عن ثقافة اللافتات على الطرقات… وأضرارها!
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن“:
عدا عن ضررها إذا ما خفّف السائق من سرعته على الطريق ليقرأ ما كتب عليها، فإن منظر اللافتات على الطرقات وفي الشوارع والأحياء، يشوّه المشهد العام شمالاً، ويزيد الفوضى المستشرية فوضى إضافية، وكأنّ هذه الطرقات التي لم تعد تتسع للسيارات والدراجات النارية والشاحنات وعربات البيع وغيرها، ينقصها بعد فوضى وتعديات إضافية.
تنتشر اللافتات على طول الطريق العامة من عكار إلى طرابلس وبالعكس، وكذلك الحال على الطرقات الفرعية، في طرابلس والمنية وعكار.. تسير بسيارتك من بيروت إلى طرابلس فلا تقع عيناك على لافتة واحدة، وعلى الطريق المؤدية من طرابلس إلى عكار لا تستطيع إحصاء عدد اللافتات المنتشرة على الطرقات أو حتى على الجدران، التي فاقت عدد الحفر والمطبات، ناهيك عن الصور والإعلانات و”النعوات” وكل أشكال التعديات على الأملاك العامة والخاصة. هذا هو الوضع شمالًا حتى قبل 5 أشهر على بداية الإنتخابات فما بالك سيكون عندما تحمل الإنتخابات حملها وتبدأ حماوتها؟
المفارقة أن هذه اللافتات يتم تعليقها بعشوائية وكأنّ هذه الطرق التي أتخمت فوضى قد وجدت لأجل تعليق اللافتات ليس إلا. فكيفما توجّهت وأيّ مكان قصدت تجد لافتات معلّقة عشوائياً: لافتات ترحيب، شكر، تبريك، تهنئة، تذكير وتنبيه، ولكلّ سبب أو مناسبة هناك لافتات موجودة غب الطلب. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه اللافتات تعلّقها على الطرقات في الأغلب المطابع التي تقوم بطباعتها لصالح أشخاص أو جهات أو بلديات، يكون اسمها ممهوراً في أسفل اللافتة، ولكن مَن سيُنزلها لاحقاً؟
اللافتات والأضرار
تنتهي المناسبة أو تمرّ الفترة الزمنية المخصصة، لكنّ اللافتة تبقى في مكانها حتى تأتي مناسبة أخرى ومعها الحاجة إلى المكان الذي علّقت فيه، وأحياناً تبقى اللافتة من الصيف إلى الشتاء حتى يأتي موسم الرياح فيقتلعها من مكانها أو يرمي جزءاً منها على الطريق، فتعيق السيارات وتتسبّب بالحوادث، وهنا مكمن خطر إضافي لهذه اللافتات.
ومن المتوقع أن تزداد هذه اللافتات بشكل أكبر على الطرقات مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية، ناهيك عن تعليق صور المرشحين، وكل ذلك يحصل من دون أيّ ضوابط تُذكر، بل في ظلّ الفوضى وانعدام المسؤولية، ما يجعل المشهد العام في المناطق تغلب عليه الفوضى، إذ ليس هناك مَن يردع خصوصاً وأنّ البلديات التي من المفترض بها أن تزيل اللافتات عن الطرقات والأماكن العامة، تقوم هي بدورها بتعليقها. واللافت أنّ هناك بلديات، وفي ظاهرة غريبة، تحارب تعليقها ومنعها في نطاقها، بتعليق لافتات تدعو إلى أخذ إذن وموافقة البلدية قبل تعليقها، وبلديات أخرى تذكّر المواطنين بوجوب دفع القيمة التأجيرية بأسلوب اللافتات أيضاً. وهنا يتساءل المواطن: لماذا لا يتم تركيب لوحات إعلانية إلكترونية في أماكن مخصّصة لها في نطاق البلديات وفي الأماكن المخصصة، حيث يتم عرض الإعلانات ومختلف أشكال الرسائل التي يمكن توجيهها إلى المواطنين، ولكن بشكل منظّم بعيد كل البعد من الفوضى والعشوائية، وهو مشروع قد يدرّ الأموال على البلديات التي تعاني من الشح المالي؟
قبل أشهر، علّقت لافتة في إحدى القرى الشمالية تقول: (الحاج… وأولاده فلان وفلان وفلان يهنّئون أخاهم فلاناً لأنه حصل على شهادة جامعية). إنها عيّنة ممّا يُكتب على بعض اللافتات التي تبدو في بعض الأحيان لافتات بلا معنى.
ومع أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية ومالية صعبة، وسعر اللافتة تضاعف أضعافاً، إلا أن ثقافة اللافتات لا تزال قائمة. جرّب أن تمر في عكار أو المنية قبل زيارة وزير أو مسؤول ما وشاهد بنفسك كم يبلغ عدد اللافتات المزخرفة المزينة على الطرقات، عدا عن تلك المعلقة دائرياً على طول المستديرات. وانتشرت في طرابلس أخيراً إبان تشكيل حكومة ميقاتي موجة لافتات للترحيب به وبوزير الداخلية بسام مولوي وبالحكومة، تلك الحكومة التي لم تستطع إلى اليوم أن تقدم للناس حتى ثمن تلك اللافتات التي رُفعت لأجلها.