الاستحقاق الرئاسي.. 3 جوانب أساسية للتغيير المنشود
على جبهة الاستحقاق الرئاسي، قالت أوساط سياسية متابعة لـ”الجمهورية”، انّ هذا الاستحقاق “فرض نفسه أولوية الأولويات في هذه المرحلة الفاصلة عن بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في مطلع أيلول المقبل. وانّ معظم المواقف والتحركات السياسية أصبحت تندرج في السياق الرئاسي، ولو انّ ظاهرها لا يشي بذلك، حيث انّ القوى المؤثرة تعوِّل على هذا الاستحقاق، إما من أجل إبقاء القديم على قِدَمه، وإما بغية إحداث التغيير في الرئاسة الأولى، بهدف إحداثه في تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة جديدة، تقطع في طريقة تشكيلها مع الحكومات السابقة”.
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر قريبة من المعارضة لـ”الجمهورية”، انّ “الانتخابات الرئاسية تشكّل مدخلاً لإعادة التوازن إلى داخل المؤسسات الدستورية، والذي إفتُقِد في ظل أكثرية نيابية لفريق 8 آذار وأكثرية وزارية ورئيس للجمهورية في ظل رئاسة العماد ميشال عون، ومع خسارة هذا الفريق أكثريته في الانتخابات الأخيرة لم يعد قادراً على التحكُّم بالمسارات الدستورية بالسهولة التي اعتاد عليها، وهذا المعطى لا يجب التعامل معه وكأنّه لم يحصل لمجرّد انّ مكونات المعارضة لم تنجح في توحيد صفوفها، إنما البناء عليه والدفع من أجل وحدة صف على موقف موحّد وتحديداً في الاستحقاق الرئاسي.
وأكّدت المصادر نفسها، “انّ التغيير لا يحصل في كبسة زر ولا بواسطة عصا سحرية، إنما من خلال العمل التراكمي والجهد المتواصل والنضال المستمر واعتماد سياسة كل جولة بجولتها من دون تكبير الحجر، والفوز بكل جولة قادر على تحسين شروط المواجهة برمتها. ومن هنا من الخطأ التعامل مع الاستحقاق الرئاسي وكأنّ ما بعده غير ما قبله، سوى في حال نجح فريق 8 آذار في ان يمدِّد لنفسه رئاسياً عن طريق شخصية من لونه السياسي. فيما نجاح مكونات المعارضة في انتخاب الرئيس المؤمن بالسيادة والإصلاح، والذي لا يتأثّر بممارسته بالسلاح وسياسات النفوذ، لا بدّ من ان يقود مسار الدولة إلى التغيير المنشود أقله في ثلاثة جوانب أساسية:
– الجانب الأول، يتعلّق بإدارة الدولة لناحية تمسّك رئيس الجمهورية بتطبيق الدستور ورفضه منطق المقايضات والصفقات والمساومات وغض النظر. وان يكون القدوة في القرارات التي يتخذها والتعيينات التي يعتمدها بعيداً من المحسوبيات والزبائنيات، وعلى أساس معياري الكفاية والجدارة. فالدولة على صورة رئيسها، ولا يستطيع الرئيس ان يدين غيره إذا كان يعتمد في ممارسته سياسة الصيف والشتاء على سطح واحد، ويبدّي مصالحه الشخصية ومصالح المحيطين به، فيما يستطيع ان يشكّل العدوى الإيجابية وان يُحرج غيره في تفانيه وشفافيته ورفضه أي شيء لنفسه.
– الجانب الثاني، يرتبط بموقفه الصارم لجهة انّ ما للدولة هو للدولة، وهي صاحبة القرار ولها وحدها الكلمة الفصل، ويرفض أي شراكة لأي فريق معها من دون الحاجة إلى الصدام معه، وأن لا يسمح بالخلط بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي، لأنّ الانحدار والانهيار الفعليين بدأا عندما سقط “زيح” الفصل بين الدولة والدويلة.
– الجانب الثالث، يتصلّ بتمسكه بأفضل العلاقات مع المجتمعين الدولي والعربي وتحديداً الخليجي، وان يرفض استمرار لبنان منصّة لاستهداف هذه الدول إن سياسياً أو أمنياً أو عن طريق تصدير المخدرات، وان يحرص على إدانة أي اعتداء سياسي او غيره ضد هذه الدول التي عليها ان تتفهّم بدورها انّ لبنان الرسمي ملتزم بأفضل العلاقات معها، ولكن ما في اليد حيلة في ظل حالة الأمر الواقع القائمة، والتي تشكّل معالجتها مسؤولية دولية وعربية ولبنانية، اي انّ على هذه الدول ان تميِّز بين لبنان الدولة ولبنان الدويلة”.
وأضافت المصادر: “يخطئ من يعتبر انّ الفرصة غير متاحة، وان يستسلم للإحباط والأمر الواقع. فالفريق الآخر في أضعف مراحله ولحظاته بسبب فشله وانكشاف مشروعه أمام الرأي العام، بأنّه قاد البلد إلى الانهيار، فيما لا حلّ سوى في دولة المؤسسات، والانتخابات الرئاسية تشكّل مدخلاً فعلياً لإعادة إنتاج سلطة تشبه الناس وتحكم باسم الشعب اللبناني، وتحدّ من تمدُّد الفريق غير الشرعي داخل المؤسسات الشرعية، وتعمل في المقابل على تمدُّد مشروع الدولة على الحدود وداخل المؤسسات، وتنتهج نهجاً إصلاحياً وشفافاً يوقف الهدر والفساد، ويقرّ القوانين الإصلاحية التي تبدأ باستقلالية القضاء ولا تنتهي بقانون التعيينات، وتعطي لكل صاحب حقّ حقه على قاعدة الكفاية لا المحسوبية”..
وختمت المصادر: “انّ المعارضة مدعوة إلى وضع كل جهودها لتوحيد صفوفها والفوز في الاستحقاق الرئاسي الذي يأتي مرة كل 6 سنوات، فضلاً عن انّ الفوز في هذا الاستحقاق يدفع في اتجاه ترجمة التغيير الذي اقترعت الناس من أجله في الانتخابات النيابية الأخيرة، فيما تفويت هذه الفرصة يعني تمديداً للأزمة لولاية رئاسية جديدة”.