تواطؤ دولي قد يسهل الولادة.. لكن الطريق ليست مفروشة بالورد
حين يكون الحديث عن “القياس” السياسي للأزمات السياسية محوره التبدلات الواقعية للتحالفات والمصالح بين القوى الأساسية، لا يصعب التكهن بمآل الأوضاع الراهنة والمستقبلية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية. فلطالما أدت إدارة الأزمات في لبنان إلى تسويات كانت تفرضها المعادلات الخارجية الإقليمية والدولية.
فهل عاد اليوم اللاعبون الخارجيون المعنيون بالصراع في لبنان إلى حبك أدوارهم، بعيدا عن التحدي لتجنيب لبنان ( الأرض الخصبة التدخلات الخارجية)، المزيد من الأزمات التي من شأنها أن تدفع نحو ولادة ثورة اجتماعية حقيقية إذا ما بقي باب الانفراج المالي والنقدي مغلقا أمام المواطنين ؟ خاصة وأن الانهيار الاقتصادي والمالي يتصاعد منذ أكثر من عام، وعدم الاستقرار في هذا البلد ليس من مصلحة أحد خارجياً ( إيران – السعودية – أوروبا والولايات المتحدة) لاعتبارات كثيرة، مهما اشتدت الضغوطات والعقوبات والمواقف التصعيدية من هنا وهناك تجاه بعض القوى الأساسية؛ فالإدارة الأميركية ستواصل فرض العقوبات على حزب الله وحلفائه في لبنان بغض النظر عن محادثات ترسيم الحدود وعن تشكيل الحكومة.
بالأمس، شبه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حزب الله بتنظمي داعش والقاعدة، قائلا: لا فرق بين جناحيه السياسي والعسكري، ويأتي ذلك في سياق ترحيبه بتزايد عدد البلدان التي حظرت أنشطة الحزب وآخرها استونيا وغواتيمالا، ومع ذلك ورغم العقوبات الأميركية على إيران، فإن حبل التفاوض السري بين الطرفين بواسطة أوروبية أو خليجية لم ينقطع، وفق المقربين من طهران.
ومع ذلك، وأمام الصفعات الإقليمية – الدولية التي لن تتضح نتائجها في الأشهر الأولى بعد 3 تشرين الأول، يلمح بعض المراقبين إلى تواطؤ أميركي – سعودي – إيراني – فرنسي، سوف يدفع نحو تسهيل تأليف حكومة، بيد أن المعنيين في الملف الأميركي يجزمون أن ضوءا أخضر وحيداً( ضوء البيت الابيض) تحكم بمسار تكليف الرئيس سعد الحريري وسوف يتحكم بمسار التأليف، وهذا “الاشعاع” يفصل بين تشكيل حكومة تضم اختصاصيين تختارهم الأحزاب ومن بينهم حزب الله، وبين قبضة العقوبات على مسؤولي حارة حريك.
ومن هذا المنطلق، لا بد، بحسب الأوساط السياسية المعنية لـ”لبنان24″، أن يسارع المعنيون إلى استخلاص العبر وقراءة تعقيدات الظروف الراهنة للإسراع في تأليف الحكومة التي كلف الحريري بتشكيلها، خاصة وأن الملف الأكثر تعقيداً والمتصل بترسيم الحدود فتح بطريقة مفاجئة جداً بالتزامن مع المبادرة الفرنسية ووضع على سكة الحل عبر جلسات التفاوض التي تستأنف الأربعاء، بعدما كانت هذه القضية مدعاة ترقب وحذر من المعنيين لا سيما حزب الله على وجه الخصوص.
اذاً، مهمة الحريري، وفق مصادر تيار المستقبل لـ “لبنان24” لن تكون سهلة والطريق بين بيت الوسط وبعبدا على عكس ما يشاع ليست مفروشة بالورد، هناك حقل من الأشواك والألغام زرعتها ميرنا الشالوحي في طريق التأليف، خاصة وأن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي أصبح أكثر اقتناعا أنه بات خارج المعادلات الوزارية، سيسعى جاهداً ليكون صاحب قرار في تسمية الوزراء المسيحيين وفي اختيار الحقائب التي يرغب الرئيس المكلف أن يطبق عليها مبدأ المداورة، باستثناء وزارة المال التي بدوره، سلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنها ستبقى في عهدة الثنائي الشيعي.
لا شك، أن مشهدي الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا وغير الملزمة في المجلس النيابي، أوحى أن الكتل النيابية كافة سوف تسهل عملية التأليف فهي باتت على دراية أن زوال البلد يعني زوالها بالدرجة الأولى، لكن هذه القوى في بعض الأحيان تتعمد الاستفادة من حراجة الظروف الداخلية وحشر البلد في زوايا التخبط لتفرض بعض الشروط التي من شأنها ان تحقق لها بعضا من الاستفادة المتعلقة بالحصص الوزارية أو ما يعرف بالانتصارات الوهميةتقول مصادر المستقبل، علما ان المؤشرات توحي، بحسب المصادر نفسها، أن مآل الأمور بعد التأليف دونها عقبات، فلكل محطة محاذيرها خاصة في ما يتصل بالبيان الوزاري والصلاحيات الاستثنائية للحكومة في المجالات المالية والاقتصادية لتكون فعالة، خاصة وأن المبادرة الفرنسية التي يعتبرها الحريري الفرصة الأخيرة للانقاذ، ورشح نفسه على أساسها، لا يمكن لأحد من رؤساء التيارات السياسية أن يفرغها من مضامينها ومن بنودها الأساسية لمآرب خاصة، ولذلك فإن الشيخ سعد سوف يعمل وفق مصادر تياره الأزرق بعد تأليف الحكومة ونيلها الثقة على وقف الانهيار والدفع نحو التفاهم مع صندوق النقد الدولي والاستفادة من مقررات سيدر تمهيداً لتطبيق الاصلاحات المطلوبة من لبنان رويدا رويدا؛ لكن قبل كل ذلك لا بد من تذليل عقدة شكل الحكومة مصغرة (18الى 20 وزيرا) أو موسعة (24وزيرا)، وعقد توزيع الحقائب على غرار وزارة الصحة التي يبدو، أن كباشا قد يحصل عليها بين الضاحية والمختارة.
lebanon 24