رقمٌ قياسيّ جديد بالإخفاق: لبنان أسوأ من فنزويلا!
كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
رقم قياسي جديد بالإخفاق حققه لبنان في الأسواق المالية العالمية. إذ سُجّل للمرة الاولى منذ إعلان التخلف عن السداد في آذار 2020 تداول سندات “اليوروبوندز” اللبنانية عند 9.2 سنتات للدولار، مقابل 9.5 سنتات لديون فنزويلا المماثلة وفقاً لـ EMFI. إذا كان انهيار قيمة سندات الدين الاجنبية لفنزويلا مرتبطاً بالعقوبات الاميركية، فإنّ “فقدان حملة السندات الاجنبية الثقة بإمكانية تنفيذ لبنان الشروط الإصلاحية المطلوبة للدخول مع صندوق النقد الدولي في برنامج إنقاذي، هو وراء التدهور الكبير في السندات اللبنانية”، بحسب الخبير المالي في الأسواق الناشئة صائب الزين.
يبلغ الدين العام بالعملة الأجنبية “يوروبوندز” 36.7 مليار دولار، من ضمنها “يوروبوندز” بقيمة 31 ملياراً موزعة على سندات بقيمة 100 دولار للسند الواحد. الانتكاسة الاولى للسندات كانت مع استشعار المستثمرين إمكانية تخلف لبنان عن تسديد ديونه، فانخفض التداول بالسند الواحد إلى 57 سنتاً للدولار الواحد مطلع آذار 2020، ليتبعه تدهور دراماتيكي بقيمة السندات، خصوصاً مع تعمد المصارف اللبنانية الحامل الأكبر لها التخلص منها. فتراجعت حصتها إلى حدود 8 مليارات دولار فيما ارتفعت حصة غير اللبنانيين من شركات عالمية وصناديق إلى أكثر من 18 مليار دولار، وحافظ مصرف لبنان على 5 مليارات دولار.
القيمة التي يتم التداول بها لهذه السندات تعكس الثقة بالدولة أولاً، والقدرة على السداد عند الاستحقاق ثانياً، والعنصران لم يعودا متوفرين في لبنان، ويظهر أنهما لن يتوفرا في المدى القريب. “فبعد عامين ونصف العام على تضييع السياسيين فرصة التعاون مع صندوق النقد الدولي، والعقم الفاضح في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة رغم اجتراح الخطط والحلول، فقد المستثمرون الأمل بامكانية تحقيق لبنان الشروط المسبقة لصندوق النقد”، يقول صائب الزين. وهذا ما كان قد أكد عليه كل من تقرير الامم المتحدة الأخير بأن “الأزمة هي من صنع الانسان”، والبنك الدولي الذي اعتبر في تقرير “الانكار الكبير” أن “قيادات النخبة في البلاد التي تسيطر منذ وقت طويل على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية دبّرت الكساد المتعمد”.
الدائنون الذين ظلوا حتى اللحظة الأخيرة مؤمنين بإمكانية معالجة الأزمة، والتفاوض على إعادة هيكلة الدين بطريقة محترفة فقدوا الأمل كلياً وقرروا التخلص مما بين أيديهم من سندات بأي سعر. ومما يزيد الأمر سوءاً هو “الاستمرار في استنزاف ما تبقى من عملة صعبة في المصرف المركزي”، برأي الزين، “إضافةً بالطبع إلى كلفة تضييع الوقت وانعدام الثقة”.
انهيار قيمة السندات اللبنانية لا يجنب الدولة اللبنانية تسديد قيمتها، بل على العكس فإن المستثمرين سيفاوضون للحصول على أكبر مكسب ممكن، هذا في حال سارت الأمور بمسارها الصحيح ولم تتطور إلى رفع دعاوى قضائية ضد الدولة اللبنانية.