تفاؤل في لبنان وضغط في واشنطن: ترسيم الحدود واستراتيجية دفاعية!
كتب ابراهيم ريحان في “أساس ميديا”:
تفاؤل كبير يبديه السياسيون في لبنان بقرب “الخلاص” والخروج من الأزمة يرافقه هبوط بسعر صرف الدّولار لم يلمسه اللبنانيون إلا على تطبيقات الهاتف في العالم الافتراضي. أمّا على أرض الواقع، فالوضع مغاير تمامًا. التفاؤل الذي يسير بصحبة “مزحة” سعر صرف الدولار، سار معه أيضًا على الخط نفسه بثّ أنباء عن “تسهيلات أميركية” لتشكيل الحكومة. بل ذهب البعض إلى الاعتقاد أنّ مليارات الدولارات ستمطر على لبنان فور التشكيل، غير أنّ المؤشرات الآتية من العاصمة الأميركية واشنطن تدلّ على عكس ذلك.
الولايات المتحدة الأميركية التي ستشهد الثلاثاء المُقبل “ملحمة انتخابية” بين الرئيس دونالد ترامب ومنافسه مُرشّح الحزب الديمقراطي جو بايدن، إلاّ أنّ هذا يمنع الإدارة في واشنطن من الإبقاء على سياسة الضغط الأقصى على حزب الله. فعشية تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، خرجت واشنطن بعقوبات جديدة على عضوي المجلس التنفيذي في الحزب الشيخين نبيل قاووق وحسن بغداد ومعهما سفير طهران في بغداد، وهي رسالة واضحة عن نيتها استكمال سياسة العقوبات.
العقوبات وتعميم لوائح الأسماء المطلوبة بهذه الكثافة وبمقابل “قيمة مالية عالية”، خطوات تدلّ على مدى إصرار الولايات المتحدة على المضيّ بحملتها ضد الحزب
ومع العقوبات، عمّم برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابعة للحكومة الأميركية على مدى يومين أسماء لقياديين في حزب الله لحيازة معلومات تؤدّي إلى اعتقالهم مقابل مبالغ تتراوح بين 5 و10 ملايين دولار. ونُشرت الأسماء على قسمين. قسم يتناول النشاط المالي لحزب الله، والثاني النشاط العسكري – الأمني الذي يتضمّن الأسماء التالية:
– خليل حرب: الذي قيل إنّه مستشار للأمين العام للحزب.
– هيثم علي الطباطبائي: قائد القوات الخاصة للحزب في سوريا واليمن.
– حسن عزّ الدين وعلي عطوة ومحمد حمادي بتهمة الضلوع بخطف طائرة TWA 847 عام 1985.
– سلمان سلمان: الذي تتهمه واشنطن بالضلوع في تفجير المركز اليهودي في الأرجنيتن عام 1994.
– طلال حمية: رئيس جهاز الأمن الخارجي.
– فؤاد شكر: الضالع بتفجير ثكنات المارينز عام 1983 في بيروت.
أمّا على صعيد النشاط المالي، فقد عمّمت واشنطن أسماء: محمّد البزال، ومحمّد قصير، وعلي قصير الذين اتهمتهم واشنطن بتمويل الحزب وتسهيل تحرّكاته المالية عبر شركات وهمية ومجموعة شركات أخرى.
العقوبات وتعميم لوائح الأسماء المطلوبة بهذه الكثافة وبمقابل “قيمة مالية عالية”، خطوات تدلّ على مدى إصرار الولايات المتحدة على المضيّ بحملتها ضد الحزب.
نفت المصادر لـ”أساس” أيّ كلام عن “لين” في الموقف تجاه مشاركة حزب الله في الحكومة، حيث إنّ هذا بات من المُسلّمات لدى الإدارة الأميركية الحالية وأيّ إدارة مُستقبلية، حيث لا يمكن أن تتعامل الحكومة الأميركية مع تنظيم مُصنّف على لوائح الإرهاب
فقد أفادت معلومات خاصة لـ”أساس” أنّ واشنطن حضّرت باكورة أسماء لشخصيات حليفة للحزب لإدراجها على لوائح العقوبات في وقت قريب، كما أفادت المصادر أنّ الولايات المتحدة لن تتعامل مع حكومة يتمثّل فيها حزب الله أو شخصيات مقرّبة منه تجعل قرار الحكومة رهينة بيد الحزب وحلفائه، بالإضافة إلى أنّ المعنيين في الإدارة الأميركية أبلغوا اللبنانيين ألا ينتظروا خطوات أميركية سريعة تجاه لبنان فور تشكيل الحكومة. لأنّ أميركا ستنظر إلى شكل الحكومة أوّلًا، وإلى بيانها الوزاري ثانيًا، وإلى مدى جدّية الحكومة الجديدة بمحاربة الفساد ووقف أنشطة التهريب عبر المطار والحدود والمرفأ قبل أن تقدّم أيّ دعمٍ أو مساعدة للبنان.
ونفت المصادر لـ”أساس” أيّ كلام عن “لين” في الموقف تجاه مشاركة حزب الله في الحكومة، حيث إنّ هذا بات من المُسلّمات لدى الإدارة الأميركية الحالية وأيّ إدارة مُستقبلية، حيث لا يمكن أن تتعامل الحكومة الأميركية مع تنظيم مُصنّف على لوائح الإرهاب.
وأكّدت المصادر نفسها لـ “أساس” أنّ الرهان على نتائج الانتخابات الأميركية أو أيّ اتفاق مع إيران لن يكون مفيدًا للبنان، بل إنّ كلّ ما يعني واشنطن، أكان مع إدارة ترامب أو غيرها على المدى القصير، هو تشكيل حكومة تقوم بإجراءات جديّة للإصلاح، وإنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية وعدم المراوغة في المفاوضات وتقطيع الوقت. أمّا على المدى المتوسّط، فإنّ مناقشة وإقرار استراتيجية دفاعية للبنان تضع قرار الحرب والسلم بيد الدولة، وتحدّ من سطوة الميليشيات المُسلحّة على القرار السياسي، صارت ضرورة مُلحّة أكثر من أيّ قت مضى ضمن قراري مجلس الأمن 1559 و1701.