حركة باهتة للأسواق قبل عيد الأضحى
كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
توالت أعيادٌ عدة على مرّ الأزمة التي يعيشها اللبنانيون منذ سنتين ونيف، ومع كل عيد يمنّون النفس بقرب الفرج والعودة الى ربيع حياتهم السابقة التي كان فيها للعيد بهجته وفرحه ومستلزماته التي يؤمنونها من دون أي حسابات ويتسابقون إليها.
لا أعياد أو مهرجاناتٍ أو مناسبات يمكن لها أن تختم الجرح الذي يعانيه معظم اللبنانيين، فالأوضاع التي يمرّون بها لم تترك للفرح مكاناً في قلوبهم، يلهثون وراء رغيف الخبز الذي بات من المستحيلات في زمن أزمة الطحين التي يقف خلفها معدومو الضمير، الذين يذلون الناس على أبواب الأفران عن سبق إصرار وانعدام إحساسٍ بالمسؤولية. وفيما كانت هذه الأيام مناسبةً للبهجة والسرور، للتنزه والتسوق على بعد أيام من العيد لإدخال الفرح في قلوب الأطفال وجمع الأصدقاء والأحبة، باتت عبئاً ثقيلاً على قلوب من لا مال في أيديهم، ومن فقد أبسط مقومات حياته.
باهتةٌ حركة السوق التجاري في بعلبك قبل أيام من عيد الأضحى المبارك، لا أجواء تشي بإقترابه سوى تكبيرات المساجد، ولا فرحة تشعُّ من عيون الأطفال بعدما استكملوا شراء الثياب، ولا «همكةً» على أصحاب محال الحلويات للتوصية على أقراص العيد، فالكل منشغلٌ في تسيير أمور يومه من خبزٍ وماء وطعام، أما مستلزمات العيد فأصبحت من الماضي وتختفي كل عام أكثر من قبل بعدما ضاقت حبال الأزمة على رقاب الناس، واستفحل الدولار في خلط أوراق الأسعار التي تكوي جيوب البقاعيين حتى بات راتب الواحد منهم لا يشتري ثياب العيد لأطفاله، وإنصرف همه من استقبال العيد الى البحث عما يبقيه على قيد الحياة بعد إنعدام السبل.
لا زحمة تذكر إلا أمام الأفران لشراء الخبز حيث تستمر الأزمة في بعلبك الهرمل من دون أي حلول، السيارات تكاد لا تتوقف في السوق خلافاً لما كان يشهده خلال السنوات السابقة من زحمة تخنق الأنفاس، حيث يقصد أبناء القرى والبلدات البقاعية سوق بعلبك التجاري من الهرمل وصولاً الى بدنايل وجوارها لقضاء حاجات العيد، وفي وقتٍ لا يزال البعض قادراً على الشراء وينزل للتسوق كون أوضاعه المالية جيدة أو يعتمد على مغتربٍ يمده بالدولار الطازج، يقول علي ج.، وهو صاحب محل متواضع لم يسعّر بضاعته على الدولار بعد، لـ»نداء الوطن»: «إن الأوضاع المعيشية صعبة جداً وتتزامن مع إضراب للمؤسسات العامة التي كنا نعتمد على موظفيها في السابق، أما اليوم فحالتهم سيئة جداً ولم يقبضوا رواتبهم هذا الشهر حتى الآن، والحركة التجارية تتراجع عما قبل، أما من يملكون الدولار فلم يعد سوق بعلبك وجهتهم»، ويضيف: «المهرجانات التي أقيمت في بعلبك كمهرجان التسوق أصيبت بنكسةٍ أيضاً بسبب الأوضاع المادية الصعبة ليبقى التعويل على المهرجانات الدولية، والأسعار متقلبة في سوق بعلبك ولكنها تتناسب مع جميع الفئات إذ هناك محال للجميع وكل حسب إمكانياته».
على خط الناس، لم تشتر إحدى السيدات أياً من مستلزمات العيد وفق ما تقول لـ»نداء الوطن» وهي بالكاد تستطيع أن تؤمن لأطفالها الثلاثة ربطة الخبز بعد جهدٍ وطول انتظار، معتبرةً أنها «من أسوأ الأيام التي مرّت علينا طوال حياتنا، فلا راتب يكفينا ولا مسافر يسندنا ليبقى أملنا بالله وحده».