تناول وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام خلال مؤتمر صحافي عقده في مكتبه، موضوع القمح، وقال: “إن المواطن اللبناني همي الأول والأخير، خصوصا في هذه المرحلة الصعبة. وكوزير للاقتصاد، إني معني مباشرة بملف الأمن الغذائي وباللجنة الوزارية المكلفة متابعة هذا الموضوع. منذ بداية الأزمة، أعطيت رسائل تفاؤل، لا سيما عندما بدأت أزمة أوكرانيا وروسيا، فكنت أعطي معلومات دقيقة عن توافر القمح، وكنت أكثر دقة في دحض كل الأخبار الكاذبة التي كانت تصدر لاستغلال أزمات الناس وظرف لبنان تحديدا. ولذا، أريد أن أكون صريحا كعادتي في إطلاق التحذير الذي أريد أن أوصله، والوعي الذي أضع فيه الرأي العام اللبناني تجاه ما يحصل اليوم”.
أضاف: “نحن أمام حرب جدية في موضوع الأمن الغذائي عالمياً، وفي حرب وسلب ونهب في موضوع الامن الغذائي محليا في لبنان. وهنا، أتحدث عن تجار الأزمات الموجودين دائما لاستغلال الظروف الصعبة، فكل أسبوع تواجهنا أزمة في موضوع القمح والطحين والخبز، وهذه تعتبر أزمات نصب واحتيال واستغلال للمال العام”.
وأشار إلى أن “الدولة ما زالت تدعم القمح مئة في المئة”، وقال: “هناك احتكار لمادة الطحين عند التجار في معظمهم، مع أن هناك تجارا جيدون وأوادم، لكننا نواجه اليوم تجار زور يستغلون هذه الظروف”.
أضاف: “نحن أمام حرب ضد الاحتكار وضد سرقة المال العام، لأن القمح مدعوم. كما أننا في حرب ضد إلحاق الضرر بالأمن الغذائي اللبناني وبالمسألة الوحيدة التي لا تزال في متناوله، وهي ربطة الخبز”.
وتابع: “عندما كنت أقول إن القمح متوافر لفترة شهرين، كان القمح يبقى لشهرين، وكذلك عندما قلت إن الدولة متعثرة ولدينا حقوق للسحب من الصندوق الدولي تجاه لبنان، سنستعملها لتغطية القمح. إذا، لم نشأ استعمال أموال الاحتياط، بل حقوق السحب. منذ الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وقبل أن تتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، طلبت مبلغا بقيمة 22 مليون دولار لتغطية القمح لمدة شهرين حتى نضمن أن تبقى مادة القمح متوافرة إلى حين البدء بتنفيذ قرض البنك الدولي الذي حصلنا على موافقة تامة عليه، بانتظار موافقة مجلس النواب”.
وأردف: “مجلس الوزراء أعطاني مبلغ 12 مليونا ونصف مليون بدل الـ22 مليون دولار. ونتيجة ذلك، أصدرنا قرارا عن عدم قدرتنا على الدعم، الا للخبز العربي فقط لا غير من اموال الدولة اللبنانية، حيث انخفضت قيمة الدعم من 50 ألف طن شهريا الى 36 الف طن. وهذه الاموال التي رصدت موجودة، وقد عقدت اجتماعا منذ أيام قليلة مع قائد الجيش بسبب حصول تهريب في القمح، وأوضح لي أن لا تهريب لمادة القمح، وهذه معلومات دقيقة، وقائد الجيش قال إنه لم يتم ضبط أي تهريب بالقمح. اذا، القمح داخل لبنان عند التجار والمطاحن والافران، ونحن خلال الايام العشرة الماضية، المالية اللبنانية متمثلة بوزارة المالية ومصرف لبنان ووزارة الاقتصاد دفعت الـ22 الف طن، حيث تم تحرير الدفعات بالكامل، فدخلت 4 بواخر تغذي اكبر مطاحن في لبنان تعطي معظم المناطق اللبنانية”.
وقال: “في وزارة الاقتصاد يأتي تاجر يطلب دعم كميات من الطحين، فأقوم بدراسة الملف حيث يرفع الى مصرف لبنان ليدرسه، ثم يعطي الموافقة ليمشي القرض، 4 بواخر 22 الف طن، انتهت البارحة، هذه الكميات المدعومة لم يتم طحنها بعد، إضافة الى 22 الف طن، كما وقعنا على باخرتين جديدتين بسعة 7 آلاف طن، يعني 29 الف طن من القمح المدعوم، فإضافة الى هذا الموضوع توجد مطحنة تعطي منطقة الجنوب والضاحية كان لديها باخرة بسعة 7 آلاف طن، وقد رفضت وزارة الزراعة دخول هذه الكميات من القمح لأنها لم تكن مطابقة للشروط، ومنذ شهر ونصف الشهر طالبت باستبدال هذه الباخرة وقد أتتني معلومات باستبدالها، حيث يجب ايجاد حل لها لأنها مدفوعة من المال العام بقيمة تصل الى ما يزيد عن 3 ملايين دولار، اذا، لدينا 29 الف طن زائد 7 آلاف طن يتم تحريرها في الاسبوع المقبل أي لدينا 36 الف طن من القمح المدعوم المدفوع بشكل كامل من الدولة اللبنانية اضافة الى جداول مما تبقى من قمح مدعوم من قبل، حيث كان عندي تقريبا عشرة آلاف طن، واذا أتينا بالعشرة الاف طن اضافة الى 36 الف طن ما يعني عندنا حوالي 46 الف طن من القمح المدعوم، والذي سعينا جاهدين مع الدول من اجل استمرار وصوله الى لبنان”.
أضاف: “في لبنان، لدينا 46 ألف طن من القمح المدعوم، الذي سعينا جاهدين مع دول الخارج والمصدرين على إبقاء أسواقهم مفتوحة لنا، لا سيما أن كل الدول أوقفت أو خففت تصدير القمح إلى دول أخرى غيرها. نسمع اليوم النقباء ورؤساء اتحادات يقولون لا قمح لدينا في لبنان ولا طحين. ومن جهة أخرى، ينفي قائد الجيش وجود تهريب. إذا، أين ال46 ألف طن، أيها القطاع الخاص؟”.
أضاف: “لإنتاج الخبز العربي، نحتاج إلى 36 ألف طن شهريا، فنحن ندعم القطاع الخاص كي يطعم الشعب اللبناني لا ليخزن القمح لديه أو ليحتكره او يهربه من الباب الخلفي. نرى صورا على منصات التواصل الاجتماعي تشير إلى أنهم يبيعون على السعر غير المدعوم”.
ولفت إلى أنه “يتم الطلب من الدولة لتقف بجانب المواطنين، ثم يأتي القطاع الخاص ليسرقهم”، وقال: “مسؤوليتنا تقتضي بملاحقتكم، لكني أسأل أين حسكم الاجتماعي والانساني تجاه المواطنين الذين يرسلون أولادهم إلى المدارس من دون سندويشات؟ تصلني يوميا أسئلة عن سبب انقطاع الخبز، فالخبز غير مقطوع. لقد دعمنا القمح، والكميات أدخلت على جداول الجمارك. هناك 7 آلاف طن لم تدخل بعد، إنما هناك 36 ألفا دخلت الأراضي اللبنانية، فكيف هناك أزمة قمح؟”.
أضاف: “إذا كانت المطاحن تختلف مع بعضها، فهذه تعطي هذه المنطقة، وتلك تعطي منطقة أخرى، فهذا أمر معيب، وبدءا من اليوم، سيكون لنا كلام آخر من ناحية الملاحقة. أجريت اليوم، اتصالات مع النيابات العامة المالية المعنية بكل المناطق، وانطلاقا من الاثنين ستبدأ ملاحقاتها لأنكم تسرقون المال العام”.
وتابع: “أنا لا أعمم طبعا، فهناك أشخاص جيدون، لكن من يحتكرون ويخزنون ويغشون عبر بيع القمح المدعوم بسعر غير مدعوم ستتم ملاحقتهم وتتخذ الاجراءات بحقهم الى أقصى الحدود”.
وأردف: “فليتفضل القطاع الخاص بتغذية المناطق التي تعاني من الانقطاع، نحن قمنا بتأمين التمويل والعلاقات الدولية وقرض يؤمن هذه المادة لتسعة اشهر، وطلبنا منكم التفاعل مع الوضع الاجتماعي والوطني لفترة شهر ونصف شهر حتى ننفذ عقد البنك الدولي، لكن بدا ذلك صعبا عليكم إذ تعملون على سرقة المواطنين وجني المزيد من الأرباح في هذه الازمة”.
وطالب “من لديه كمية إضافية من القمح فليبعها إلى المناطق المحتاجة”، وقال: “معيب ما يحصل، فالمتضرر الوحيد هو المواطن، أي أهلكم وناسكم”.
وردا على سؤال، قال: “إن الدولة بكل أجهزتها الأمنية والقضائية والإدارية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن القيام بالدور الرقابي. نشكر كل المعنيين والنقابات الذين يودون التدخل للمساعدة، إنما اطلب منهم القيام بما يتوجب عليهم من مسؤوليات ضمن الاصول الاجتماعية والقانونية المطلوبة منهم، وليتركوا لنا مهمة إعداد الجداول والكميات وتوزيعها. إنهم يريدون القيام بدور الدولة اللبنانية ويتحججون بأن الدولة عاجزة عن القيام بذلك. أما أنا فأقول لهم كونوا وطنيين وساعدونا من خلال تقديم المعلومات والأسماء عمن يسرق”.
أضاف: “من خلال الجهاز الرقابي والقانون، أستطيع القيام بعملي، فكل ما أطلبه إعطائي المعلومات، وأنا أقوم بالملاحقة القانونية”.
وعن مطالبة البعض برفع الدعم عن القمح، قال سلام: “كل من يطالب اليوم برفع الدعم هو مجرم بحق المواطن اللبناني. نحن لا نستطيع رفع الدعم، إذا لم يكن لدينا برنامج لخطة B يغطي تحديدا الناس الذين لم يعد لديهم القدرة على شراء ربطة الخبز”.
أضاف: “نعرف أن الدعم ليس بالأمر الجيد، لأننا لسنا نعيش بنظام مالي جيد واقتصاد يستطيع الاستمرار. رفعنا الدعم عن كل شيء، وضربنا الناس بالدواء، ولا تزال ربطة الخبز الوحيدة المدعومة”.
وتابع: “لا يمكن رفع الدعم عشوائيا، إن لم يتأمن للمواطن الغطاء الاجتماعي اللازم. توجهنا إلى الاقتراض من البنك الدولي لنعد برنامجا لفترة تسعة أشهر يؤمن الدعم الاجتماعي من أجل أن يستطيع المواطنون شراء حاجاتهم من الخبز من دون الاستمرار في دعم التجار وشراء القمح”.
وأشار إلى أن “قرض البنك الدولي ليس فقط من أجل تأمين الدعم”، لافتا إلى أن “هناك أزمة قمح وحربا على الأمن الغذائي، كما يتم تداوله في الأخبار العالمية”.
وختم: “رفع الدعم عن الطحين الاكسترا، ولا توجد مطاحن جديدة غير الـ12 الموجودة أصلاً. منذ اليوم، نعلن الحرب على احتكار مادة القمح، وسأكمل جولة الاتصالات مع القضاء والاجهزة الامنية لمؤازرة مراقبي حماية المستهلك لان هناك عشرات الالاف من أطنان القمح المدعوم، ومن غير المسموح أن تخزن، وألا توزع على الأفران”.