ناصر وعامر “يشتريان” الأولاد من سوريا ليبيعوا الورد في لبنان.. ومحكمة الجنايات تحكم بطردهما من الأراضي اللبنانية مؤبداً بعد إنفاذ مدة محكوميتهما!
كتب المحرر القضائي: تقدّمت مندوبة الأحداث في مكتب إتحاد حماية الأحداث في قصر عدل بعبدا بإخبار من النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان يتضمّن معلومات حول ارتكاب المتّهميَن ناصر.ع وعامر.ع (سوريان) جرم الإتجار بالبشر، حيث يُقدمان على إحضار بعض القصّر من سوريا للإتجار بهم وإجبارهم على التسوّل وبيع المنتجات على الطرقات مقابل بدل مالي يُعطى لذويهم، وهما متواجدان حالياً في لبنان وينويان السفر الى سوريا.
وتبيّن من مضمون الإخبار أنه، أثناء العمل الميداني للجنة الإنقاذ الدولية، وخلال إحدى النشاطات اليومية في محلة الكسليك، تحدثت إحدى العاملات الإجتماعيات في اللجنة الى القاصر علي.ع البالغ من العمر ١٥ عاماً، فأخبرها بأن والده المتّهم ناصر يجبره على العمل ببيع الورد في شارع الكسليك ليلاً من الساعة الخامسة من بعد الظهر حتى الرابعة فجراً، مضيفاً بأن والده إصطحب القاصر محمد( ١٠ سنوات) من سوريا بطريقة غير شرعية من دون والديه ومن دون أوراق ثبوتية، وهو يعمل في بيع الورد في محلة الزلقا من الساعة الخامسة بعد الظهر حتى الثامنة صباحاً، مدلياً أن والده ناصر يرسل مبلغاً شهرياً الى والدة محمد في سوريا، وأن هذا الأخير يتعرّض للضرب المبرح والشتائم في حال عدم تأمينه المبلغ المطلوب منه.
وتبيّن أنّ اللجنة المذكورة زارت منزل المتّهم ناصر حيث قابلته مع زوجته وهيبة وأولاده علي(١٢ عاماً)، وناريمان ( ٦ سنوات) و أحمد (سنة واحدة) ومحمد أي الطفل الذي ذكره علي سابقاً، وأن الإختصاصية الإجتماعية سألت المتّهم عن علاقة محمد بالعائلة لكنه لم يقدّم جواباً واضحاً، مكتفياً بالقول إنه يريد إضافته على ملف التسجيل لدى المفوضية العليا لشؤون اللآجئين، كما لاحظت أن محمد لا يتفاعل مع أطفال العائلة في النقاشات حول وضعها، وأن زوجة المتّهم ناصر إتصلت بالإختصاصية الإجتماعية طالبةً رؤيتها لإعطائها معلومات مثيرة للقلق عن زوجها، إلا أن الزوجة لم تتمكن من الحضور في الموعد المحدّد لأن زوجها أجبرها على مغادرة المنزل معه حسبما أعلمتهم الزوجة التي لم تتصل بهم منذ حينه.
وتبيّن أنّ الإخبار يتضمن صورة عن محضر جلسة إستماع قاضي الأحداث في جبل لبنان الى القصّر علي.ع وجمال.ع وعلي.ع.ع و ومحمد.ح، بالإضافة الى والدة علي.ع وخالة علي.ع.ع، حيث أدلى القاصر محمد.ح بأن خَاليه المتّهمَين ناصر وعامر يجبرانه على العمل تحت طائلة ضربه وقد هدّداه بالضرب أيضاً في حال تفوّه بكلمة أمام المحكمة، مضيفاً بأن ناصر يتعاطى المخدرات من نوع حشيشة الكيف امامه، كما أنّ المتّهمين يجبرانه على بيع الورد، وأنّ ناصر يجبر ولداً عمره تسع سنوات على بيع الورد ويأخذ منه النقود ويتعرّض له بالضرب، وأنّ المتّهم المذكور إشترى هذا الطفل من والديه المحتاجَين للمال، وأنّ المتّهم عامر يعيش مع ولدين هما أحمد وعبدو إشتراهما من والديهما، وهو يجبرهما على العمل ويستولي على نقودهما.
وأدلى القاصر علي.ع.ع بأنّ خاليه المتّهمَين موجودان في سوريا وهو مرتاح في منزله ولا يعمل في الشارع، ومن ثم أفاد أنه يعمل في بيع الورد بإرادته ومن تلقاء نفسه، الا أن شقيقه مصطفى يأخذ منه رغماً عنه كل ما يجنيه من بيع الورد.
وأدلى القاصر علي.ع بأنّ والده ناصر يتعرّض له بالضرب وأنه قد أتى بولد من سوريا يُدعى محمد يجبره على بيع الورد معه ويستولي على أمواله ويتعاطى المخدرات، مشيراً الى أنّ ناصر يعطي القاصر جمال.ع حشيشة الكيف، وأنّه طلب منه أن يقول للمحكمة أنّه، أي المتّهم ناصر، موجود في سوريا حالياً، مضيفاً أنّ خاله المتّهم عامر استقدم ولدين شقيقين من سوريا يُدعيان أحمد وعبدو وأنه يقوم بتشغيلهما وضربهما.
وأدلى القاصر جمال.ع بأن والده عامر منفصل عنه وعن والدته، نافياً قيامه ببيع الورد، في حين أكدت والدته دجى.ع على أنها منفصلة عن المتّهم ولا تعرف عنه شيئاً، أما المدعوة أمورة.ع فنفت عمل الأولاد في مجال بيع الورد، مدليةً بأن المتّهمَين موجودان في سوريا حالياً.
وتبيّن أنه في معرض التحقيقات الأولية أمام مفرزة جونية القضائية، أفاد المتّهم ناصر بأن إقامته منتهية الصلاحية منذ العام ٢٠١٣ ولم يُقدم على تجديدها، مضيفاً أن إبنه علي يقوم ببيع الورد في محلة الكسليك بهدف تأمين حاجاتهم المادية كونه أب لأربعة أولاد، منكراً قيامه بأعمال عنف في حق أي من أولاده القصّر.
وتبيّن أنه في مرحلة التحقيق الإبتدائي، أنكر ناصر ما أُسند اليه مكرّراً أفادته الأولية، نافياً قيامه باستغلال قاصر يُدعى محمد، مضيفاً أنه لم يُدخل أي ولد بطريقة غير شرعية من سوريا.
وتبيّن أنّه، بمعرض استجوابه من قبل هذه المحكمة، أنكر ناصر ما أُسند اليه مكرّراً كل أقواله السابقة، مضيفاً أنه متزوج وله أربعة أولاد تتراوح أعمارهم بين عام واحد و١٦ عاماً، مشيراً الى أنه في أيام الجمعة والسبت والأحد يقوم ببيع الورد مع إبنه علي لتأمين معيشتهم، نافياً أي علاقة له بالطفل محمد، ومستغرباً ما أدلى به إبنه علي. وقد أوضح أن مدخوله الشهري يبلغ ٦٠٠ ألف ليرة لبنانية في عمله في بويا السيارات وبين ٤٠٠ و٦٠٠ دولار أميركي من بيع الورد.
هيئة محكمة الجنايات في بيروت أصدرت حكماً في القضية جرّمت فيه المتّهم ناصر.ع بجناية المادة ٥٨٦- فقرة ٤ المعدّلة من قانون العقوبات، وإنزال عقوبة السجن مدة عشر سنوات بحقه مع تغريمه مبلغ ٢٠٠ مليون ليرة لبنانية، وبإدانته بجنحة المادة ٣٦/ أجانب، وحبسه عنها شهراً وتغريمه ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية، وإدغام هاتين العقوبتين على أن تُنفذ بحقه العقوبة الأشد، وتخفيض العقوبات بعد منحه الأسباب التخفيفية الى السجن مدة ثلاث سنوات مع غرامة مالية قدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية، على أن تُحتسب له مدة توقيفه.
كما قرّرت المحكمة تجريم المتّهم عامر.ع بجناية المادة عينها، وإنزال عقوبة الأشغال مدة عشر سنوات في حقه، مع تغريمه مبلغ ٢٠٠ مليون ليرة لبنانية، والتأكيد على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة في حقه وتجريده من حقوقه المدنية، كما قضى الحكم بطرد المتّهمَين من الأراضي اللبنانية مؤبداً فور إنفاذ مدة محكوميتهما.