لبنانمباشر

“الموت” يُلاحق اللبنانيّين من كلّ الجهات.. وظاهرة لافتة!

كتبت كريستال النوّار في موقع mtv:

يعيش اللبنانيّون ظروفاً قاسيةً للغاية تُدمّر صحّتهم النفسيّة والعقليّة. ومن تداعيات هذا الواقع، زيادة الطّلب على خدمات الصحّة النفسيّة بشكلٍ ملحوظ، كمُحاولةٍ للتمسّك بأملٍ صغير للبقاء على قيد الحياة.

تشرح الدكتور في علم النّفس العيادي والمُعالجة النفسيّة رنا حداد، في حديثٍ لموقع mtv، كيف يتمّ القضاء على الصحّة النفسيّة والعقليّة عند اللبنانيّين. وتقول: “الضّغوط التي يعيشها الشعب من خسارات ماديّة ومعنويّة وصدمات، كلّها أمور ثقيلة لا يُمكن أن تبقى داخل الإنسان من دون أن تتفجّر بشكلٍ ما. ولأنّ كلّ شخصٍ يُعبّر بطريقة مُختلفة، يظهر الوجع بسلوكيّاتٍ متعدّدة كردّات الفعل العدوانيّة والميل إلى العزلة واضطرابات النوم وقلّة التركيز والنّسيان الذي يُعتبر شائعاً إلى حدّ كبير مع عوارض نفسيّة أخرى تؤثّر أيضاً على الصحّة الجسديّة”.

ويُمكن مُلاحظة انتشار ظاهرة النسيان على نطاقٍ واسع وكبير لدى شريحة كبيرة من اللبنانيّين. هنا، يُفسّر علم النّفس هذا الأمر: “ماذا يريد الشّخص أن ينسى؟ ماذا يؤلمه ولم يعد يستطيع تحمّله لكي ينساه؟ الضّغوط أثقلت كاهل المواطن لدرجة أنّه لم يعد قادراً على الإهتمام بالتفاصيل العاديّة واليوميّة، فينساها لأنّ عقله منشغل بتفاصيل أكبر تُهدّد حياته نفسيًّا وجسديًّا، في ظلّ غياب أدنى مقوّمات العيش الكريم”.

وتُضيف حداد: “الألم والخسارات التي نشهدها تمسّ بأكثر مكان يهزّ الإنسان، فكلّ شيءٍ يرتبط بالخسارة والموت الجسدي أو المعنوي والنفسي، بكيفية الإستمرار والعيش. فعندما يرى المواطن أنّ كلّ الأمور الخارجيّة أقوى منه، يجرّه ذلك على الموت والخسارة بأبعادهما كافة، انطلاقاً من أنّه بات عاجزاً عن المُقاومة. والنّسيان نتيجة الضغوط، يأتي كردّة فعل من الدّماغ لتأمين حماية مُعيّنة للشّخص عندما يشعر باستمرار أنّه مهدّد بـ”الموت!”.

ظاهرة النّسيان ناتجة عن عدّة أسبابٍ منها القلق، التفكير بالماضي وبالمستقبل، وفي حال المُعاناة من اضطرابات النوم، والـstress مثل ضغط العمل أو كثرة الإلتزامات في الحياة الشخصيّة والإجتماعيّة. وتُشير حداد إلى أنّه “في هذه الحالات تنشأ رغبة لاواعية في النسيان. هل يريد أن ينسى الشّخص واقعاً معيّناً يعيشه أو تجربة مؤلمة؟ العلاج النفسي يُساعد لفهم الأسباب الداخليّة التي تزيد من شدّة الحالة”.

كيف يُمكن مواجهة النّسيان النّاتج عن الضّغوط الصّعبة التي يعيشها اللبناني في يوميّاته؟ تُجيب حداد مُشدّدةً على ضرورة عدم الإستسلام واللجوء إلى العلاج النّفسي للمُساعدة على تحديد الأسباب الواعية واللاواعية، والقلق وراء النسيان أو الأسباب الأخرى الكامنة. كما تلفت إلى أهمّية الحرص على تأمين الحاجات الأساسيّة مثل النّوم الجيّد وعم إهمال تناول الطّعام بالإضافة إلى إجراء الفحوصات الطبية الروتينيّة. كذلك، تنصح بتحديد أهدافٍ واقعيّة وصغيرة يمكن تحقيقها وفق الأولويات الشخصيّة، وتقسيم الأمور والتعامل معها من دون زيادة الضّغط على الذات.

“الهستيريا” المُتفشّية في لبنان باتت مُقلقة والصحّة النفسيّة بخطر. النّاجون من الإنفجارات والكوارث المُتعمّدة ليسوا بناجين، بل يعيشون من “قلّة الموت” الفعليّ، ويموتون نفسيًّا مئات المرّات في اليوم الواحد.

مقالات ذات صلة