كتبت “المركزية”:
صحيح أن ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية انكفأ جزئيا عن الاضواء المحلية بفعل الانشغال بالسجال حول تأليف الحكومة وبالازمات المعيشية، الا انه عائد بقوة الى سلم الاولويات الرسمية في الساعات القليلة المقبلة.
ففيما لا تزال اصداء مسيّرات حزب الله الى كاريش، تتردد في الاجواء الداخلية والاقليمية، يتطرق الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في كلمته مساء اليوم في ذكرى حرب تموز الى القضية هذه ويُفرد لها مساحة واسعة من اطلالته. والعيونُ شاخصة بقوة الى ما سيقوله لمعرفة ما اذا كان الحزب لا يزال يقف خلف الدولة اللبنانية في هذا الموضوع، ام ان ايران قررت اليوم، بالتزامن مع زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة، تغييرَ قواعد اللعبة، وأخذَ ورقة الترسيم رهينة في يدها عبر حزب الله، خاصة وانها تدرك مدى اهمية التوصل الى اتفاق بالنسبة الى تل ابيب لتنطلق سريعا في عمليات التنقيب، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
وقبل حديث نصرالله، ابدى رئيس مجلس النواب نبيه بري تشددا في صون الحقوق اللبنانية في بيان اصدره امس في ذكرى حرب تموز ايضا. غير ان كلامه يعكس موقفا مبدئيا لا يختلف عليه اللبنانيون، خلافا لكلام نصرالله الذي يتحدث دائما ويتصرف، وفقا للمقتضيات الايرانية.. وقد قال بري ان “لبنان سيدافع عن موارده البحرية والبرية، كدفاعه عن برّه خلال العدوان الإسرائيلي، طالباً من اللبنانيين التوحّد وعدم إسقاط البلد من داخله”.
في الغضون، تقدّمت الحكومة الإسرائيلية بشكوى لمجلس الأمن الدولي بشأن طائرات “حزب الله” المسيّرة. ونقل الموقع الإلكتروني الإسرائيلي 0404، مساء امس، عن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان قوله إن “حكومة بلاده طالبت مجلس الأمن بالتدخل بعد إطلاق “حزب الله” لطائرات دون طيار فوق منصة كاريش للغاز الطبيعي الأسبوع الماضي”. وذكر الموقع الإسرائيلي أن “إسرائيل قد ادعت أن إطلاق “حزب الله” للطائرات المسيرة نحو حقل الغاز “كاريش” يعد استفزازاً وانتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن، وأن تل أبيب ستتخذ جميع الإجراءات لحماية بنيتها التحتية للطاقة”… في المقابل، تردد ان الخارجية اللبنانية تحضّر لشكوى ضد الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية.
وسط هذه المعطيات كلّها، التي تؤكد ان الترسيم عائد ليتصدّر المشهد اللبناني، تقول المصادر ان الولايات المتحدة الأميركية ستحرّك القضية هذه من جديد في قابل الايام وستفعّل وساطتها بعيد جولة بايدن في الاراضي المحتلة والتي سيرافقه خلالها الوسيطُ في الملف اموس هوكشتاين. فهل سنشهد عودة الى الناقورة ام ان التصعيد سيعود ليصيب مواقف كل من لبنان وحزب الله من جهة وتل ابيب من جهة اخرى، خاصة اذا ما أصرّت الاخيرة على عدم حصول لبنان على حقل قانا كاملا؟