مواجهة غير متكافئة مع كورونا: 80 في المئة من الأسرّة مشغولة!
كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:
تحلّ «ذروة» فيروس كورونا هذه المرة في ظل ضعف القطاع الاستشفائي. ففي وقت ترتفع أعداد المصابين الذين يحتاجون للاستشفاء، لا تزال مواكبة هذه الزيادة في المستشفيات بطيئة. ولا يتوقع كثيرون أن ترفع المستشفيات جاهزيتها كما في المرة السابقة، إذ إن العودة إلى 40 أو 50% مما كانت عليه آخر مرة في مواجهة كورونا سيكون أقرب إلى الإنجاز إن تحقق.
614 مصاباً بفيروس كورونا يعالجون، اليوم، في المستشفيات، من بينهم 289 في العناية الفائقة و46 موصولون إلى أجهزة التنفس الاصطناعي. الأخطر، بحسب المعنيين، أن الأسرّة المشغولة تشكّل ما لا يقل عن 80% من الأسرة المتوافرة في المستشفيات لعلاج مرضى كورونا، إذ «ليس هناك أكثر من 800 بين أسرّة عادية وأخرى في العنايات الفائقة»، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي.
وفيما تتحضر البلاد للذروة الرابعة من التفشي، لا يبدو القطاع الاستشفائي قادراً على مواكبة هذه الذروة. فحتى اللحظة، لا يزال عدد المنخرطين في المواجهة مقتصراً على المستشفيات الحكومية وبعض المستشفيات الخاصة التي لا يزال جزء من أقسامها مفتوحاً، على ما يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. إلا أن القدرة الاستيعابية لهذه المستشفيات لا تفي بالغرض المطلوب، إذ إن جزءاً كبيراً منها لم يعد هذه المرة بكامل الأسرّة التي واجه فيها الذروة الماضية، ما يجعل المواجهة مع الفيروس غير متكافئة وقد تصبح في غضون أيام خاسرة.
ولئن كان التواصل مع المستشفيات الخاصة جارياً لإعادة فتح أقسام كورونا، لا يبدو أن ثمة من يتشجّع لتلك العودة، على ما يؤكد عراجي، انطلاقاً من أن الظروف اليوم تختلف عما كانت عليه في السابق، على الأقل في ما يخص «ملف الدعم». وإذ يؤكد هارون أن المستشفيات الخاصة ستشارك في المواجهة، وأن «بعض المستشفيات بعدها عم تستقبل»، إلا أنه يحسم أن العودة إلى الجاهزية التي كانت عليها سابقاً «غير ممكنة (…) والوصول إلى 50% مما كنا عليه سابقاً سيكون إنجازاً». وهو يسهب في شرح الأسباب لذلك، في مقدمها رفع الدعم الذي طال المستلزمات الطبية بما فيها المعدات الواقية للعاملين الصحيين والأطباء، والأدوية. فبعد رفع الدعم، زادت أسعار المستلزمات الطبية 10 إلى 13 ضعفاً، وباتت تباع للمستشفيات بالدولار «الفريش» و«نقداً عند التسليم». أما الأدوية، فعدا عن «المقطوع» منها، فقد تضاعفت أسعار بعضها الآخر، ما انعكس ارتفاعاً في كلفة الفاتورة. وتنسحب هذه الزيادة على الأوكسيجين حيث تطالب الشركات اليوم المستشفيات بتسديد نصف الكمية المسلمة بالدولار أو سعر السوق الموازية، مقابل نصفٍ على السعر الرسمي.
ويلفت هارون إلى أن حاجة المرضى في الغرف العادية للأوكسيجين هو «5 ليترات بالدقيقة»، فيما تصبح في غرف العناية الفائقة بحدود «70 إلى 80 ليتراً في الدقيقة». أم كيف تترجم تلك الحاجات؟ «بالكلفة»، يقول هارون، لافتاً إلى أن «كلفة حاجة المريض من الأوكسيجين في غرفة العناية باليوم تبلغ مليوناً ونصف مليون ليرة»، يضاف إليها مليون ونصف مليون أخرى «كلفة بدلات الـPPE على المريض… وما يقرب من 60 دولاراً أخرى أجرة الإقامة في غرفة العناية الفائقة». كل تلك الأكلاف من دون احتساب الحاجات الأخرى، من أدوية وغيرها، تجعل «كلفة المريض» اليومية بين 6 و10 ملايين ليرة، «بحسب حاجته إلى الأدوية والفحوصات». أما الأسوأ من ذلك كله، فهو الفقدان الذي تعانيه المستشفيات في طواقمها التمريضية، بحيث باتت الحاجة تفوق ما هو متوافر اليوم، وهو ما يعد سبباً إضافياً بالنسبة لأصحاب المستشفيات للتخفّف من أعداد الأسرّة والمشاركة… على الأقل حفظاً لماء الوجه.