تحذيرٌ من إعادة طرح قانون الانتخابات للنقاش.. وتطيير الاستحقاق!
فيما انطلقت التحضيرات لمعركة الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجري في شهر أيار المقبل، بعد الاشتباك السياسي الذي حسمه المجلس الدستوري، برزت تساؤلات حول إمكانية إعادة طرح قانون الانتخابات في الدورة الاستثنائية للبرلمان، وبالتالي محاولة تأجيل الاستحقاق، لا سيما أن جدول الأعمال الذي تضمنه المرسوم الموقع من رئيس الجمهورية ورد فيه بند البحث في مشاريع أو اقتراحات قوانين ملحة تتعلق بالانتخابات النيابية.
ولا تستبعد بعض الكتل النيابية أن يعمد «التيار الوطني الحر» الذي سبق أن قدّم الطعن بقانون انتخابات المغتربين، إلى إعادة طرحه عبر تقديم اقتراح قانون بهذا الشأن، وبالتالي إحداث إرباك حول هذا الاستحقاق، لا سيما أن المعركة الانتخابية انطلقت والمهل الدستورية باتت ضاغطة، وتؤكد كل الأطراف أن أي محاولة من هذا القبيل تعني محاولة للإطاحة بالاستحقاق.
وفي هذا الإطار، تحدث النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن عما وصفها بـ«الحركة المريبة»، مؤكداً العمل على التصدي لأي محاولات لتأجيل الانتخابات في مجلس النواب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في الأساس التيار الوطني الحر بذل كل جهوده للتصدي لقانون اقتراع المغتربين مبدياً رغبته في إجرائها وفق الدائرة 16، ومن ثم أعلن امتعاضه من قرار المجلس الدستوري رداً على الطعن الذي تقدم به نوابه وأعلنوا صراحة أنهم لن يسكتوا على ما حصل»، من هنا يقول أبو الحسن: «إذا حاولوا تقديم اقتراح قانون للسير بالدائرة 16 وأمنوا تصويت الأكثرية له، علماً بأننا سنتصدى لهم، فهذا يعني الإطاحة بالمهل الدستورية وتطيير الانتخابات النيابية»، ويسأل: «لماذا طرح رئيس الجمهورية مشاريع أو اقتراحات قوانين ملحة تتعلق بالانتخابات النيابية؟»، معتبراً أن هذه الخطوة تعني أنهم يستبطنون شيئاً ما.
وكان المجلس الدستوري قد أعلن قبل أسبوعين عدم التوصل إلى قرار في القانون المطعون فيه من قبل «التيار الوطني الحر»، واعتبر القانون ساري المفعول، أي أن تتم الانتخابات وفق القانون، كما تحددها وزارة الداخلية (التي عادت وحددتها في 15 مايو)، وبالتالي تأجيل إجراء الانتخابات في الدائرة 16 (المخصصة للمغتربين) لعام 2026، ومساواتهم مع المقيمين بالاقتراع لـ128 نائباً.
والخشية التي يعبّر عنها «الاشتراكي» تتحدث عنها أيضاً مصادر حزب «القوات اللبنانية»، التي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستبعد أي شيء مع التيار الوطني الحر، ولكن هناك استحالة موضوعية وعملية بعد دعوة الهيئات الناخبة وبعد فتح باب الترشيحات، فالقانون أصبح ساري المفعول عملياً، وأي محاولة جديدة لتعديله هي مخالفة ومحاولة صريحة للإطاحة بالقانون سعياً للتمديد»، مؤكدة في الوقت عينه أنه «في مطلق الأحوال سنتصدى لأي محاولة من هذا النوع».
ومع ترقّب لما ستحمله جلسات البرلمان في الدورة الاستثنائية، تؤكد مصادر نيابية في حركة «أمل» أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن تأجيلها له نتائج كارثية على لبنان. وفيما تلفت إلى صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة تسأل: «من له المصلحة في تطيير الانتخابات النيابية وتحمل تداعيات هذا الأمر أمام اللبنانيين والمجتمع الدولي؟»، من هنا تؤكد المصادر أن «مصداقية الجميع على المحك في هذا الموضوع، ولا أحد يحتمل مخاطرة مقاربة القضية من باب تعطيل الانتخابات»، وتقول: «لا نريد أن نحكم على النوايا، لكن على الجميع أن يقرن الأقوال بالأفعال».
ومن الناحية الدستورية لا شيء محظور على البرلمان، بحسب ما يؤكد الخبير الدستوري رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية، بول مرقص، مع استبعاده إمكانية تأجيل الانتخابات بعد الآن. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الدخول في تعديل القانون مرة جديدة سيؤدي إلى إرباك وزعزعة إضافية للثقة الانتخابية والاستقرار التشريعي». ويوضح: «لا شيء محظور على البرلمان ويمكن أن يناقش ما يريده، لكن إقرار التعديلات إذا حصلت، عندها قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات أو تؤثر في المهل الانتخابية من إقفال لوائح الشطب وباب الترشيحات والرجوع عنها وغيرها، وعندها لا بد من الأخذ بعين الاعتبار تعديلها تباعاً وتضييقها، ما قد يؤدي إلى ضرب ما يعرف في القانون بـ(المهلة المعقولة) قبل الانتخابات، حيث يفترض أن يعرف كل من الناخبين والمرشحين على أي قانون سيقدمون الترشيحات وسينتخبون».
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت عن توقيع الرئيس ميشال عون المرسوم القاضي بدعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي من 10 كانون الثاني الحالي، ويختتم في 21 آذار المقبل، وفق برنامج أعمال محدد، وقد وقعه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
وإضافة إلى إشارة المرسوم إلى «القوانين المصدقة، التي قد يطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر بها»، تضمّن جدول الأعمال «مشاريع أو اقتراحات قوانين ملحة تتعلق بالانتخابات النيابية ومشاريع القوانين التي ستحال إلى مجلس النواب كما مشاريع أو اقتراحات القوانين الطارئة والمستعجلة والضرورية المتعلقة بالإصلاحات اللازمة والضرورية أو بخطة التعافي المالي أو بالأوضاع المعيشية الملحة التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس، لا سيما اقتراح القانون المتعلق بوضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية واستعادة الأموال المحولة إلى الخارج ومشروعي قانوني الموازنة العامة لعامي 2021 و2022، إضافة إلى عقد جلسة مساءلة الحكومة والرد على الأسئلة أو الاستجوابات الموجهة إلى الحكومة».
المصدر : الشرق الأوسط