هل أصبح لبنان رسمياً بلداً فقيراً؟
على أطلال دولة مفلسة وسوء إدارة وفساد، إندلعت ثورة في سيريلانكا، تردّدت أصداؤها بقوة في الشارع اللبناني، حيث مشهد الفساد والإفلاس، وبالتالي الفقر، وصولاً إلى تصنيف لبنان ضمن فئة البلدان ذي دخل متوسط أدنى، أي أن دخل اللبناني هو أدنى من دخل المواطن في سيريلانكا أو مصر، وإن كان ما زال متقدّماً على إيران وبعض الدول الأفريقية. فهل أصبح لبنان رسمياً بلداً فقيراً؟
الخبير الإقتصادي، ومدير المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، أوضح لـ “ليبانون ديبايت”، أن القدرة الشرائية للمواطن قد تراجعت، وبنسبة تتجاوز النسبة المتدنّية التي حدّدها البنك الدولي لدخل اللبناني، لافتاً إلى أن سبب التصنيف هو تراجع وانهيار الناتج المحلي، وانهيار الدخل الوطني من 53 مليار دولار إلى 21 مليار دولار. وعزا السبب إلى ركود اقتصادي غير مسبوق، بعدما أقفلت شركات عدة أبوابها وسرّحت موظفيها، وبالتالي، تسجيل نمو سلبي منذ العام 2018 إلى اليوم.
وبرأي الخبير مارديني، فإن الوضع سيء على مستوى العمل والإنتاج والحركة الإقتصادية من جهة، انهيار سعر الصرف من جهة أخرى. فالمواطن اللبناني كان يتقاضى قبل أزمة 2019 ثلاثة ملايين ليرة كانت قيمتها الشرائية تعادل 2000 دولار، واليوم على سعر صرف يقارب ال30 ألفاً، فإن أل 3 ملايين ليرة تؤمّن قدرة شرائية ب 100 دولار، وذلك يعني انهياراً كبيراً جداً في القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، وبما يتجاوز الأرقام التي استند إليها التصنيف الصادر عن البنك الدولي، لا تأخذ بعين الإعتبار انهيار سعر الصرف الذي حصل في العام2022، بل الذي حصل في 2021، وبالتالي، فهو كشف أن لبنان أصبح بلداً فقيراً، واليوم زاد مستوى الفقر، وإذا كان التصنيف سيئاً، فإن الواقع أسوأ بكثير.
ومن المعلوم، بحسب مارديني، أن هذا التراجع يفتح المجال أمام الإعانات الدولية للبنان، وقد يحمّس بعض الدول لمساعدته، ولكن لا ثقة اليوم لدى المجتمع الدولي بأن تصل المساعدات إلى من هم بحاجة لها، لكنه كشف عن رأي عام دولي، وعن نوعٍ من التوافق الدولي، على أن كل تلك الأموال ستُسرق وتُرسل إلى سويسرا، أو إلى الجزر العذراء، أي إلى حسابات المسؤولين وليس إلى الشعب اللبناني. وبالتالي، لا ثقة بالطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، وهذه هي المشكلة الأساسية التي تواجه لبنان، ولذا، يجب معالجة موضوع الفساد قبل أن يتوقّع اللبنانيون أي مساعدات دولية.
وشدّد مارديني، على أنه اذا تمّت معالجة الفساد الذي سبّب هذا الفقر لن يكون بحاجة لمساعدات، لأن لبنان يمتلك كل المقوّمات ليكون لديه اقتصاداً مزدهراً، ولكن منذ اندلاع الأزمة في العام 2019 إلى اليوم لم تتحقّق أية إصلاحات، كما أن نهج السلطة لم يتغيّر منذ الإنهيار، وبالتالي، فإن الوضع الإجتماعي يتّجه نحو الأسوأ في كل يوم.
المصدر : ليبانون ديبايت