لبنان

هل ينفجر الشارع؟

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

هل ستعود طوابير البنزين؟ وماذا عن ارتفاع أسعار كل السلع؟ هل يقبل المواطن مزيداً من الذل ام سيقلب الطاولة؟

على وقع تخطي الدولار عتبة الـ32 ألف ليرة، كانت الازمات الخامدة تشتعل، وسط صمت اللبنانيين غير المبرر وكأنهم يعيشون على غير كوكب. بات واقعاً إستسلامهم لمصيرهم الجهنمي، إقتنعوا ان الفقر حليفهم لسنوات، فالاعتراض على من جَوّعهم غير وارد حالياً، رغم سيل الانتقادات التي سادت صفحات التواصل الاجتماعي، ولكن تبقى مجرّد فقاعات إفتراضية لا تُصرف على ارض الواقع. فالمحبطون لم يجدوا مُلهِماً لتحريكهم وحثّهم على التغيير، يقودهم نحو الخلاص من حبل صرّة الفاسدين.

ما إن سرت الاخبار عن ارتفاع كبير في اسعار المحروقات حتى اقفل عدد من المحطات، فيما شهدت بعضها زحمة سيارات استباقاً للغلاء، وكأن الطوابير في طريقها للعودة، ما يعني تجدّد الازمات التي شهدها المواطن بداية العام الماضي، فمن المسؤول؟

الغائب الأبرز عن المشهد هم نواب المنطقة، الذين يتفرجون على الازمات من نوافذ سياراتهم، يطلون على اللبنانيين هذه الايام من منابر خطاباتهم، لتمرير رسائل سياسية لبعضهم البعض. حتى من يسمون أنفسهم معترضين على سياسة السلطة، هم ايضاً غائبون عن الساحة، وإن كانوا يعدّون العدة لخوض الانتخابات، فهؤلاء يحاربون الاحزاب لا الفساد، همّهم مناوءتها أكثر من اهتمامهم بوجع الناس. اما التحركات الاعتراضية فتبدو في السجن هذه الايام، ولا بوادر للإفراج عنها، ما دام الشعب نائماً، خائفاً، يعضّ على جرح الغلاء، وما دام المحرك الصادق للثورة الحقيقية الانقلابية غائباً.

صحيح ان “كورونا” طغى على المشهد الصباحي، مع اقفال المدارس الرسمية وغالبية المدارس الخاصة التي خالفت قرار وزير التربية، وطالبت بحقها الاقتصادي ودفع المستحقات، الا ان مشهد بعد الظهر طغى عليه ارتفاع سعر صرف الدولار والمحروقات والخوف من عودة الطوابير، هذه المرة ليس فقط من بوابة المحروقات والبنزين، بل ايضاً من بوابة الخبز، الغذاء، الطبابة، ويبدو ان مشهد الفلتان الاجتماعي بات قاب قوسين او ادنى، بعدما ربطت الحكومة الحالية كل السلع بالدولار، ورفعت الدعم عن كل شيء، ما يعني أنها جاءت لتضرب طوق الجوع حول رقاب الناس، اكثر من إحكام قبضتها على الفساد والفاسدين.

بدا واضحاً ان كل المصالح الغذائية والصحية تضررت كثيراً جراء لعبة الدولار وهريان السلطة، ما عدا المصالح الخاصة التي تستغل الظروف بشكل كبير، وتغش وتتحايل، وتحديداً اصحاب كاراجات الميكانيك ممن يفرضون اسعاراً خيالية بالدولار، وفوق ذلك يوهمون الناس بإصلاح سياراتهم، يتقاضون اجرة تفوق الـ60 دولاراً وفي النهاية يأكل المواطن الضرب، اذ يتفاجأ ان سيارته لم تخضع للتصليح، فقط حجز يومين ثم تكلفة عالية.

احمد اكل “ضرباً مبكلاً” من احد هؤلاء، تعطلت لبادة سيارته، فاخذها الى الميكانيسيان م. ع الذي طلب منه 50 دولاراً اجرة فك وتركيب المحرك، و20 دولاراً ثمن اللبادة، وبعد مماطلة اسبوع وما ان استلم سيارته ودفع الـ70 دولاراً معاشه الشهري، تفاجأ بأن سيارته لم تخضع للتصليح، وان زيت اللبادة ما زال “يشرشر”، ورفض الميكانيكي ان يعيد له المال.

في الخلاصة، المشهد مقبل على مزيد من التأزيم، وما سيزيد الطين بلة انقطاع الانترنت وقد بدأت تشهده قرى عدة، ما ينذر بكارثة ما تتحضر، فهل ينفجر الشارع؟

مقالات ذات صلة