إضراب موظّفي الدولة يزيد معاناة المواطنين
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
اكتمل مشهد اطباق الدولة على مواطنيها مع تهاوي اداراتها الرسمية ودخولها مرحلتي التقويض والتحلل جراء الازمات المتتالية والتي لم تستثن حتى موظفيها بعدما باتت رواتبهم عديمة القدرة الشرائية ولا تكفي أجرة تنقلاتهم الى مراكز عملهم، والمواطنون يئنون بين الغلاء وارتفاع الاسعار وانعدام مختلف خدمات الدولة.
وفيما الحكومة غارقة بمعالجة مشاكلها، ويبذل وزراؤها قصارى جهدهم لاقفال بعض الملفات الشائكة بدءاً من اضراب الجامعة اللبنانية مروراً بالمستشفيات الحكومية وصولاً الى دراسة رفع الحد الادنى للاجور وزيادة بدل النقل، جاء اضراب موظفي الادارة العامة كحد السيف ليشل ما تبقّى من ادارات رسمية يلجأ اليها المواطنون لانجاز معاملاتهم اليومية بعد تقنين دوامهم، وفق خارطة طريق وضعها رئيس كل مصلحة ودائرة ووصلت الى الدوام يوماً واحداً في الاسبوع تماشياً مع قيمة رواتبهم، بعد تجاهل المسؤولين لمطالبهم.
ومدينة صيدا لم تغرّد خارج السرب، اذ التزم موظفو السرايا الحكومية بالاضراب اكثر من اي وقت مضى وانضم موظفو مصلحة الصحة للمرة الاولى الى صفوف زملائهم المضربين، مع الابقاء على استقبال معاملات الاستشفاء، فانعدمت حركة المواطنين في باحة محافظة لبنان الجنوبي الداخلية مع اقفال ادارات المالية، التنظيم المدني، العقارية، الاقتصاد، الزراعة، العمل، الصناعة، والمنطقة التربوية مع حضور موظف فيها ضمن الالتزام بمواعيد مع الطلاب لتسليمهم شهاداتهم الرسمية، فيما عملت ادارة النفوس بشكل استثنائي تحضيراً للانتخابات النيابية. اما تعاونية الموظفين فلم تغلق ابوابها امام قاصديها طيلة فترة تحركات الموظفين المطلبية وحتى يومنا هذا رغم معاناتهم المماثلة لزملائهم، الا ان صحة المواطنين كانت في مقدمة اولوياتهم.
عند مدخل السراي، وحين ابلاغها بإقفالها، لم تخف الشابة ميساء لطفي استياءها مما آلت اليه الاوضاع المعيشية والادارية معاً، وقالت لـ”نداء الوطن”: “نؤيد مطالب الموظفين وحقوقهم المشروعة، ويجب على المسؤولين في الدولة انصافهم واقرار زيادة رواتبهم، ولكننا في الوقت نفسه نرفض ان ندفع الثمن جراء تعطيل او تأخير معاملاتنا، والا نحن نسير الى تحلل الدولة”.
تقنين واستياء
وامتدّ الاضراب الى مركز معاينة الميكانيك في الزهراني، اذ اعلن ان ابوابه لن تفتح وبصورة استثنائية وحتى إشعار آخر، الا أيام الثلثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع، من السابعة صباحاً وحتى الخامسة بعد الظهر تماشياً مع الأوضاع الإقتصادية، ما يعني المزيد من المشقة والانتظار، اذ كان يفتح طوال ايام الاسبوع ويشهد ازدحاماً وعجقة غير طبيعية نتيجة انه المركز الوحيد في منطقة صيدا وكل الجنوب.
وحال “التمرد الوظيفي” لم تسلم منه مصلحة تسجيل السيارات في البرامية، اذ التزم موظفوها بالاضراب التام، وهم في الاساس وضعوا لانفسهم برنامجاً خاصاً يقوم على الدوام يوماً واحداً في الاسبوع (الخميس).
وقد دفع هذا الحال أصحاب مكاتب قيادة السيارات ومعقبي المعاملات الى الاعتصام أمام المصلحة وقطع الطريق في المكان إحتجاجاً على اغلاق مكاتبها التزاماً بالاضراب، مؤكدين أن الاضراب يؤثر على مصالحهم واشغالهم في ظل غياب موظفي المالية وأنهم يعانون منذ ثلاثة اشهر”، متسائلين لماذا “النافعة في باقي المناطق تفتح أبوابها بإستثناء صيدا”؟ معتبرين “ان هذا الامر غير مقبول لذلك نطالب بايجاد حل لانتظام العمل”. وقال احد اصحاب مكاتب قيادة السيارات مصطفى الصباغ (الصوري): “في ظل التقنين القاسي بالتيار الكهربائي، ومنعاً لعرقلة المعاملات، تحملنا كلفة تصليح المولد الخاص ودفعنا خمسين مليون ليرة لبنانية، ونقوم بتأمين المازوت لتشغيله من اجل انجاز عملنا، ولكن موظفي المالية لا يداومون ما يوقعنا بحرج كبير مع الزبائن وكأننا نحن من نعيق معاملاتهم، لا نريد المشاكل مع احد واعتصامنا سلمي وهدفنا تأمين لقمة عيشنا.. لدينا عائلات وموظفون”.
وشكا معقّبو المعاملات من بطء النظام الجديد وتوقفه بين الحين والآخر، مشيرين الى “ان المعاملة كانت تنجز في خمس دقائق، الآن تحتاج الى 45 دقيقة، بدلاً من التقدم رجعنا الى الوراء، فهل يعقل ذلك، لقد طفح الكيل واصبحنا على شفير الافلاس”.
وأكد هادي المنجد “ان الاعتصام خطوة اولى على طريق التصعيد اذا لم تبادر الدولة الى معالجة المشكلة فوراً”.