برّي يقرّب ما بين الحريري وباسيل.. سمن وعسل
كان الإجتماع بين الرئيس المكّلف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، في إطارات المشاورات النيابية غير الملزمة بمثابة “سمن وعسل”، وفق مصادر التيار، الأمر الذي يقودنا إلى الإستنتاج أن من يعطي “لبن العصفور ليس صعبًا عليه تأمين “السمن والعسل”.
ووفق بعض المصادر فإن الرئيس نبيه بري یعمل على خط التقریب والتفاھم بین الحريري وباسيل، وهو إستطاع أن يحقّق هدفه أولًا من خلال عودة أو إعادة الرئیس الحریري الى رئاسة الحكومة، وثانيًا من خلال تأمين الجو الملائم لأول لقاء رسمي بين من كانا حتى الأمس القريب أكثر من “سمن وعسل”، عندما كانت التسوية الرئاسية هي المسيطرة.
بالنسبة إلى النقطة الأولى كان بري متلھفا لعودة الحریري ولا یرى من ھو أفضل وأنسب لھذه المرحلة، ووصل به الأمر الى حد مناشدته وإبداء الإستعداد لجلب “لبن العصفور” له، وقد لعب دورا مھما في الكوالیس لتأمین الـ٦٥ صوتا لتكلیف الحریري، وھو من طلب من رئیس الكتلة القومیة النائب أسعد حردان التصویت للحریري. وحاز الحریري على أصوات كتلة الأرمن التي لم تتأثر بكل الضغوط لثنیھا عن قرارھا، فأصرت على السیر بتسمیة الحریري، وكان للرئیس نبیه بري دور رئیسي في إقناع كتلتي “القومي” والطاشناق بتسمیة الحریري رغم محاولة السفیر السوري علي عبد الكریم علي إقناعھما بالعكس. لقد ربح بري معركة التكلیف وبات علیه الآن أن یربح معركة التألیف، وھو یعرف تماما أن بعبدا ھي الممر الإلزامي لأي حكومة جدیدة تُشكل، ویعرف أیضا أن إرضاء الرئیس عون لا یتحقق إلا عبر ممر إلزامي ھو مصالحة الحریري وباسیل. فمن دون لقاء وتفاھم بین باسیل والحریري لا یرضى الرئیس عون ولا تُحل العقدة المسیحیة في التألیف، وھي العقدة الأبرز المتبقیة.
كان یكفي أن یُطلق بري أولى الإشارات السیاسیة وھو خارج من قصر بعبدا، وأن یقول “إن الجو تفاؤلي بین رئیس الجمھوریة العماد میشال عون والرئیس سعد الحریري، وأنه سیكون ھناك تقارب بین تیاري “المستقبل” و”الوطني الحر”، حتى تتبدد أجواء التشاؤم وتنكسر حدة الأزمة. وكان یكفي أن یُطلق الحریري إشارته الإیجابیة المكّملة بقوله “إذا كانت مصلحة البلد تتطلب تفاھم الجمیع، فمن المفید تقدیم ھذه المصلحة على ما عداھا”، حتى تنكشف الوساطة التي یعمل علیھا بري بین الحریري وباسیل.
وبعدما أوصل بري الحریري الى ضفة التكلیف، فإن الخطوة التالية ھي كسر جلید العلاقة بین باسیل والحریري. ونُقل عن مصادر “بیت الوسط” أن اللقاء الثلاثي في بعبدا كسر الجلید الذي كان قائما بین عون والحریري على رغم من مجموعة الإنتقادات القاسیة التي وجھھا رئیس الجمھوریة الى الحریري في رسالته غیر التقلیدیة عشیة الإستشارات، حیث أكد الحریري أنه تجاوزھا الى درجة كأنھا لم تكن في اللقاء. وقالت ھذه المصادر إن الترجمة العملیة للأجواء الإیجابیة التي أنتجھا لقاء بعبدا ظهرت بالأمس بترؤس باسیل وفد تكتل “لبنان القوي” الى إستشارات التألیف غیر الملزمة، وذلك بعدما كان قد عبّر عن النیة بعدم مشاركته فیھا إلا بوفد مصّغر من التكتل. وانتھت المصادر الى التأكید أن لقاء الأمس شكل مناسبة للتفاھم على موعد لاجتماع یعقد بین الحریري وباسیل بعد الإنتھاء من ھذه الإستشارات، بما یفتح أبواب التفاھمات حول التركیبة الحكومیة الجدیدة.
في ھذا السیاق، عبّر الحریري لرئیس الجمھوریة عن نیته التعاون في المرحلة المقبلة، لأن ذلك سیكون واجبا على الحكومة من أجل تجاوز الأزمة الصعبة والتأسیس لمرحلة الإنقاذ المطلوبة وفق المبادرة الفرنسیة والأجواء الدولیة الداعمة. وأبلغ الحریري عون أن لدیه تصورا للحكومة المقبلة، وھي ستكون من ٢٠ وزیرا من الإختصاصیین غیر الحزبیین توحي بالثقة لدى الداخل والخارج من أجل إستعادة الدورة الاقتصادیة حركتھا الطبیعیة.
lebanon 24