لبنان

“التيار” بحال ضياع وانقسام.. والعهد حائر بين لبنان وباسيل!

كتب منير الربيع في “المدن”: تتضارب المواقف والمعطيات المحلية والخارجية حيال الأزمة الحكومية وكيفية الخروج منها. لا أجوبة واضحة لدى القوى السياسية والكتل النيابية حيال التصرف الدولي مع استحقاق تشكيل الحكومة.

فرنسا والحريري وباسيل

بعض الدول يريد الإسراع في تشكيل حكومة، بغض النظر عن شكلها، لأن الأهم هو برنامج عملها. وهناك قراءة محلية تقول إن المواقف الدولية لم تتغير، ولا تزال الشروط على حالها.

الموقف الفرنسي معروف. ففرنسا تبذل جهدها لتمرير استشارات يوم الخميس، وتكليف الحريري رئاسة الحكومة، بناءً على اتفاق رئيس تيار المستقبل مع الثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة. أصبح واضحاً أن هذه القوى تحدد حصصها ووزراءها. ما يعني أنها حكومة “سياسية”. أما التيار العوني فاعتمد التصعيد، منطلقاً من مبدأ رفض تعاطي الحريري مع القوى، واستثنائه جبران باسيل من اللقاءات أو الاتصالات.

بين باريس وواشنطن

لم تتضح بعد حقيقة الموقف الأميركي من هذه المبادرة. والأنظار كلها كانت متجهة إلى ما سيعلنه ديفيد شينكر في هذا المجال. وحسب المعلومات، هو تجنّب الغوص في التفاصيل. واثناء لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي شدد على تشكيل حكومة حيادية، شفافة وإصلاحية.

آخرون اعتبروا أن شينكر يدعم المبادرة الفرنسية إلى أقصى الحدود. فما بعد بدء مفاوضات ترسيم الحدود، لم يعد لدى واشنطن تلك الشروط التصعيدية حول شكل الحكومة. لكن آخرين يرون أن لا دعم أميركياً مطلقاً للمبادرة الفرنسية. فواشنطن لا تتدخل في التفاصيل، لأنها منهمكة في استحقاقها الانتخابي. لكن هذا الانشغال يمكن أن يسمح بتمرير حكومة في لبنان، على أن يكون النقاش الدولي والإقليمي حولها في مرحلة لاحقة.

من يمكنه تأجيل الاستشارات؟

وفي هذا السياق، تشير معطيات إلى أن تعطيل الاستشارات أو تأجيلها أصبح صعباً جداً. وهناك من يجزم أن سعد الحريري سيكون يوم الخميس المقبل رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة، على أن يبدأ النقاش مع القوى السياسية والكتل النيابية بعد تكليفه. الاستشارات في موعدها والتكليف معروف سلفاً، إلا إذا طرأ موقف خارجي ما، يدفع رئيس الجمهورية إلى تأجيل الاستشارات، وبالتالي رفع الغطاء عن أي تسوية مرتقبة داخلياً.

في حال حصل ذلك، يُطاح بالإيجابيات التي أُشيعت. ولا يمكن اعتبار مثل هذا الموقف لبنانياً صرفاً، بل له أبعاده الخارجية. أما داخلياً، فيعمل التيار العوني على تسويق ما يجري بأنه تحالف رباعي بين القوى الإسلامية لإقصاء المسيحيين.

دلالة موقف القوات

لكن قوى كثيرة تعتبر هذا الكلام غير دقيق، في ظل الموقف الفرنسي والروسي والبريطاني. وهنا لا بد من النظر إلى مواقف المسيحيين المستقلين، الذين يوافقون على هذه التسوية.

وهناك من يرى أن القوات اللبنانية قابلة للعودة إلى الشراكة السياسية. وهي تمثل تطلعات إقليمية تنسجم معها. أما إذا رفضت القوات التراجع، فيكون الموقف الإقليمي واضحاً في غيابه عن المشهد، وفق وجهة نظر سعد الحريري وبعض العاملين على خطّ التسوية. وتلفت مصادر مطلّعة إلى أن هناك غض نظر من جهات خليجية حيال هذه التسوية الجديدة.

العهد بين جبران ولبنان

التيار العوني في حال ضياع سياسي وانقسام في الرأي بين أعضاء تكتله النيابي. المرونة لديه غائبة تماماً عن موقف جبران باسيل. بينما هناك قناعة لدى بعض نواب التيار بأن “الشبيبة الهتلرية” لن تكون قادرة على حماية برلين.

والقناعة العونية هذه تعتبر أن ممارسات باسيل أدت إلى ضرب العهد وضرب لبنان، وكشفت زيف كل الشعارات التي رفعها عون سابقاً. فالعهد فضّل جبران على لبنان. بينما هم يعتبرون أن اللعبة أكبر من مجرد تفاصيل لبنانية وخلافات مصلحية.

أميركا والترسيم السريع

أي حكومة مقبلة ستكون مرتبطة بمفاوضات في الجنوب اللبناني، وسط إشارات تفيد بأن هذه المفاوضات ستكون أسرع مما يعتقد البعض. فالأميركيون يشددون في كل لقاءاتهم على وجوب تحقيق إنجازات سريعة في عملية الترسيم، على أن لا تتجاوز الأسابيع القليلة.

وهذا لتكريس الهدوء في لبنان، من خلال التواصل الذي بدأ مع الطائفة الشيعية عبر زيارة اللواء عباس إبراهيم إلى الولايات المتحدة الأميركية، والذي أكد أنه لم يؤت على ذكر ملف حزب الله في لقاءاته. ما يعني تجنّب النقاشات التي تثير الخلاف. على أن يمر ابراهيم في باريس، حيث يعقد لقاءات مع مسؤولين فرنسيين مكلفين متابعة الملف اللبناني. وإذا سارت الملفات السياسية وملف الترسيم إيجاباً، فإن التسوية في الداخل ستسير إيجابياً أيضاً. أما في حال تعقد المسار الاستراتيجي العام، فإن العودة إلى التصعيد والعقوبات قائمة في أي لحظة.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة