جاء في “المركزية”:
اكتمل النصاب… انسحب النواب من الجلسة… فكانت النتيجة أن أرجأت اللجان النيابية المشتركة البتّ بمشروع قانون الـ”كابيتال كونترول” ربما إلى ما بعد الانتخابات النيابية… وذلك بسبب رفض نواب “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي” مناقشة الـ”كابيتال كونترول” قبل الاطلاع على “خطة التعافي”.
هذه الخطة التي صبَّت جام الحلول على حساب المصارف والمودِعين، فكانت بإجماع أوساط المال والاقتصاد “خطة كارثية – إفلاسية” وكأنه تداخل فيها العامل السياسي مع العامل الانتخابي… حتى بدا الحل المطروح في خطة التعافي ليس حلاً إنقاذياً إنما تدميري بامتياز، بحسب الأوساط.
من هنا، هل ستعمد المصارف، ولهدف ربط النزاع، إلى تقديم دعوى في حق الدولة اللبنانية ومصرف لبنان معاً؟ “ربما قد تلجأ المصارف إلى هذا الخيار لمعرفة مَن أخذ أموالها وأموال المودِعين” تقول الأوساط لـ”المركزية”، على رغم “أن الدعوى ستكون “نظرية” أي لن تحصّل المصارف منها أياً من أموالها، لكن من المستحيل إبقاء الوضع على ما هو عليه… إذا كُتب لخطة التعافي أن تُنَفَذ فعلى المصارف حماية المودِعين وحماية رساميلها”.
وتؤكد الأوساط أن “المصارف أمام كل الاحتمالات في التدابير التي يمكن أن تتخذها، وهي تدرس الخطوات التصعيدية كافة للغاية المذكورة”. وتسأل في السياق “هل من المنطق تحميل الدولة مسؤولية الانهيار للمصارف فيما تنأى بنفسها عن أي مسؤولية أو التزامات؟ فما ذنب المصارف إذا كان هناك أشخاص في الدولة نهبوا أموالها وأفسدوا إداراتها…؟! فالمنطق يقول “الدولة التي تُعلن تعثّرها عن تسديد ديونها، عليها تحمّل تبعات ذلك لا تحميل المسؤولية لمَن لم تدفع له أمواله!”.
العلاج قاتل…
وتُشير الأوساط إلى أن “صندوق النقد الدولي لم يشهد مثل هكذا سيناريو: إفلاس الدولة والمصرف المركزي معاً! أمرٌ لم يحصل في أي دولة في العالم. الصندوق يقدّم علاجاً لمرض لم يسبق أن رأى مثله يوماً! لذلك فالعلاج المطروح قاتل بدل أن يكون شافياً…
ولم تغفل السؤال “لماذا الحل يطاول المصارف كافة من دون استثناء؟! هل كلها أخطأت و”كلها زلّت بخطوات ناقصة”؟!… وكلها كانت جَشِعةكما يحسبون؟!”، وتعتبر “من السخافة ترداد عبارة أن المصارف أقرَضَت مصرف لبنان… هل من المعقول أن يُقرض مصرف تجاري البنك المركزي؟! إنما طُلب من المصارف إيداع وديعتهم في مصرف لبنان وليس بمبادرة فرديّة من المصارف، إذ لا الاحتياطي الإلزامي ولا الوديعة الحرّة يُعتبران ديناً! علماً أن المصارف لا يمكنها أن تضع سيولتها في الخارج”. وتُضيف: كما أن الرواتب المُوَطَّنة والشيكات المصرفيّة تُسدَد بـ”حوالات” من مصرف لبنان إلى المصارف… فالأخيرة لم تُقرِض الدولة يوماً، أما سندات الـ”يوروبوند” فهي موضوع آخر والدولة مُرغَمة على تسديد جزء منها كون هناك إصدارات خارجية. في اعتقادهم، هم يصفّرون رؤوس أموال المصارف وودائعها، ثم تعمد هي لاحقاً إلى إعادة تكوين سيولتها ورسملة نفسها بالدولار الطازج، تقول الأوساط “علماً أن المصارف رسملت نفسها منذ نحو سنة حيث أمّنت بجهدٍ جهيد 20 في المئة إضافيّة، ثم يعيّرون المصارف بأن هذه النسبة “طارت” كونها أودِعَت في مصرف لبنان… إن لم تضعها في البنك المركزي فأين ستضعها إذاً؟!”. وتسأل “إذا قرّرت الدولة عدم تسديد ديونها لمصرف لبنان، ومصرف لبنان بدوره قرّر عدم دفع التزاماته للمصارف، عندها يحق للأخيرة عدم الالتزام بدفع أموال المودِعين! فالحلقة مترابطة بوضوح…
وإذ خَلُصَت الأوساط إلى أنه “لا يمكن للأطراف المعنيّة كافة البقاء في دائرة الجدلية العبثية .. فإذا قرّرت الدولة أن من مصلحتها ألا يسدّد مصرف لبنان قرشاً واحداً لأحد، كونها لا تريد أن تسدّد ديونها للبنك المركزي، ليتحمّلا إذاً تبعات ذلك على المصارف والمودِعين معاً”، تؤكد أن “الدولة ليست مُفلسة بل لديها ملاءة وفيرة.. فلتَستَخدِمها لدفع ديونها بالطريقة التي تراها مناسِبة. كما أن مصرف لبنان لم يُعلن يوماً أنه متعثّر أو أنه غير قادر على الإيفاء بالتزاماته… إنما كي تحصّل الدولة من صندوق النقد ما مجموعه 3 مليارات دولار على مدى 4 سنوات،عليها شطب 75 مليار دولار من رساميل المصارف وكبار المودِعين!! فيما الجدير ذكره أن مصرف لبنان أنفق 20 مليار دولار في عام واحد!”.
وتختم: الحل المطروح ليس إنقاذياً بل تدميري… بأي منطِق يمكن استعادة الثقة عندما يتم شطب أموال المودِعين! كيف يمكن أن يثق مودِع أخذت الدولة كل أمواله من المصرف؟! إذا كان المقصود استعادة ثقة صغار المودِعين فهؤلاء لا يبنون اقتصاداً بودائعهم المحدودة، وإذا ما استطاعوا سحب كامل ودائعهم فلن يعودوا ويَضعوا مجدداً أي قرش في أي مصرف. فهل مَن يستفيق من حلم “خطة التعافي” ليعود إلى واقع الأزمة الحقيقية حتى يُصيب في التشخيص.. فيَنجح في العلاج؟!