تعديلات “الكابيتال كونترول” لمنع “سقوط” مطرقة البرلمان على رأس الاقتصاد
كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
يقف النواب الموكلون الدفاع عن مصالح الشعب (نظرياً) أمام الاستحقاق الاقتصادي الأهم، وفي يدهم الأولى قلم، وفي الثانية ممحاة. فإذا اختاروا التصويت على مقترح “الكابيتال كونترول” كما ورد من دون استعمال القلم لتعديل الكثير من البنود ورفع الظلم عن المودعين، والمواطنين والاقتصاد، يكونون قد محوا الأمل بعودة الإزدهار والانتعاش. ويحققون بذلك، من حيث يدرون أو لا يدرون، مصالح المصرفيين على حساب الجميع.
يشكل قانون الكابيتال كونترول بصيغته الحالية استمراراً للنهج نفسه الذي يحمّل المودعين، ومن خلفهم كلّ المواطنين وقوى الإنتاج عبء الأزمة. القانون يشبه “الأحكام العرفية”، أكثر منه القوانين النقدية. لا سيما في ما يتعلق بمدته الطويلة المحددة بـ 5 سنوات والصلاحيات الاستثنائية المعطاة لـ”اللجنة” (تتألف من وزيري المالية والاقتصاد وحاكم المركزي ويرأسها رئيس الحكومة أو من ينتدبه) الموكلة الإشراف والتطبيق. وإتاحته المجال لتجديد “اللجنة” لنفسها بناء على اقتراح مجلس الوزراء.
حماية المصارف من الدعاوى
الهدف الأول والأخير من هذا القانون بحسب عضو رابطة المودعين المحامي نزار غانم هو تمرير المادة (10) التي تنص على أن “أحكام هذا القانون استثنائية، وتشكل جزءاً من النظام العام”. ما يعني برأيه إقفال الباب أمام أي حكم قضائي. أما القسم المتبقي من المادة، والذي ينص على أن “تكون أحكام هذا القانون قابلة للتطبيق فوراً بما في ذلك الأحكام التي تتعلق بالتحاويل إلى الخارح، وبالسحوبات في الداخل التي لم تكن قد تمّت فور نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية”، فهو يهدف إلى حماية المصارف في الداخل والخارج خصوصاً بعد قرارات القضاء البريطاني الأخيرة. الأمر الذي يحوّل القانون بحسب غانم إلى “قانون ضوابط على المدخرات وليس على الرساميل. ولو كانت النية حماية المودعين لكان سُمح السحب بالعملة الأجنبية بحدود معينة، لا أن يترك مبلغ الـ1000 دولار عرضة لاستنسابية “اللجنة” بطريقة التسديد بالدولار أو على سعر صرف هي من يحدده.
لا حقوق للمودعين
على عكس مقترحات القوانين السابقة لم يتضمّن مقترح الكابيتال كونترول الحالي إستثناءات جدية ممكن أن يستفيد منها المودعون، وتحديداً الصغار منهم، الذين يعتاشون ويعلّمون أولادهم من مدخراتهم. ولم يُحدّد سقفاً للتحويل إلى الخارج للحالات الاستثنائية، كما لم يتضمّن أيّ إشارة إلى “الدولار الطالبي”، ما يعني وقف التحاويل التي كانت محدّدة سابقاً بـ10 آلاف دولار سنوياً. كما يربط القانون فتح الحسابات الجديدة في المصارف باستثناءات محددة ويمنع التحاويل بين الحسابات. الأمر الذي لا يحول الاقتصاد إلى نقدي cash economy فحسب، إنما “يُرجع البلد 50 سنة إلى الوراء”، برأي غانم.
التعديلات المقترحة
أمام كل هذه الأخطاء المتعمّدة عمل الخبير الاقتصادي د. نيكولا شيخاني على تعديل بعض النقاط وتصويبها بما يخدم المودع وقطاعات الانتاج. ومن أبرز التعديلات التي أضافها شيخاني، والتي على النواب أخذها في الاعتبار لكي لا يتحول القانون إلى مهدّم للاقتصاد:
المادة الأولى
– تلغى الفقرة (ب) من المادة الأولى التي تنص على “عمليات التحويل إلى الخارج ونقل الأموال عبر الحدود، بما في ذلك المدفوعات بين مقيم وغير مقيم”. لأن التحاويل ليست مقتصرة على المقيم داخلاً وغير المقيم خارجاً بل هي تشمل كافة الجهات.
– اعتبار “الأموال الجديدة” كل تدفقات العملات الأجنبية المحولة من الخارج إلى حسابات مصرفية في لبنان أو الايداعات النقدية بالعملة الأجنبية التي تمت بعد 17 تشرين الاول 2019، وليس بعد 9 نيسان 2020.
– إلغاء المادة التي لا تعتبر تدفقات العملة الأجنبية الناتجة عن إعادة أموال عائدات الصادرات وفقاً للمادة 7، أموالاً جديدة.
المادة الثانية
– إلغاء الشرط الوارد في الفقرة (أ) من المادة الثانية الذي يحصر الأموال الجديدة بـ”التحويل من خلال البنك المراسل الأجنبي”. لان هذه المادة قد تجعل الأموال النقدية بالعملة الأجنبية بمثابة عملة غير جديدة وليس بالإمكان أن تُحول إلى الخارج. وذلك لأنها ليست في المصرف المراسل، ويحظر هذا القانون نقل العملة النقدية عبر الحدود.
– اشتراط إطلاع “اللجنة” على عمليات وتحاويل ومدفوعات الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان في البندين (ج) و(د) من المادة رقم (2).
– إضافة عبارة “في الحالات الطارئة وحين تتعذر المعالجة في لبنان” على البند (و) الذي يسمح استثنائياً بالتحويل إلى الخارج لتغطية المدفوعات الجارية وللمصاريف الطبية ومصاريف الاستشفاء في الخارج.
– إلغاء البند (ز) من المادة الثانية الذي يستثني من التحويل إلى الخارج “المدفوعات والتحاويل الجارية لأهداف الاستيراد الضروري كما تحددها “اللجنة”، والتي قد تشمل على سبيل المثال لا الحصر، المواد الغذائية، الأدوية والنفط… وأي مواد ومعدات أولية للصناعة المحلية والتصدير. لأن الحاجة لهذا البند تنتفي في حال لا يوجد أي قيود على الحسابات بالعملة الجديدة، بما فيها إيداعات العملة النقدية الأجنبية.
– استبدال البند (ج) من المادة (2) الذي يستثني “أية تحاويل وعمليات ومدفوعات تحددها اللجنة” بـ”تغطية مصاريف الدراسة في الخارج للطلاب الذين كانوا قد تسجلوا قبل 17 تشرين الأول 2019.
المادة الثالثة
– اشتراط إطلاع “اللجنة” على العمليات والتحاويل والمدفوعات لصالح الحكومة ومصرف لبنان المعفاة من القيود المفروضة على التحاويل من الليرة إلى العملة الأجنبية.
– تعديل البند (و) من المادة (3). بشكل أن تُسمح المدفوعات والتحاويل الجارية لأهداف الاستيراد بموجِب pro-forma invoice على أن تضاف للملف المستندات الجمركية حين تتم عملية الاستيراد.
– إلغاء البند (ز) من المادة (3) الذي يسمح بـ”أية تحاويل وعمليات ومدفوعات تحددها اللجنة”.
المادة 4
– إلغاء كل بنود المادة (4) التي تحظر فتح حسابات مصرفية جديدة. فمن غير المبرر وضع أي قيود أو ممنوعات على فتح الحسابات.
المادة 5
– عدم فرض أي قيود على الحسابات بالعملة الوطنية.
– على “اللجنة” أن تحدد حجم السحوبات بالعملة الأجنبية حسب قدرة الاقتصاد والحالة النقدية بالبلد، بطريقة تنازلية ووفقاً لأحجام الحسابات وذلك بشكل دوري.
المادة 6
– استبدال البند (ب) الذي ينص على: “تحويل الأموال إلى الليرة اللبنانية، وايداع الأموال في حساب مصرفي بالليرة اللبنانية وفقاً لأحكام المادة 4” بالتالي: “يمنع منعاً باتاً التحويل إلى الليرة من الحسابات غير الجديدة. فهي تساهم بشكل مباشر بالتضخم المفرط والضغط المتواصل على سوق القطع من دون أي فائدة اقتصادية”.
المادة 7
– يجب اعتبار العملات الأجنبية المتأتية عن عائدات التصدير أموالاً جديدة.
– لا يجوز وضع أي قيود على عائدات التصدير منعاً لهجرة المصانع، والحد من أي تدفق لاستثمارات جديدة في البلاد.
في ما خص “اللجنة”
– يضاف إلى أعضاء اللجنة رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس التفتيش المركزي وعضوان مديران مؤهلان لمكافحة الفساد، وعضوان ممثلان لجمعيات القطاع الخاص. على أن تؤخذ القرارات بالأكثرية المطلقة وتُنشر فوراً.
المادة 9
– تعديل البند (6) من المادة (9) بحيث تصبح: يخضع أي مصرف و(ليس أي مودع كما ورد في مسودة القانون)، يخالف الأحكام الخاصة المتعلقة بسقوف السحوبات المذكورة في المادة 5 من هذا القانون لغرامة 10 أضعاف حدود السحب المسموح بها ولا تقل عن خمسة أضعاف الحدود المنوه عنها.
– تقصير مدة تطبيق القانون إلى سنة واحدة قابلة للتجديد، بدلاً من 5 سنوات. لأن ذلك سوف يبعد الاستثمارات عن البلد.