تسجيلات حصلت عليها «عكاظ» تفضح تصريحات حانقة لوزير خارجية لبنان
لا يظهر أن لبنان اليوم قادر على مواجهة أزماته السياسية والاقتصادية التي أفضت به إلى غيابة العزلة والفقر والصراعات الداخلية والخارجية، بل بدا مقيداً عاجزاً حتى عن مواراة حماقات وزرائه الحزبيين أو التحرر من عنجهيتهم الجوفاء التي عزلته عن محيطه ورمت به في أتون مصير مجهول، وإن كانت أزمة القرداحي الأخيرة قد كشفت المزيد من الوجوه القبيحة التي لا علاقة لها بالسياسة والأعراف الدبلوماسية والصالح اللبناني والعربي العام، فوضعت مصير الدولة اللبنانية على صفيح هو الأشد سخونة من أي صفيح وضعت عليه من قبل، فهو في واقع الحال لم يكن الأول الذي تكشّف حقده على الخليج وانحيازه مع المليشيات ومن يغذيها، ولن يكون الأخير أيضاً، بعدما حصلت «عكاظ» من مصادرها الخاصة على تصريحات لوزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب أدلى بها لمجموعة من الصحفيين على خلفية الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع المملكة، حاول التراجع عنها مطالباً إياهم بإخفائها وعدم نشرها، بعد أن نصحه مستشاروه بالتراجع الفوري عنها لئلا يثير المزيد من الغضب في الشارع اللبناني المحتقن على حكومته وسياستها وتخبط وزرائها، وسعى مكتب وزير الخارجية اللبناني لمنع انتشار التصريحات، وحاول استجداء الصحافيين الحاضرين في جلسة الوزير المحتقن بكل قوة لعدم نشرها.
وأظهرت التسجيلات حقده على السعودية ودول الخليج، وانسجامه مع الدعايات المغرضة التي يروجها زعيم مليشيا حزب الله وأعوانه في طهران، وتناقض طرحه في الخفاء عما يظهر في العلن أمام اللبنانيين، وسعيه لشيطنة دول الخليج والتقليل منها، إذ بدأ حديثه بكل صفاقة وإساءة للتقليل من دول الخليج والتعدي على سيادتها، وإطلاق الاتهامات اللامسؤولة تجاه المملكة، على نحو يعكس توجهات نظام بلاده السياسي وفق رؤى الحزب الخاضع لوصاية إيرانية.
الوزير الذي يأتي على رأس هرم الدبلوماسية اللبنانية، بدا منفعلاً من القرار الخليجي، وحاول اختزال الأزمة في تصريحات القرداحي التي يراها اختلافاً، حين عاد إلى تصريحات سلفه شربل وهبة مبرراً بقوله «حتى عندما أقلنا وهبة لم تقدّر السعودية»، مضيفاً «إذا كنا لا نستطيع أن نختلف ما بدي هيك أخوة، اليوم إذا أقالوا قرداحي ماذا سنحصد من المملكة؟ لا شيء.. سيطلبون أموراً أكثر».
بل إن حديث الوزير بدا أكثر سذاجة وهو يبرر تهريب المخدرات وتصديرها عبر بلاده إلى المملكة أن سوقها للمخدرات هو الدافع الرئيسي خلف التهريب، لا تجار المخدرات في بيروت وضواحيها!
وخفف بوحبيب من أهمية الدعم المالي الخليجي، معتبرا أن المساعدات المهمة كانت تأتي من الاتحاد الأوروبي، «أما مساعدات السعودية فهي ليست للدولة، بل أعطيت في الانتخابات وأعطيت مساعدات لهيئة الإغاثة بعد 2006 التي لا نعرف أين صرفت، لكن الدولة لم تأخذ منها شيئا».
وتأكيداً على حديث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بأن الأزمة في لبنان وليست مع لبنان، أشار بوحبيب إلى أنه حتى لو أقال رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قرداحي، فسيدخلان في أزمة داخلية مع سليمان فرنجية.
وانتقد بوحبيب سفير المملكة في لبنان وليد بخاري لأنه لم يهاتفه عند اندلاع الأزمة الأخيرة، واتصل السفير بخاري بمستشار رئيس الجمهورية، متسائلا بحرقة «لماذا لا يتكلم معي؟»!
الوزير الذي ألمح صراحة إلى مبدأ تكرر كثيرا في مضامين كلامه بأن «السعودية لم تقدّر ما فعلته بيروت»، تناسى المساعدات السعودية المليارية التي قدمتها الرياض على مدى عقود.
وألمح الوزير ضمنياً إلى ابتلاء بلاده بمرض حذرت منه السعودية مرارا وتكرارا (تنظيم حزب الله)، إذ قال: «المشكلة مع السعودية إذا أخوك مريض -في إشارة إلى أن لبنان مريض بحزب الله- لا يمكنك أن تقول لي كلمني عندما تُشفى. أنا لا أستطيع أن أُشفى ولا أستطيع علاج المرض».
ولم يتردد في التأكيد على أن حزب الله مشكلة في لبنان وللبنان، قائلاً «الأمريكان كانوا يضغطون بشدة خلال عهد ترمب وبوجود وزير الخارجية بومبيو، ويطلبون منا التخلص من حزب الله. إنما كيف يمكن التخلص؟ وقلت لهم مرة: ابعثوا 100 ألف مارينز وخلصونا».
واستجدى الوزير من الجانب السعودي الحوار، مؤكدا أن رئيس الحكومة يتمنى اتصالا من الرياض ليطير بسرعة، مهما كان جدوله، إلى عاصمة القرار العربي.