“أكثريتان نيابيتان” في جلسة واحدة؟
كتب جورج شاهين في” الجمهورية” أجمع الحاضرون عند البحث عن مصير الأكثرية والأقلية النيابية في تركيبة المجلس الجديد، على انّ جلسة أمس الاول عبّرت عن وجود اكثريتين في جلسة واحدة. فما تمكن بري من حصده من الأكثرية المطلقة التي ضمنت له الفوز من الدورة الاولى، لم تكن هي نفسها التي حكمت معركة نائب الرئيس. فلكل من الرئيس ونائبه أكثرية خاصة بكل منهما، وقد ارتبط تكوينها بالنظرة الى الشخص من دون الموقع. فليس هناك من ينكر انّه كان للتجديد لبري دورة سابعة من دون انقطاع، أكثرية غير تلك التي أنتجها انتخاب نائبه. فانتقال كتلة «اللقاء الديمقراطي» بما فيها نواب الحزب «التقدمي الإشتراكي» ومعهم مجموعة النواب من قدامى «المستقبل» وعدد من كتلتي «لبنان القوي» و«إنماء عكار» المُحدثة، وعدد لا يستهان به من المستقلّين، من ضفة الى أخرى بين محطتي انتخاب الرئيس ونائبه، عوّضته الأكثرية الساحقة من نواب «الثنائي الشيعي». فقد صبّوا بمعدل 26 من 27 لصالح نائب الرئيس، حتى تساوت الموازين بالحجم القليل من الأصوات التي ضمنت الفوز لبوصعب.
وإن وجّه البعض اللوم إلى بعض النواب التغييريين الذين «تلهّوا» في المرحلة الأولى من انتخاب نائب الرئيس بالأوراق البيض وبالشعارات التي ألغت أخرى، فقد كان عليهم التنبّه إلى انّ صوتاً واحداً كان كفيلاً بإعطاء الارجحية لبوصعب، عندما انتقل من محطة الـ 64 صوتاً الى محطة الـ 65 التي نالها. وهنا يمكن التصويب، انّ لو أُضيفت الأوراق الـ 13 الى الأصوات الـ 59 للسكاف التي نالها من الدورة الأولى، لكان التوازن تحقّق بدقّة بينهما بمعدل 64/64، ولن يضمن فوز السكاف. ولذلك توجّهت الانظار الى إمكان تحديد اسم النائب الوحيد الذي نقل بوصعب إلى مرتبة الـ 65 صوتاً في الدورة الثانية. وقد ضاعت الحسابات في إمكان الإشارة اليه، سواء انتقل من لائحة أصحاب الأوراق البيض او الملغاة، أو من ناخبي السكاف في الدورة الأولى، فالنتيجة واحدة ولا فارق في ما تحقق من نتائج.
وعلى هذه الخلفيات، انتقل الحديث عن طريقة تكوين الأكثريات النيابية في المرحلة المقبلة. فاتفق الجميع على وقف الجدل في شأنها انتظاراً لأي محطة يُطرح فيها أي موضوع للبت به. فهناك أكثريات مضمونة في بعض الملفات الاستراتيجية كما يعتقد أصحاب الاكثرية التي فازت في أولى المواجهات امس الاول، فيما يعتقد الآخرون انّ ذلك سيكون لمصلحتهم في ملفات وعناوين أخرى. وهنا تكمن المعضلة الأساسية التي سترافق البحث عن «الأكثرية الضائعة» في مصير استحقاق تسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة في أقرب الاستحقاقات المدبّرة على البلاد، إلى ان يصل الجميع الى استحقاق انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.
وعندها يمكن البحث مجدداً عن «الأكثرية المطلوبة» التي ستأتي بالرئيس المكلّف. وهي محطة يدفع الاقتناع بها الى انتظار الأجواء الاقليمية التي ستحسم هذا الاستحقاق، وعندها يخلق الله ما لا تعلمون. فنواتها ستتكوّن مما يجري طبخه في الخارج، قبل ان يصل المدققون في البحث عن «الاكثرية الجديدة» التي توفّر الانتقال من عهد إلى آخر، إن بلغت البلاد هذه المرحلة الدستورية المحاطة إلى اليوم بكثير من الغموض. ولذلك اتفق الجميع على القول، إنّ كل شيء قابل للبحث والتطور في حينه، مع التحذير من القول المأثور: «من طلب الشيء قبل أوانه عوقِب بحرمانه».