كنعان: لماذا لم يُعيّن المدققون لديوان المحاسبة ليعرف اللبنانيون أين صُرفت أموالهم؟
عقدت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة برئاسة النائب ابراهيم كنعان جلسة لمتابعة درس اقتراح تعديل صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة وكشف الحسابات، بحضور النواب نقولا نحاس، سيزار ابي خليل، بلال عبد الله، الان عون، سمير الجسر.
كما حضر مدير عام وزارة المالية بالوكالة جورج معراوي، ممثلة وزارة العدل رنا عاكوم، امين عام هيئة التحقيق الخاصة عبد الحفيظ منصور، ممثل مصرف لبنان بيار كنعان، امين عام جمعية المصارف مكرم صادر، وعن جمعية المصارف شهوان جبيلي.
وبعد الجلسة قال كنعان ” كان لنا اليوم اجتماع اللجنة الفرعية التي تعنى بقوانين مكافحة الفساد. وبعد اقرار رزمة قوانين اساسية بدءاً من اللجنة الى الهيئة العامة، عرضنا اليوم لاقتراح توسيع صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة والكشف على كل الحسابات، لاسيما بالنسبة للمتعاطين بالشأن العام”.
اضاف ” هناك مجموعة قوانين اصلاحية جرى اقرارها، ومن اهمها قانون الاثراء غير المشروع الذي رفع كل الحصانات، بعد الشكوى من الخمسينات من عدم القدرة على المحاسبة الشاملة بسبب الحصانات. والقانون الذي اقر اخيراً اخضع كل المناصب الدستورية بموضوع الاثراء غير المشروع للقضاء العادي ويعاقب فوراً. كذلك، جرى اقرار قانون انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورفع السرية المصرفية، الذي نحن بصدد بحث الفقرة المتعلّقة بالقضاء فيه، بعد اعادته من قبل فخامة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي. وبعد انهاء استعادة الاموال المنهوبة، وقّعت اليوم التقرير لاحالته للجان المشتركة لتحديد موعد قريب لاقراره واحالته الى الهيئة العامة. كذلك، اقر المجلس النيابي في وقت سابق، حماية كاشفي الفساد، واقرت لجنة المال كما الهيئة العامة، مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وكلّها قوانين وتشريعات لمكافحة الفساد والمحاسبة باتت جاهزة، فيما المطلوب قضاء مستقل حتى لا نبقى ضحية المزايدات والكلام السياسي والاعلامي”.
واشار كنعان الى انه “بالنسبة لقانون كشف الحسابات، وفي ضوء المعطيات التي توفّرت لدينا، تبيّن ان المعايير الدولية الواردة في قرار مجلس الأمن 2462 الصادر في 28 آذار2019 والذي يحدد من هي الجهة الملزمة باحالة ملفات الى هيئة التحقيق الخاصة، وما هي صلاحيات الهيئة. وقد جاءت القوانين التي اقريناها ومنها قانون الاثراء غير المشروع ليمنح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد امكانية طلب كشف الحسابات، وان تكون صلة الوصل بين من لديه شكوى او اخبار، والقضاء، في ضوء عدم امكانية تلقي هيئة التحقيق الخاصة، بموجب المعايير الدولية، الاّ من 8 جهات محددة. من هنا، فالتشريعات التي اقرت اخيراً، فتحت الامكانات ضمن احترام الضوابط والاصول بالذهاب في اتجاه حلّ هذه المعضلة”.
اضاف “سيكون هناك اقتراح يتقدّم فيه الزملاء النواب ويلغي الجمع بين الصلاحيات والتضارب في ما بينها. وقد انهينا اليوم البحث بالاقتراح الذي بين ايدينا وسأرفع تقريري مع تقرير قانون استعادة الاموال المنهوبة الى اللجان المشتركة ومنها الى الهيئة العامة”.
وعلى صعيد القوانين الاصلاحية المطلوبة بحسب صندوق النقد الدولي والمبادرة الفرنسية، قال كنعان “هناك قانون الكابيتال كونترول الذي يضع الضوابط على التحويلات الى الخارج والتعاطي مع المودعين في لبنان من دون استنسابية، وهو ما كان يفترض ان يحصل قبل اشهر. اما الآن، فهناك حكومة من المفترض ان تبصر النور قريباً ومن المفترض ان تبدأ المفاوضات من مكان يكون فيه لبنان جاهزاً قانونياً وتشريعياً”.
واعتبر كنعان ان “المطلوب من الحكومة المقبلة، واي سلطة تنفيذية، احترام القوانين والوعود من باريس 1 و2 و3 و4، فلبنان يعلّ منذ 30 عاماً بالاصلاحات بلا تنفيذ، ويعود من يتقاذف الكرة والاتهامات. وبالتالي، فهناك قوانين تقر من المجلس النيابي، مطلوبة شعبياً ودولياً، وعلى السلطة التنفيذية احترامها وتطبيقها”.
وتابع ” اتمنى على دولة رئيس المجلس النيابي، وبعد انجاز اقتراحات القوانين، تحديد جلسة لاقرارها، ليكون لبنان جاهزاً اقتصادياً ومالياً للشروع بعملية الانقاذ بشكل صحيح”.
وتطرّق كنعان الى مسألة التدقيق الجنائي وقال “سألنا ممثلي مصرف لبنان عن هذا الملف. وتبيّن لنا انه، ومنذ اليوم الأول، كان معروفاً لدى الجميع، ان هذا العقد الموقع مع الفاريز، يخضع للقوانين اللبنانية، التي لا تتيح للشركة امكانية الدخول الى كل الحسابات، بسبب السرية المصرفية”، وسأل كنعان “اما كان يفترض بمن وقّع العقد، اكان حكومياً ام من خلال جيش المستشارين، ان يقرأ القوانين اللبنانيين ويتنبّه لها؟ علماً ان ممثلي مصرف لبنان ووزارة المال اشاروا خلال الجلسة اليوم، ان الجميع كان على اطلاع بذلك. فكيف يوقّع عقد بقيمة مليوني دولار من دون الاخذ بالاعتبار، انه وفي غياب تعديل قانون النقد والتسليف، لا امكانية لاتمام مهام التدقيق الجنائي. وكان من المفترض على من يريد فتح الطريق امام التدقيق الجنائي، ان لا يوقّع عقداً من هذا النوع، ويخسّر الدولة ما خسرها اياه مالياً، وتأميل اللبنانيين، بمزايدات اعلامية، امكانية انجاز التدقيق. فهل يجوز التسلية بمسألة من هذا النوع؟ ام ان النتيحة مطلوبة من خلال التشريع الجدّي والعقود الجدّية والنظرة الموضوعية الى واقع الأزمة اللبنانية لاستعادة الثقة ليعود اللبناني ويتعاطى بشكل مطلوب مع دولته ومصارفه والمصرف المركزي”.
واعتبر كنعان ان “مسألة التدقيق الجنائي بشكلها الحاضر لا يجوز ان تبقى على ما هي عليه، ويجب محاسبة من تسبب بذلك. والاخطاء لا يجب ان تتكرر، ومن المفترض تصحيح الخطأ ونحن بصدد اخذ المبادرة التشريعية في هذا المجال لتصحيحه”.
واعبتر كنعان ان “التدقيق مطلوب في كل ادارات الدولة ومؤسساتها العامة، وهو ما قامت لجنة المال والموازنة بواجبها في صدده من العام 2010، من خلال اطلاق عملية اعادة تكوين الحسابات المالية، بعد عملية التدقيق الكامل والشامل، واكتشاف ان لا حسابات مالية للدولة اللبنانية منذ العام 1993. ونحن في لجنة المال والموازنة من الزم وزارة المال باتمام التدقيق واعادة تكوين الحسابات، وهو ما اوصل الى لجنة تقصي حقائق فتحت ملف الحسابات المالية في لبنان. وبدأت قطوعات الحسابات تتوالى الى ديوان المحاسبة، ولا تزال ما عدا حساب العام 1997، بحجة النقص في المدققين”.
اضاف “التدقيق الذي جرى في وزارة المال اظهر وجود 27 مليار دولار في حساب موقت ومشكوك بأمرهم وكيفية صرفهم وهو غير نهائي كما اوضح وزير المال السابق بانتظار صدور قرار ديوان المحاسبة. فلماذا لا ينجز العمل ويعيّن المدققون في ديوان المحاسبة لمعرفة كيفية انفاق المال العام؟”.
وأكد كنعان ان “المطلوب التركيز على مسألتين، الاولى ما يؤمن التدقيق الجنائي في كل مؤسسات الدولة واداراتها، وهو ما يتطلب اقتراح قانون، من خلال مبادرة جدّية لاكمال هذا المسار، اما الثانية فمعرفة ماذا حصل بالمال العام وكيف انفق وتصحيح الحسابات واصلاح المالية العامة من خلال تعيين المدققين لديوان المحاسبة لانهاء عمله واظهار النتائج في اسرع وقت، لا كل عشر سنوات”.
واعتبر كنعان ان المطلوب للمستقبل “الانطلاق في سياسة مالية تحترم القوانين، ويجب ان يتعلّم الجميع من السياسات السابقة التي اوصلت الى الأزمة الراهنة، وعدم قدرة الناس على الوصول الى حساباتها المصرفية، والانطلاق الى مسار جديد من خلال موازنة في العام 2021 بلا عجز، وتحترم الاصول والقواعد المالية، وبانجاز الحسابات المالية، وباتمام التدقيق الجنائي في الشكل السليم، لا بعقود على غرار ما حصل”.
mtv