أين نذهب بجبران باسيل؟ أين نخبئه من عيون الناس؟
من أين نبدأ بجبران باسيل؟
رئيس التيار الوطني الحر نموذج لكل ما هو سيء عموماً. لديه موهبة مثيرة للإعجاب في أن لا يخرج عنه أي موقف مشرف، أو أخلاقي، أو يتمتع بأدنى صوابية من أي نوع كانت.
مستحيل. الصهر النزق للرئيس النزق ليس مستعداً للخجل بمحتواه العنصري الطائفي الفوقي الشوفيني. هذه النعوت الأربعة ليست شتائم. حتى بالنسبة له ليست كذلك، بل يتفاخر بها. هذه صورته عن نفسه كلبناني بلدي أصيل لا تشوبه شائبة: أن يكون عنصرياً وطائفياً وفوقياً وشوفينياً، إضافة إلى أن يكون شاطراً، انتهازياً، قناص فرص، كاذباً، وقحاً، صلفاً، خبيثاً، وضيعاً. وهذه أيضاً ليست شتائم. هي وصف لحالة.
جبران باسيل هو الجار الذي لا يطيقه أحد. منتفخ بلا سببٍ منطقي، يهوّل على الجميع بلا داعٍ. يزعم تضحيات من أجل الحي لا يصدقها أي من سكانه، يطلق وعوداً يعرفون مسبقاً أنه عاجز عن تحقيقها، ويدعي انجازات لا يراها غيره في وسط الخراب.
موقفه، تغريدته الأخيرة، لا تشذ عن صورته. ما إن أعلنت وزارة العمل اللبنانية قرارها المبهم أصلاً، والإشكالي، عن السماح للفلسطينيين والأشخاص مكتومي القيد وأبناء الأمهات اللبنانيات العمل في مهن ممنوعين عنها، حتى قفز اللبناني الخارق ليعلن: قرار وزير العمل السماح للفلسطينيين ومكتومي القيد بممارسة عشرات المهن المحصورة باللبنانيين مخالف لقانون العمل وللدستور وهو توطين مقنّع ومرفوض. وندعو النقابات لكسره أمام مجلس شورى الدولة واللبنانيين لعدم الالتزام به.
ثم، كأي لبناني حانق حين يخرج عن طوره تابع بالعامية (كمن راح يصرخ فجأة): ما بتمرق هيك قصة! وما رح نسمح اللبنانيين وظائفهم بهالظروف. ولو أن تويتر يسمح له بأحرف إضافية لزاد صرخة ختامية من نوع: ”عنصري بلبنانيتي“ أو ”خزّقني يا وطني“ أو ”زارع الأرزة بمناخيري“.
ردة الفعل الأولى على التغريدة أعلاه مجرد إحراج شديد لشركاء باسيل في الوطن، أي نحن اللبنانيين. إحراج من نوع أين نذهب بك يا جبران؟ لماذا تفضحنا وتضحك الناس علينا؟ لماذا يا جبران تفعل بنا هذا؟ خبئوه جرصنا.
جبران، بفطتنه المعهودة، استنتج، للمرة الألف، أن السماح للفلسطينيين بالعمل توطين مقنع. جبران، أصلاً، يرى أن تنفس الفلسطينيين، وبقاءهم بالتالي أحياء، توطين مقنع، فما بالك بأن يسمح لهم بالعمل، فيهجمون ليلاً على وظائف اللبنانيين ويأخذونها بالقوة ويستيقظ جبران على لبنان وقد احتلته هذه المخلوقات الفضائية الطامعة بهذا الجزء من العالم الذي لا مثيل له حرفياً، في أي مكان آخر. ويضطر لأن يراهم بالعين المجردة، بعدما لم يعد من مفر منهم، وقد احتكروا كل الوظائف وملأوا الساحات والمطارح.
ومع أنه لا يعلم شيئاً عن مكتومي القيد، ولا يريد أن يعلم عنهم شيئاً، إلا أن هؤلاء الذين قد يكونون موجودين في لبنان قبل شجرة عائلته كلها، شملهم جبران برفضه. لا نقاش. هكذا يريد جبران، وعلينا دائماً الوقوف عند خاطر جبران، صهر العهد الذي أفسده الدلال. هؤلاء المكتومو القيد، اللبنانيون أماً عن جدة، وأباً عن جد، المظلومون تاريخياً بسبب تخلف النظام اللبناني وخسته، لا يحق لهم بالعمل، ناهيك عن الحلم بالجنسية، بينما جبران يعمل على تجنيس ملايين في العالم هاجر أجدادهم قبل وجود لبنان نفسه، لا يعرفون أين يقع لبنان، وأين يقع جبران باسيل، وعلى الأرجح أنهم حين سيتعرفون على لبنان وباسيل وأمثاله من صفوة زعماء البلد، سيفضلون أخذ القطار من محطته الأخيرة والانضمام إلى اللبنانيين الباحثين عن جنسية بلد آخر. ففي آخر النهار، ليس عملياً أن يسعى مواطن أجنبي في سبيل نيل جنسية بلد لن يسمح له إلا أن يحلم بأن يسعى لأن يهاجر ويصير مواطناً أجنبياً.
daraj