تفشٍّ جديد لكورونا: هل المستشفيات قادرة على تجديد المواجهة؟
كتبت فانيسا مرعي في “الأخبار“:
يوماً بعد آخر، يتعزّز الخوف من الانزلاق إلى حافة الخطر والانطلاق نحو مرحلة رابعة من تفشي كورونا، خصوصاً في ظل تصاعد عداد الإصابات والوفيات، وإيجابية الفحوص. السؤال المؤرق اليوم هو: هل ستكون المستشفيات قادرة على المواجهة في حال الدخول في ذروة جديدة؟ والجواب حتى اللحظة: «صعب»، في ظل تضاعف التحديات التي تعوق المواجهة، من انهيار الليرة وتضاعف أسعار المستلزمات إلى الهجرة المستمرة للأطباء والممرضين.
لم يدم «الاستقرار الصحي» أكثر من 5 أشهر، قبل أن نعود إلى مربع الخطر، مع استعادة فيروس كورونا نشاطه منذ نحو أسبوعين، منذراً بالدخول في موجة جديدة من التفشي.
اليوم، «يتمركز» الفيروس في صلب المستوى الثالث من التفشي، وقد ينزلق في لحظة غير مؤاتية إلى المستوى الرابع، خصوصاً بعد خروجه من المنطقة الآمنة، لا سيما في ما يتعلق بأعداد الإصابات التي عادت إلى تخطّي عتبة الألف إصابة، إضافة إلى الارتفاع في أعداد الوفيات وفي نسبة إيجابية الفحوص التي سجلت في بعض المناطق 15%. أما في التقرير الشامل، فليست النسبة بأحسن حال أيضاً، وإن سجلت بالمجمل 8.9%، وهي نسبة تنذر بالخطر الآتي، مقابل ارتفاع أعداد الوفيات التي راوحت في اليومين الأخيرين بين 8 و10 يومياً.
صحيح أن ثمة تعويلاً في المرحلة الراهنة على نتائج عملية التلقيح، إلا أن ما يعوق الاطمئنان هو مدى قدرة القطاع الصحي على استيعاب مرحلة التفشي في ما لو وصلنا إليها. والسؤال المؤرق في ظل صعود الأرقام هو: هل سيكون القطاع الاستشفائي قادراً على المواجهة؟ لا جواب حتى الآن، إلا أن ثمة خوفاً من صعوبة تلبية «النداء»، في ظل التحديات الكثيرة التي تجعل المواجهة أصعب. إذ لم يعد صرف الدولار هو فقط ما يعيق المواجهة، بعدما أضيف إليه الانقطاع الهائل في عدد كبير من الأدوية، والهجرة المستمرة للقطاع الطبي والتمريضي. وهي تحديات تعكسها التصريحات الرسمية، وآخرها التعليمات التي وجّهها وزير الصحة فراس الأبيض قبل أيام – بحسب معلومات لـ«الأخبار» – برفع جاهزية المستشفيات الحكومية وزيادة أعداد الأسرّة المخصصة لمرضى كورونا.
يضاف إلى هذا الواقع الحذر، أن معظم المستشفيات فقدت القدرة على استعادة زمام المواجهة. فحتى الآن، يوجد في لبنان حوالى 14 مستشفى حكومياً لا تزال تستقبل مرضى كورونا تضم 394 سريراً (178 منها للعناية). ويضاف إليها 30 مستشفى خاصاً فقط لا تزال «تحتفظ» بأقسام كورونا مفتوحة، تتضمن فقط 400 سرير (150 للعناية الفائقة). فهل يمكن لهذه المستشفيات، مجتمعة، استيعاب الأعداد الكبيرة للمصابين في حال حصول موجة جديدة؟
يؤكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، أن غالبية المستشفيات الخاصة أقفلت أقسام كورونا، مشدداً على صعوبة تحملها موجة جديدة من الفيروس، وإن كان يستبعد ارتفاع أعداد المصابين الذين يضطرون للدخول إلى المستشفيات، أقله في المرحلة الراهنة، باعتبار أعداد الذين تلقوا اللقاحات أو سبق أن أصيبوا بالفيروس.
مع ذلك، «إمكانات المستشفيات تراجعت مقارنة مع وضعها في الموجة الماضية»، يؤكد هارون، بسبب «النقص الحاد في الطاقمين الطبي والتمريضي، إضافة إلى التكاليف المرتفعة التي تتكبدها المستشفيات لشراء المستلزمات الطبية التي تباع بالدولار، عدا عن أن أسعارها بالليرة أصبحت أكثر بثلاثة إلى أربعة أضعاف عما كانت عليه سابقاً». ويلفت إلى أن المشكلة تطال أيضاً مستلزمات الوقاية من الجائحة (كالألبسة التي ارتفعت أسعارها 4 أضعاف)، إضافة إلى انقطاع عدد من الأدوية التي تستخدم في علاج مرضى كورونا ما يضطر البعض إلى شرائه من السوق السوداء.
برغم مخاوف هارون، إلا أن لرئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة، هشام فواز، نظرة أكثر تفاؤلاً، خصوصاً لناحية توافر الأدوية التي تستخدم في علاج مرضى كورونا، كذلك الأمر بالنسبة للتجهيزات الطبية، من بينها أجهزة التنفس الاصطناعي، لافتاً إلى أنه «بعدو ماشي الحال».
لكن، ما هو «غير ماشي» هي هجرة «الجيش الأبيض» التي تسببت بها الأزمة الاقتصادية، إذ تبقى هذه الهجرة الهاجس الأكبر لدى المستشفيات الخاصة والحكومية، بسبب الضغط الذي تمارسه على القطاع الصحي، خصوصاً أنها تضع حياة المريض في خطر، على ما يضيف فواز.
ماذا عن جهود الوزارة لتفادي كارثة صحية؟ يشدد فواز على ضرورة أخذ اللقاح، لافتاً إلى أن الوزارة تسعى إلى زيادة أعداد الملقحين عبر استهداف فئات عمرية جديدة واعتماد الباصات والعيادات النقالة للوصول إلى القاطنين في مناطق لا يزال معدل التلقيح فيها منخفضاً، مثل بعلبك الهرمل وعكار وبعض مناطق الجنوب.
وفي خطوة مواكبة لذلك، يشير فواز إلى أن الوزارة تتعاون مع وزارة التربية من خلال إرسال فرق لتلقيح الطلاب بعد تسجيلهم على منصة التلقيح، مع الإشارة إلى أن عدد الذين تراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة وتلقوا الجرعة الأولى بلغ نحو 90 ألفاً في حين فاق عدد الملقحين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة الـ100 ألف.