“العونيون”: تجربة دياب لن تتكرر… ومحاذيرنا كثيرة
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يواجه العونيون Dilemma لا يُحسدون عليها: شراكتهم في حكومة “المهمة المستحيلة” ضرورية لتأمين غطاء مسيحي لدورها الانقاذي، الذي سيفرض عليها اتخاذ قرارات غير شعبية بناء على توصيات صندوق النقد الدولي… أما هم، ففي قرارة أنفسهم يخشون من تخبّط داخلي قد تتعرض له جراء رفض بعض القوى الشروط المؤلمة التي قد يفرضها صندوق النقد، الأمر الذي قد يفشّل خطتها ودورها ويوقع البلاد في المحظور.
ولهذا لا يترددون في التأكيد أنّ نواياهم التسهيلية لمشاورات رئيس الحكومة المكلف، سليمة، وهي لا تضمر أي مناورات أو محاولات لكسب نقاط أو حقائب وزارية. هذه الجولة من التأليف لا تشبه أياً من الجولات السابقة سواء في القواعد المعتمدة أو في الأهداف المرسومة، نظراً الى دقة المرحلة وصعوبتها، كما دقة الخطة الحكومية الانقاذية وصعوبتها.
ويؤكدون أنّهم لا “يستقتلون” لدخول الحكومة من خلال وزراء اختصاصيين، ولا يخططون للتشاطر على رئيس الحكومة في ما خصّ عدد الوزراء ولا في نوعية الحقائب ولا في تفاصيل الحصة المسيحية. يجزمون بأنّ تجربة حكومة حسان دياب لن تتكرر لناحية هوية الوزراء المسيحيين أو لناحية طبيعة علاقتهم مع “التيار الوطني الحر”. يشيرون إلى أنّ ما يدلي به رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لناحية التزامه بالإصلاحات الواردة في الورقة الفرنسية، هو تقدّم عظيم، وإن كان وفد “تكتل لبنان القوي” قد أبلغه خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة، أنّ ثمة مسائل اصلاحية لا تزال منقوصة، وتتصل بالتدقيق المالي، الأموال المنهوبة، الأموال المحولة الى الخارج، مصير اموال المودعين، وكلها قضايا لم ترد على لسان رئيس الحكومة المكلف ولا اجابات واضحة حولها. ومع ذلك، هم يعتبرون أنّ تنفيذ الورقة الفرنسية هو مدخل لوقف الانهيار ووضع الورشة الاصلاحية على سكتها السليمة.
تجتاح الشكوك أذهان العونيين مما قد تقوم به الحكومة ومما قد تعجز عن القيام به، وذلك انطلاقاً من اعتقادهم أنّ فريقاً أساسياً يمانع في تحقيق بعض الإجراءات الاصلاحية، وفق تجربة الشراكة في الحكومات السابقة. بالتفصيل، يشيرون إلى أنّ الثنائي الشيعي يؤكد أنّه موافق على 90% من الورقة الفرنسية ويعارض الـ10%، ولكن في الحقيقة “نخشى من أن تصل معارضته للورقة الى حدود الـ90%، ربطاً بمواقفه السابقة سواء لناحية رفضه اعادة النظر بحجم التوظيف في القطاع العام أو برفع الضريبة على القيمة المضافة أو بتحرير سعر الصرف… وغيرها من المسائل التي يرفض الثنائي الشيعي المسّ بها”.
يضيفون: ماذا عن انتاجية الحكومية؟ ما هي الضمانات بأنها ستتمكن من اتمام المهمة الموكلة اليها؟ كلها تساؤلات تدفع العونيين إلى ترك مسافة بينهم وبين الحكومة التي ستولد، ولو أنّهم بالنتيجة ينتمون الى فريق رئيس الجمهورية وعهد سيكون أكثر المتضررين في ما لو أخفقت الحكومة في مهمتها. فكيف يمكن لهم فصل مسارهم عن مسار رئاسة الجمهورية؟
يلفتون إلى أنّه بسبب هذا الاعتبار الجوهري، لن يعرقلوا عمل الحكومة وسيكونون في صفوف الداعمين لها. ولكن في المقابل، يؤكدون أنّهم غير متحمسين للانخراط المباشر في عملها لأنهم يخشون من العراقيل والمطبات، ولذا يفضلون ترك مسافة بينهم وبين السلطة الاجرائية لمراقبتها عن بعد ودفعها الى الانتاجية والانجاز.
يشيرون الى أنّ هذه المسافة ستجعل من رقابتهم أقسى وأكثر فعالية، خصوصاً في ضوء ما يحكى عن رهان البعض على دعم مالي قد يصل لبنان على شاكلة قروض أو ودائع مالية، قد تأتي من دول خليجية فور ولادة الحكومة، ما قد يعطّل الخطة الاصلاحية بسبب “حقن التخدير” التي قد تتلقاها المالية العامة، ما قد يدفع الى تأجيل أي مسعى علاجي إلى مرحلة لاحقة بسبب رفض بعض القوى السياسية للكثير من العناوين التي تتضمنها الورقة الفرنسية. “وهذا أكثر ما نخشاه ونحذر منه”، كما يؤكد العونيون.