لبنان

التعليم عن بُعد.. وآثاره النفسية والأكاديمية

كتب د. نسيب حطيط في “نداء الوطن”:

بدأت تداعيات وسلبيات الحجر الصحي وملازمة البيوت، تظهر على الطلاب بشكل عام وخصوصاً الطلاب الجامعيين الذين يتعلمون للعام الدراسي الثالث وفق منظومة التعليم عن بعد التي فرضتها الإجراءات الوقائية للنجاة من الاصابة بوباء (كورونا) العالمي والذي زعزع الدورة الحياتية في العالم بكل مستوياتها ومحاورها ومن ضمنها منظومة التعليم التي انتقلت من التعليم الحضوري في القاعات الدراسية الى التعليم عن بعد في الشاشات المفتوحة بالتواصل البصري والسمعي المتباعد بالأشخاص والذي تحولت فيه المباني الجامعية وقاعاتها الى مبانٍ خاوية فارغة موحشة.

بعد 3 سنوات من التدريس الجامعي (عن بعد) ونتيجة متابعتي الميدانية للطلاب ظهرت النتائج الآتية:

– تزايد اعداد الطلاب الذين يتناولون أدوية الأعصاب.
– تزايد اعداد الطلاب المصابين بالإكتئاب.
– تزايد اعداد الطلاب الذين يترددون الى عيادات الطب النفسي….
– تزايد حالات التوقف عن متابعة الدروس حتى في سنوات متقدمة يمكن ان تكون حتى في سنة التخرج!
– تسرّب عدد من الطلاب للتسجيل في بعض الجامعات الخاصة التي تتهاون في موضوع التعليم…
– الضعف المعرفي والأكاديمي للطلاب.

ان هذه الظواهر التي تتزايد نتيجة الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها اهالي الطلاب بالاضافة للاوضاع النفسية وتأثير عدم الخروج من المنازل والاختلاط بالاصدقاء حيث ان بعض الطلاب يكاد لا يعرف مبنى جامعته، حيث لم يزرها الا مرة او مرتين وقضى حوالى ثلاث سنوات من الإقامة الجبرية في منزله مع كل المشاكل التي عاناها بسبب ضيق المنزل وقلة عدد غرفه وصعوبات المتابعة لعدد من الإخوة بنفس الوقت لجهة الصوت والعزل عن النشاط المنزلي الروتيني وعدم إمكانية حماية الخصوصية العائلية والشخصية وما تخللها من بعض الثغرات السلبية.

ان مصاعب الكهرباء والتقنين حتى الحاجة الى الادوات اللوجستية من الكمبيوتر وغيره من الضروريات للتعليم عن بعد والتي يفتقر اليها بعض الطلاب والتي يصعب عليهم شراء بديل عنها او اصلاحها تزيد الامور صعوبة وتوتراً… ان طلاب الكليات العملية يعانون اكثر من زملائهم في الكليات النظرية نتيجة تمايز المواد وضرورة التواصل المباشر بين الاساتذة والطلاب في المحترفات وضرورة تقديم نماذج مادية من المجسمات او اللوحات الفنية او الاعمال المسرحية او بعض اعمال التشريح والتجارب في المختبرات والتي لا يمكن تجاوزها او اعطاؤها نظرياً.

ان ما يعانيه الطلاب…يعانيه الاساتذة والاداريون مع محاولة الاساتذة الصمود والتأقلم مع الواقع الصعب. وبما أن مؤثرات وباء كورونا لم تنته بعد ويمكن ان تتمدد الفترة الزمنية للإجراءات الوقائية، لا بد من الانتقال من مقررات وإجراءات الحالة الطارئة الى قرارات الحالة الدائمة او المدمجة والعمل لتحقيق ما يلي:

– إعادة دراسة منظومة التعليم بشكل شمولي يؤمن مصالح الأطراف المشاركة فيه (وزارة التربية – الجامعات – الأساتذة – الطلاب – الاداريون).
– تعديل مناهج التدريس لتتلاءم مع التعليم عن بعد، حيث لا يمكن تطبيق التعليم عن بعد على المناهج الحضورية من دون أي تعديل!
– زيادة ايام التعليم الحضوري على ان لا تقل عن يومين في الأسبوع.
– تعديل الرواتب لتأمين تغطية بدل تنقل الاساتذة والموظفين الى الجامعة…
– تأمين النقل المشترك او التعاوني للطلاب…
– تأسيس مركز التأهيل والإرشاد النفسي والأكاديمي في الجامعة اللبنانية بالتعاون بين كليات الطب والصحة والعلوم الاجتماعية لإعداد برامج ومحاضرات للتأهيل النفسي لمساعدة الطلاب على تجاوز هذه المرحلة الإستثنائية والصعبة وانقاذهم من مصاريف عيادات الطب النفسي بالإضافة لتأمين أدوية الأعصاب بشكل مدعوم خاصة وان نسبة الطلاب الذين يعانون او يتناولون الأدوية تجاوزت الخمسة بالماية (5%) في بعض الكليات.

اننا نوجه الدعوة لإقامة مؤتمر وطني حول (التعليم عن بعد) لمناقشة ومعالجة المشاكل التي يعانيها الطلاب واهاليهم وهجرة الاساتذة والاداريين.

لا بد من حملة انقاذ وطني للتعليم وأه

مقالات ذات صلة