سياسة الحكومة المالية: إجراءات قاسية وتغييرات جوهرية
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
من المقرر ان تناقش الحكومة في جلستها المقبلة مذكرة بشأن السياسات المالية والاقتصادية تقوم على اتخاذ إجراءات استراتيجية ومصيرية تعادل بوقعها على اللبنانيين والنظام المصرفي والاقتصادي والمالي والاجتماعي وقع الأسباب الدراماتيكية التي أدت الى وضع لبنان في سابقة لم يشهدها منذ قيامه لجهة ما يمر به من أزمات مأسوية وعجز الى حدود الإفلاس. ومن أبرز ما جاء في الخطة الحكومية:
“تعتبر الحكومة ان المنعطف الحالي يستلزم حزمة تدابير صارمة، ويتمثل الهدف الاساسي لخطة الإصلاح في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف وتعزيز الانتاجية في كافة القطاعات الاقتصادية مع التشديد على اقتصاد المعرفة.
وتؤكد الخطة لزوم تحجيم النظام المالي وإعادة رسملته، مع الإشارة إلى أنّ إعادة رسملة النظام المصرفي تزيد عن 72 مليار دولار اميركي وهي خسائر لم توضع في الحسبان وتحتاج الى استراتيجة لإعادة الثقة بالقطاع المصرفي وتهيئة الظروف للنمو الاقتصادي من خلال إعادة تأهيل المصارف وإجراء تغييرات تشريعية، تتمثل بإقرار قانون إعادة هيكلة المصارف والموافقة على مشروع قانون ضوابط رأس المال وحلول السحوبات النقدية واجراء التغييرات التي تطال قانون سرية المصارف بما يتوافق مع المعايير الدولية.
وتؤكد الخطة ضرورة إجراء المزيد من التدقيق حول ضخامة رأس المال السلبي المتراكم في مصرف لبنان الذي سيتكبد خسائر كبيرة جراء اعادة هيكلة الدين الحكومي وتوحيد اسعار الصرف… وتجري شركة kpmg مراجعة الميزانية العمومية لمصرف لبنان وفق معايير صندوق النقد الدولي. واكدت التزامها بنشر ملخص هذه المراجعة في نهاية شهر تموز 2022 وهي تشمل صافي الموجودات والاصول المحلية. وبناء على نتائج المراجعة سوف يشطب جزء كبير (نحو 60 مليار دولار) من التزامات مصرف لبنان من العملات الاجنبية إزاء البنوك التجارية.
وتتضمن الاستراتيجية اعادة رسملة مصرف لبنان بسندات سيادية قدرها 2.5 مليار دولار يمكن زيادتها وفق قدرة الدولة على تحمل اعباء الدين العام. اما ما تبقى من الخسائر السلبية في رأس المال فستلغى تدريجياً على مدى خمس سنوات.
وفي مرحلة ثانية سوف تتم اعادة رسملة البنوك التجارية القابلة للاستمرار محل البنوك غير القابلة للاستمرار من اجل ان يكون النظام المصرفي قادراً على دعم تعافي الاقتصاد الوطني. وان هذا الاجراء قد لا يكون كافياً لإعادة البنوك الى حالتها الصحية. وترتكز استراتيجة القطاع المصرفي على الآتي:
– مراعاة تراتبية الحقوق عند امتصاص الخسائر من خلال شطب رأس المال وسندات المديونيات الثانوية ثم ودائع الاطراف ذات الصلة.
– حماية كل مودع في كل بنك وفي حدود تصل الى مئة الف دولار على الاقل.
ولن تشمل هذه الحماية اية زيادة رصيد على حساب المودع بعد تاريخ 31 آذار 2022.
وتتحدث عن اكمال الرسملة الداخلية الشاملة للبنوك والمتعلق بالودائع التي تتخطى الحد الادنى المستفيد من الحماية إما تحويلها الى حصص ملكية او حذف جزء منها وتحويل جزء من الودائع بالعملات الاجنبية الى الليرة بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر سوق القطع. وقد تم الشروع في تقييم الخسائر وبنية الودائع لكل بنك على حدة وذلك لأكبر 14 بنكاً اي ما يمثل 83% من مجمل الاصول. واكدت الالتزام بانجاز التقييمات بنهاية ايلول 2022.
وفي سياق سياسات المالية العامة تحدثت الخطة عن ضخ رأس مال جديد في البنوك القابلة للاستمرار.
كما اكدت الخطة مراجعة اطر التشريعات المصرفية، بينما على المديين المتوسط والقصير تهدف الاستراتيجة المالية الى وضع الدين على مسار تراجعي، في ظل عزم الحكومة على تقليل الدين العام الى ما دون المئة بالمئة عام 2026 والى 76 بالمئة بحلول 2032.
كما تنص الخطة على اعادة هيكلة سندات اليوروبوند، وأقرت بأن مصرف لبنان كان يستخدم عمليات مالية غير تقليدية لجذب التدفقات النقدية ودعم تثبيت سعر الصرف وسيتم فرض تدابير موقتة لادارة تدفقات رأس المال وتجنب استمرار خروجه، على أن يقتصر التدخل وفق الخطة على الحد من التقلب الشديد لأسعار الصرف”.