السلطة تضع “عربة” الموازنة قبل “أحصنة” الخطة الشاملة
متأخرة أكثر من ثلاثة أشهر، استفاقت السلطة على مشروع موازنة 2022 كمدخل اقتصادي، ومطلب دولي لفك العُقد السياسية. بالمبدأ كان من المفترض أن تحوّل الحكومة مشروع الموازنة إلى المجلس النيابي منذ 15 تشرين الأول 2021، تاريخ بدء العقد العادي الثاني المخصص لمناقشتها والتصويت عليها. أما وقد أتت متأخرة، فهذا ليس بالمنطق الاقتصادي “خير من أن لا تأتي أبداً”. فهذه الموازنة “لن تختلف حسبما يظهر عن سابقاتها لا في الشكل ولا في المضمون”، برأي خبير المحاسبة المجاز جعفر سلامة، و”هي لم تعد استناداً إلى الخطة الاقتصادية الشاملة والبعيدة المدى، التي من المفترض أن تأتي الموازنات للسنوات الخمس القادمة كترجمة حرفية لها، وعليه لن تأخذ بالاعتبار سعر الصرف المعتمد، والاصلاحات البنيوية المطلوبة، ومصير الديون المعلقة، والإجراءات الضريبية والعائدات المنتظرة”.
باستثناء الحوافز للقطاع العام التي من المتوقع أن يتضمنها مشروع موازنة 2022، فان “البنود الاصلاحية ستكون الغائب الأكبر عنها”، بحسب سلامة، و”ستكون شبيهة بالموازنات السابقة بنسبة 70 في المئة لجهة الاعفاءات والغرامات التي ستعطى لشركات القطاع الخاص، وتمديد المهل المتعلقة بالتسويات”.
صحيح أن مشروع الموزانة سيتوقع للعام 2022 زيادة في الايرادات نتيجة احتساب الضريبة على القيمة المضافة على سعر صرف السوق وليس على سعر الصرف الرسمي، وامكانية تضمينها أيضاً عائدات الجمارك على سعر أعلى من 1500 ليرة للدولار إلا أنها ستبقى موازنة وهمية. وطالما لا تحتسب مستحقات الديون بالعملة الأجنبية المتوقفة عن سدادها منذ آذار 2020 من دون مفاوضات ومصير الديون بالليرة اللبنانية، فان الموازنة لن تكون حقيقية. ومن جهة أخرى فان اعتماد سعر صرف مخالف لسعر صرف السوق الحقيقي بالمقارنة مع ناتج إجمالي تدنى عن 20 مليار دولار سيجعل من نسبة العجز بالمقارنة مع الناتج قليلة، وهو أيضاً عامل وهمي ويخالف ما تنتظره الجهات الدولية لجهة تخفيض العجز في الموازنة إلى أقل من 5 في المئة. مرة جديدة تضع الحكومة “عربة” الموازنة قبل “أحصنة” الخطة الشاملة، التي من المفترض أن تجر البلد من حفرة الأزمة الواقع فيها… الأمر الذي يفقد الأمل بأي حل انقاذي في القريب العاجل.
المصدر : نداء الوطن