اخبار بارزةلبنان

بعد أوكرانيا كما قبلها.. الحلّ “من عنديّاتنا”

كتب نادر حجاز في موقع mtv:

تردد صدى الحرب الأوكرانية في بيروت تماماً كما في دول العالم كلّها، وان كان هذا البلد الصغير على الخريطة يتفنن بإقحام نفسه بما لا شأن فيه وقد استهواه تقاذف مركبه المحطّم بين أمواج مصالح الأمم.

قد يكون لبنان بلداً ناجحاً للترانزيت تجارياً، لكنه حتماً لا يصلح للترانزيت السياسي كمعبر للأزمات وحروب ومصالح الاخرين. تماماً كما أصبح اليوم عبارة عن صندوق بريد أو مختبر فعّال على طاولات المقامرة الاقليمية والدولية.
كثر الحديث طوال الأيام الماضية عن تداعيات الحرب في أوكرانيا وبعضها واقعي، لا سيما بما يتعلق بأسعار النفط العالمية والقمح وسواها، الأمر الذي ستتأثر فيه مختلف الأسواق العالمية وليس فقط لبنان، وهذا أكثر من طبيعي، الا أن الحديث عن تداعياتها على مسار خروج لبنان من أزمته فيه الكثير من المغالاة.

مؤشرات مهمة لا بد من التوقف عندها، وهي زيارة وفد الخزانة الأميركية الى بيروت كما جولة وفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين، التي تؤكد أن المسار التفاوضي مستمر مع الصندوق ولا تتأثر بالتوترات الحاصلة، وكذلك المؤشر المهم المتمثل بالاتفاق الفرنسي السعودي على دعم المؤسسات الانسانية والاجتماعية في لبنان والاعلان عن مساعدة مالية كبيرة من قبل مركز الملك سلمان للاغاثة.
الا أن ما سُرّب عن لقاءات وفد صندوق النقد الدولي لا يوحي أبداً بأن ما يقوم به لبنان الرسمي كافٍ لانجاح خطة التعافي واخراج لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية، وان كان هناك بعض الاشادات ببعض الخطوات التشريعية كاقرار قانون المنافسة وسواها، لكن نقاطاً جوهرية أخرى لا تزال تراوح مكانها، من قطاع الكهرباء الى الموازنة التي لا يبدو أنها على قدر الطموحات والاصلاحات الكثيرة التي لم تبصر النور فعلياً، فالمطلوب ليس حبراً على ورق القرارات والقوانين، انما المطلوب هو اجراءات عملية وخطوات انقاذية على أرض الواقع.
فمسار التفاوض لم ولن يتوقف مع صندوق النقد، لكن المطلوب هو صناعة لبنانية محلية مئة في المئة، ولا يحصل على توقيت الحرب القائمة ولا مفاوضات فيينا ولا سواها، انما بالتوقيت اللبناني، فإنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي يحتاج الى قرار لبناني جدّي واتفاق سياسي محلي بأنه لا بد من وضع حد للتدهور المستمر والتضخم الاقتصادي وانهيار العملة على وقع سوق الدولار السوداء، الشرعية وغير الشرعية.
هذا في الاقتصاد طبعاً، لا في السياسة المرهونة بالتطورات الاقليمية ومصير المفاوضات بين ايران ودول الغرب، فالحلول والاصلاحات تقتضي جرأة وجدية في قرار الاصلاح ووضع حدّ للفساد، الأمر الذي لم يحصل بعد ويبدو أنه لن يحصل قبل الانتخابات وربما بعد انتهاء العهد.

ولكن، رداً على أن لبنان لن يكون على قائمة الاهتمام الدولي بعد الحرب الأوكرانية، فإنّ لبنان طوال الفترة الماضية لم يكن على رأس القائمة أصلاً. وعلى طريقة الرئيس نبيه بري، فبعد حرب أوكرانيا كما قبلها… الحلّ “من عنديّاتنا”.

مقالات ذات صلة