يقترح كامل قانا مقابل جزء من البلوك 8، كما رفض عرض التنقيب المشترك.
هوكستين الذي حمل مقترحاً لبنانياً الى الجانب الاسرائيلي المرة الماضية يطالب بالخط 23 مع مساحة اضافية خارجه اي 23 + أرسل الاسرائيلي خط 23 – اي انه اقترح خطاً مقابل خط. كما رفع مقابلاً مادياً بدل الجزء من قانا المواجه للاسرائيلي. مصادر المجتمعين جزمت ان لبنان حدد حقه بالخط 23 مع قانا كاملاً ووفق الاتفاق الموقع مع توتال ولا اي صيغة أقل من ذلك.
وعد الوسيط الاميركي بالعمل على نقاط التقاطع بين لبنان واسرائيل والعودة بصيغة يتولى اعدادها وفريق عمله كي يصار عرضها على الجانبين الاسرائيلي واللبناني، فاذا وافق الطرفان على المقترحات تكون العودة سريعة الى مفاوضات الناقورة وبلورة الاتفاق في مرحلة لاحقة لا تكون بعيدة يتوقع ان تكون بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة. صارح المسؤولين بقوله: «لا يمكن للبنان ان ينال كل ما يريده ويجب الالتزام بحدوده الرسمية المسجلة في الامم المتحدة والتي يتم التفاوض على اساسها، منبهاً الى ان أي طرح جديد قد يهدد المفاوضات.
هوكستين الذي كرر وعده بتسريع الخطوات للخروج باتفاق وشيك وعد بالعودة الى لبنان مجدداً بغية التمهيد للعودة الى الناقورة قائلاً: «نحن نسير في اتجاه ايجابي سيكمل مساره مسرعاً في حال لم تحصل امور غير ديبلوماسية».
خلال المباحثات كان واضحاً مما قاله هوكستين ان المطلب الاسرائيلي الاساس هو ضمان أمن كاريش حيث تم رصد مبالغ مالية كبيرة للتنقيب حتى اليوم، وان اسرائيل كما لبنان باتت في امس الحاجة للخروج بنتائج عملية قبيل ايلول المقبل. وتكشف مصادر واسعة الاطلاع ان اليونان بدورها دخلت على خط ضمان امن السفينة اليونانية في كاريش وبعدما كانت نفت ملكيتها للسفينة أكد الوسيط الاميركي ان السفينة يونانية. وتحدثت المصادر عن اتصالات حصلت الاسبوع الماضي تولتها مسؤولة يونانية في مكتب رئاسة الحكومة تحذر من اي خطوات تصعيدية من جانب لبنان تجاه السفينة. وأكدت ان مساعدة رئيس الوزراء اليوناني ارسلت تستفسر القائم بالاعمال اللبناني في اليونان حول التهديدات التي اطلقها «حزب الله» للسفينة اليونانية، وهو الامر الذي اثار استياء سفيرة اليونان في لبنان والتي كانت نفت ملكية بلادها للسفينة، وتمنت على لبنان بواسطة احد الديبلوماسيين عدم التعاطي بجدية مع ما حصل لناحية استدعاء القائم بالأعمال اللبناني.
الجانب اللبناني من ناحيته رفع منسوب تفاؤله متحدثاً عن أن الاتفاق بات على قاب قوسين او ادنى وان ايلول المقبل سيحمل انفراجات على مستوى هذا الملف للبنان، وفي حال التوافق سيتم عرض الامر من خلال اجتماع استثنائي للحكومة يتم الاتفاق بشأنه بين رئيسي الجمهورية والحكومة ويتم تحويله الى مجلس النواب لإقراره.
مستدركاً القول إن حقيقة الموضوع تختصر بحصول تقدم حقيقي «وأخذ وعطا» بين الطرفين المعنيين، وان الوسيط الاميركي اخذ على عاتقه هذه المرة اعداد صيغة للحل تنال موافقة الطرفين المعنيين مفضلاً عدم الغوص في التفاصيل حرصاً على انجاح الوساطة.