دعوى جديدة ضدّ بيطار في الساعات المقبلة
كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط“:
قبل أن تُستأنف التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت بشكل فاعل، عادت العراقيل لتوضع مجدداً أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، في محاولة جديدة لقطع الطريق على استدعاء السياسيين الملاحَقين في القضية، وكشفت مصادر مواكبة لمسار التحقيقات لـ«الشرق الأوسط» أن وكلاء الدفاع عن وزير المال السابق والنائب الحالي علي حسن خليل «بصدد تقديم دعوى جديدة خلال الساعات المقبلة، أمام محكمة التمييز المدنية برئاسة القاضي ناجي عيد، لطلب ردّ البيطار وكف يده عن استئناف التحقيق».
وتتزامن هذه الخطوة مع إحالة النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها البيطار قبل شهرين بحق علي حسن خليل، وتأكيد المحقق العدلي ضرورة تنفيذ المذكرة بشكل «فوري وعاجل»، وتأتي هذه الخطوة بعد رفض المدير العام لقوى الأمن الداخلي تنفيذ المذكرة، مستنداً بذلك إلى المادة 40 من الدستور، التي «تحظّر ملاحقة النائب أو اعتقاله خلال انعقاد الدورة العادية للمجلس النيابي، إلّا في حالة التلبّس أو الجرم المشهود».
ولا يترك السياسيون المدعى عليهم في القضية، وهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنواب غازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق، وسيلة قانونية إلا ولجأوا إليها للحَول دون مثولهم أمام البيطار، وتجنّب مخاطر إصدار مذكرات توقيف وجاهية بحقّهم، بالنظر إلى المسؤولية الجزائية التي يلاحقهم المحقق العدلي على أساسها، وهي «القصد الاحتمالي لجريمة القتل، والتسبب بسقوط ضحايا جراء انفجار المرفأ».
وأكدت المصادر أن وكلاء النائب علي حسن خليل «يسابقون الوقت وهم الأكثر استعجالاً في هذه المرحلة لتنحية البيطار، خصوصاً بعدما أعاد الأخير مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق موكلهم إلى النيابة العامة التمييزية، وطلب تنفيذها على وجه السرعة، وهو ما أحرج النيابة التمييزية، التي وجدت نفسها مضطرة لإحالتها على الأجهزة الأمنية»، مشيرةً إلى أن المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان (الذي يمثّل النيابة العامة التمييزية في ملف المرفأ)، «أحال مذكرة التوقيف على القوى الأمنية، وطلب تنفيذها خارج انعقاد الدورة العادية للبرلمان اللبناني، أي ما بين الأول من كانون الثاني المقبل، ومنتصف شهر آذار المقبل، حيث يكون المجلس من دون دورة عادية ويصبح النواب غير مشمولين بالحصانة البرلمانية، إلا إذا صدر مرسوم موقع من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لفتح دورة استثنائية للبرلمان، إلا أن هذا الأمر غير متاح في الوقت الحاضر».
وبمجرّد تقديم دعوى جديدة لردّ البيطار (كفّ يده)، وتبلغه مضمونها، فإن التحقيق سيعلّق حكماً إلى حين البتّ بالدعوى من المحكمة، التي تحتاج لعدّة أسابيع لإبلاغ جميع الأطراف فحواها وإبداء رأيهم بشأنها.
أما على صعيد التحقيقات، فقد استمع البيطار أمس إلى ثلاثة شهود في القضية، كما التقى وفداً من أهالي الموقوفين الـ17 الذين ناشدوه «المسارعة في إخلاء سبيل أبنائهم عشية عيدي الميلاد ورأس السنة». وأكد الأهالي للبيطار «استعداد الموقوفين للخضوع لكل الشروط التي يضعها مقابل الإفراج عنهم، ومنها منعهم من السفر ومصادرة جوازاتهم، بما في ذلك وضعهم قيد الإقامة الجبرية في منازلهم». ورأوا أنه «من الظلم إبقاء الموقوفين الموظفين في السجون، بينما المسؤولون الكبار من سياسيين يتمرّدون على القضاء ويرفضون المثول أمام التحقيق».
واستأثرت صور الأقمار الصناعية الروسية التي سُلّمت قبل أيام للسلطات اللبنانية، باهتمام القاضي البيطار، وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن المحقق العدلي «اطّلع على مضمون صور الأقمار الصناعية الروسية العائدة لمرفأ بيروت، التي التقطها القمر الروسي قبيل الانفجار وفي أثنائه». ووصف المصدر الصور بـ«الجيدة» وقال إن البيطار «أخذ المعلومات التي يريدها وهو سيستثمرها في تحقيقاته»، وبشأن الكشف عمّا إذا كانت الصور حسمت أسباب الانفجار وما إذا كان نتيجة استهداف جوي، شدد المصدر على أن «هذه المعلومات تدخل في سرية التحقيق ولا يمكن الإفصاح عنها إلا في القرار الظني الذي سيُصدره البيطار بعد استكمال التحقيقات من جوانبها كافة».