محاولاتٌ لإخفاء جهود فراس الأبيض.. من المستفيد؟
خاص ليبانون نيوز:
منذ أن طُرح اسم فراس الأبيض لوزارة الصحة اعتقد الجميع بأنّه سيدخل إلى الوزارة وبيده عصا سحرية وسيؤمّن الدواء بكلّ سهولة، والمستشفيات ستعمل على استقبال المرضى من دون صعوباتٍ وأنّ كورونا سيختفي من الوجود، ولكن أن تستلم حقيبةً وزاريةً في لبنان وفي هذا التوقيت بالذّات ليس إنجازاً بل هو أشبه بـ”كابوس”!
منذ أن أعلن الرّئيس السّابق حسّان دياب بأنّ حكومته هي حكومة تصريف أعمال صرف بعض الوزراء نظرهم عن الأعمال، أما البعض الآخر فأكمل أعماله عبر وسائل الإعلام وأصبحت وظيفتهم عبارةً عن “شوفوني حبوني”..
وبما أننا طرحنا وزارة الصحة في بداية حديثنا فوزير الصحة السابق حمد حسن هو المثال الأوضح لما سبق، فمن خلال تصريف أعماله أصبح يظهر في كلّ مستودعٍ بحجّة المداهمة. كنّا نرى صناديق الأدوية التي نحتاجها أمام أعيننا وكان حمد يعاتب ويلوم من يقوم بتخزين الدواء، ولكن من دون أيّ إجراءٍ قانونيٍّ بحقّهم..
الدواء بدأ يختفي من الصيدليات يوماً بعد يوم، واستقرّ في السوق السوداء من دون حسيبٍ أو رقيبٍ، مع العلم أنّ كلّ شيءٍ كان واضحاً ولا يحتاج إلى تحقيقٍ وتخطيط، بل كان الوزير يريد إشارة ترضيةٍ من حزبٍ وتيّارٍ لكي يسمحوا له بالقيام بما يجب عليه القيام به..
“لا داعي للهلع” بهذه الجملة طلب منّا وزير الصحة السابق أن نصبر ونتصبّر منذ بداية جائحة كورونا. مع انتشار الوباء حاول حمد تهدئة الأجواء واضعاً مستشفى رفيق الحريري برئيسها فراس الأبيض في “بوز المدفع”، ولكن كما هو معروف فإنّ أيّ مستشفى حكومي في لبنان لا يتمتع بالتجهيزات المطلوبة ولا يخلو من شكاوى المرضى “الفقراء” الذين يعانون أثناء دخولهم إلى أروقته.
فراس الأبيض حاول بكلّ ما في وسعه أن يجعل من مستشفى الحريري مركزاً مهمًّا لمواجهة فيروس كورونا وكان من خلال تغريداته التي كان ينتظرها الجميع يُطلع الرأي العام على ما يحصل وما هو مطلوب..
كانت التّغريدات تظهر النقص الحادّ الذي تعاني منه المستشفيات بشكلٍ عام من الأدوية والمستلزمات الطبية التي وبحلول أزمة الدولار أصبح من الصعب تأمينها إلا من خلال موافقاتٍ يوقّع عليها مصرف لبنان كي توافق الشركات المستوردة على جلبها ..
“بروباغاندا” حمد حسن أثارت سخرية المواطن اللبناني، إلى أن جاء فراس الأبيض فاعتبره الجميع الرجل المناسب في المكان المناسب، والبعض الآخر اعتبره “ساحرًا” سيحلّ كل الأزمات بثانية…
ولكن لا يجب علينا أن ننسى كلّ ما ارتُكب من أزماتٍ اقتصاديةٍ بحقّ وزارة الصحة التي تلقّت الضربة تلو الأخرى منذ “كورونا” و “الدولار”، فالقرارات التي حاول حمد تنفيذها كانت محض كلامٍ بلا أفعال، بمعنى أصحّ كانت عبارةً عن كلامٍ نسمعه ثم نصفّق ثم نلطم على وجهنا..
وعندما استلم الأبيض الوزارة كانت تصريحاته واضحةً وصريحةً، لم يلقِ الوعود جِزافًا، بل حاول أن يعمل خلف الكواليس والأضواء كي يصل إلى حلٍّ أقلّه تأمين الأدوية المزمنة بأيّ طريقة، ولم يكن هناك من وسيلةٍ سوى الرضوخ لآخر “خرطوشة” وهي رفع الدعم، هذا الحلّ الذي لم يرضَ به الرأي العام، وعارضه البعض باقتحام مكتب الوزارة واتّهام الأبيض بالفشل!
الملفت في الأمر بأن الأبيض قد تعرّض في وقتٍ سابقٍ لمحاولة تشويهٍ لصورته من خلال نشر تصريحاتٍ منسوبةٍ لطلاب متدربين في مستشفى الحريري، اتّهموا أبيض بسوء المعاملة وتسليم شؤون أقسام المستشفى لطلاب متدربين وليس لأطباء مجازين، وتمّ التداول بهذه التصريحات بالتزامن مع ترشيح الأبيض من قبل الرئيس سعد الحريري لوزارة الصحة.
غريبٌ ما يحصل! غريبٌ كيف صُوِّرت إنجازات حمد حسن “الوهمية” على أنّها واقعية، وكيف تتمّ شيطنة الأبيض.
السواد الذي يحيط بوزراة الصحة ليس من السهل على الأبيض أن يمحيه، بل عليه أولًّا إعادة النظر بكلّ الملفّات التي كان من المفترض معالجتها، ووضع المعايير والخطط المناسبة ولو مؤقّتًا بطريقةٍ “صحية”..
اليوم استطاعت الحملة التي تستهدف الأبيض أن تصبّ تركيز المواطن على فكرة رفع الدعم عن الأدوية، دون ذكر البدائل الموجودة، أو تسليط الضوء على المراكز الصحية التي ما زالت مدعومةً من قبل الوزارة حيث تتوفر فيها الأدوية بكلفةٍ أقلّ أو مجانًا في بعض الأوقات.
لقد صبّوا جامّ حقدهم على الأبيض من دون الالتفات إلى صميم المشكلة، ودون الإشارة إلى المسبّب في عدم فتح الاعتمادات التي تسمح بشراء الأدوية ومن ثم بيعها بكلفةٍ أقلّ..
من قام بتلميع صورة حمد حسن في وزارته مظهراً إيّاه بـ”كادر” الوزير الكادح في عمله، هو نفسه الّذي يصوّر فراس الأبيض “مقصّراً”، مع العلم أنّه في الوقت الذي كان حمد فيه “يدبك” كان الأبيض يعاين المصابين بكورونا ويستنجد بالمعنيين..
ببساطة، هو إعلام العين الواحدة التي تصوّر ما تريد وتخفي ما يزعجها..