الواقع الإستشفائي خطيرٌ وكارثيّ: كورونا يتفشّى!
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن“:
يمكن وصف الواقع الصحي في عكار بأنه كارثي على جميع المستويات، سواء من ناحية وباء “كورونا” الذي يتفشّى بشكل رهيب بين الناس، أم من ناحية الأمراض الأخرى وحاجة الناس لدخول المستشفيات وارتفاع أكلافها والفاتورة الإستشفائية والدوائية التي فاقت قدرة أكثريتهم في هذه المنطقة، ناهيك عن المشاكل الكثيرة التي تقضّ مضاجع المواطنين وهم في أصعب ظرف اقتصادي على الإطلاق.
في الشأن “الكوروني” بالتحديد، عدد قليل من الأسرّة موجود في المستشفى الحكومي التي امتلأت بالقسم المخصص. بالتوازي، حالات بالعشرات إن لم نقل بالمئات، تعالج نفسها بنفسها في المنازل مع ارتفاع أسعار الأدوية وماكينات الأوكسجين، ولا نبالغ إن قلنا أن هناك مرضى يعالجون أنفسهم بالتداوي بالأعشاب على الطريقة البدائية (بغلوة زعتر وغلوة نعنع) لأن لا قدرة لديهم على شراء الأدوية. وفي حادثة حصلت قبل أيام، ساء وضع أحد المرضى في قرية عكارية ولم يجد له سريراً في كل مستشفيات الشمال الشغّالة على الخط “الكوروني”، وبعد جهد جهيد ووساطات، تأمّن له سرير في مستشفى رفيق الحريري في بيروت، شرط أن يقصده في اليوم التالي، ولكن لسوء الطالع فارق المريض الحياة في الليلة التي سبقت.
إلى ذلك يلجأ العديد من المرضى إلى المراكز الصحية ومراكز الرعاية الأولية للتداوي، وهذه الأخيرة تتحمل ضغطاً كبيراً. في هذا الصدد، يشرح رئيس بلدية ببنين العبدة الدكتور كفاح الكسار لـ”نداء الوطن” الواقع ويقول: “نعيش كارثة حقيقية بكل معنى الكلمة، مع بداية الموجة الثالثة لـ”كورونا”، مع تزايد أعداد المرضى الذين يعانون من التليف الرئوي والفشل التنفسي، ونقص الأوكسجين والإرتفاع في الحرارة الذي قد يؤدي إلى جلطات، في الساعة الواحدة أستقبل في مركز الإيمان الطبي أكثر من عشر حالات”كورونا”.
ويسأل: “أين وزارة الصحة ونواب المنطقة والمسؤولون من هذا الموضوع؟ هناك أناس يموتون في منازلهم، وآخرون يموتون وهم يتنقلون من طوارئ مستشفى إلى طوارئ مستشفى آخر ولا توجد لهم أسرّة. بالمقابل لا نرى معالجات من وزير الصحة ولا هو يطمئن الناس عن الخطة المستقبلية لوزارة الصحة ولا حتى أقله أن يتحدث عما في جعبته لمواجهة تفلت “كورونا”.
ويتحدث الكسار عن “عشرات الحالات التي تطورت إلى الأسوأ، نتيجة عجزهم عن تأمين الأدوية بسبب غلاء أسعارها. لا نبالغ أبداً عندما نقول إننا أمام كارثة إنسانية أخلاقية مقبلة علينا، إن لم نتداركها بتعاضدنا. سبق واقترحت فكرة صندوق تعاضدي للموضوع الصحي في عكار، وأكرر هذه الدعوة بالنظر إلى الحاجة الملحة إليها، ولا يجب أن يكون اجتماعنا فقط لأجل المصلحة!! ليس هناك مصلحة أهم من أن نجتمع لنخلّص الناس من كارثة صحية كبيرة”.
ويتابع الكسار: “مستشفيات حكومية ومدراؤها يلبوننا ولكن هذا يبقى قليلاً أمام الضغط الكبير للمرضى. وأتمنى على نواب المنطقة وفاعلياتها التواصل مع المستشفيات الخاصة، حتى لو وزارة الصحة تقاعست أو أخطأت، فعليهم أن ينظروا إلى الموضوع من الجانب الإنساني وهذا واجب أخلاقي قبل كل شيء. على نواب المنطقة وفاعلياتها حض أصحاب المستشفيات على استقبال مرضى “كورونا”، ومساعدة من يريد منهم استقبالهم، في الوصول إلى حقوقه أو حل مشاكله مع الوزارة بطريقة من الطرق. فالقضية التي نحن أمامها تحتاج إلى هبّة أخلاقية إنسانية على مساحة المنطقة والوطن. أتفهم أن هناك الكثير من الهموم في الشتاء ولكن لا شيء يتقدم على الهم الصحي أمام ازدياد مخيف لأعداد مرضى “كورونا”.
ويختم: “الواقع مرير وأعان الله شعوبنا على ما ابتلاها وعلى المصائب التي تتوالى على رؤوسها من كل حدب وصوب”.
نشير إلى أن المستشفيات التي تفتح أقساماً لمرضى “كورونا” تطلب من المرضى أرقاماً مالية خيالية، لن يكون بمقدورهم الإستجابة لها.