6 أسابيع فقط… وينهار الأمن الغذائي
للمرة الأولى منذ ثورة 17 تشرين 2019، يدخل الأمن الغذائي مدار الإنهيار، بفعل تجميد العديد من الشركات المستوردة للسلع والمواد الغذائية لعمليات الإستيراد، بانتظارحلّ أزمة الإضراب في القطاع العام، والذي أدى بنتيجة غياب موظفي وزارتي الزراعة والإقتصاد عن العمل في مرفأ بيروت، إلى تكدس البضائع بانتظار إنجاز إجراءات التأكد من سلامتها قبل وضعها في الأسواق.
وبما أنه بات من المعلوم أن لبنان يستورد 80 % من غذائه من الخارج، فإن نسبة الـ 20% التي تؤمنها السوق المحلية، لا تكفي لسدّ الفجوة التي ستنشأ في مهلةٍ، أقصاها 6 أسابيع كحدٍ أقصى. وهذا الواقع هو الذي دفع بنقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، والذي كان دأب على طمأنة الرأي العام حول سلامة وأمن الغذاء، إلى التحذير من خطورة استمرار الإضراب وبأن الوضع يتجه نحو الأسوأ.
وكشف بحصلي ل”ليبانون ديبايت”، أنه خلف مظاهر الحياة الطبيعية في المرافق السياحية وبعض المجالات الإقتصادية، تختبىء حقيقة مختلفة تتناقض مع كل هذه المظاهر، وتتمثّل ببدء انهيار مرتكزات الأمن الغذائي بشكل جدي وخطير لكل اللبنانيين باستثناء قلّة قليلة ، ستكون قادرة خلال أسابيع معدودة، على تحمّل كلفة وثمن الغذاء.
وعن الأسباب الفعلية لهذه التهديد، يوضح بحصلي، أن البيانات المطلوبة من أجل إدخال السلع والمواد الغذائية إلى المرفأ، تتطلب بأن يعمل الموظفون المضربون حالياً، لمدة 6 أيام في الأسبوع لإنجاز عملية تحليل وفحص جودة وسلامة هذه السلع، ثم منح الإذن بإدخالها، وذلك من قبل وزارتي الزراعة والإقتصاد.
وإضافةً إلى المعاملات الإدارية، تأتي كلفة إبقاء البضائع في المرفأ، ما يعني وفق بحصلي، زيادة الأسعار والذي سيتحمله المواطن وحده، وهو ما يجعل المواطن في مواجهة الموظف المتوقف عن العمل للمطالبة بحقوقه المشروعة. وبالتالي، فإن النتيجة ستكون ارتفاع الأسعار أو انقطاع المواد، وفي الحالتين، فإن الخشية تبقى بأن يتمّ المسّ بالأمن الغذائي للمواطن، من خلال ضرب مرتكزاته الثلاث وهي: عدم تأمين السلعة وقطع طريق إمدادها إلى المستهلك أولاً، وانتهاء مدة صلاحيتها وجودتها بفعل التأخير في المعاملات ثانياً، وفي حال وصلت السلعة متأخرة فإن ثمنها سيرتفع وقد يتضاعف وسيعجز المواطن من الحصول عليها ولو توافرت في الأسواق، ما يؤدي إلى فقدان الركيزة الثالثة للأمن الغذائي.
وفي هذا المجال، يكشف بحصلي عن أن هذا الخلل في ملف الغذاء، دفع ببعض الشركات إلى الإمتناع عن استيراد شحنات جديدة من المواد الغذائية، وخصوصاً التي تتطلب التبريد . وبالتالي، يعتبر بحصلي إن الإضراب قد وضع الموظف في مواجهة مع المواطن لأنه المتضرر المباشر، بينما القطاع العام والذي يمثل الدولة يضرب احتجاجاً على الدولة وكأن الدولة تُضرب بوجه الشعب.
ويخلص إلى الـتأكيد بأن انقطاع البضائع والوصول إلى مرحلة “الرفوف الخالية” في المتاجر، سيؤدي إلى نتيجة وحيدة وهي أسعار مرتفعة وتهديد الأمن الغذائي، وهو ما لايتحمّل مسؤوليته المستورد بأي شكلٍ من الأشكال.