لبنان

هل يعبُر تكليف الحريري الأبواب المغلقة؟

بعد قرار رئيس الجمهورية تأجيل الاستشارات النيابية الى ٢٢ تشرين الجاري، تعقّدَت الأمور كثيراً، وتعرّضت فرصة عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة لإنتكاسة قوية بعد الرفض المسيحي من ثنائي معراب وميرنا الشالوحي لتكليفه، وعلى إثر التصعيد العنيف الذي شنه النائب جبران باسيل ضد الحريري، حيث بدأ في خطاب ١٣ تشرين برفضه “وصاية الحريري” على المبادرة الفرنسية، ورَفَضَ تصنيفه من الاختصاصيين، ليستكمل هجومه في وقت لاحق بتأكيد ان تكتل لبنان القوي لن يسمي الحريري لرئاسة الحكومة.

تَصلّبُ باسيل معطوفاً على موقف بعبدا تأجيل الاستشارات، مردّه الى عوامل كثيرة، واذا كانت مصادر بعبدا قد عَزَتْ تأجيل الاستشارات إلى إعتراض كتل نيابية ونواب من جبل لبنان، ومن أجل إعطاء فرصة إضافية للرئيس الحريري، وحيث لا تريد بعبدا حصول تكليف من دون القدرة على التأليف، فإن الواضح ان بعبدا تتلاقى مع وجهة النظر القائلة بغياب الميثاقية المسيحية عن التكليف، التي لا يوفرها تيار المردة وعددٌ من النواب المسيحييين من حلفاء المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، فيما المؤكد ان لدى رئيس التيار الوطني الحر معطياته الخاصة التي جعلته يشن الهجوم على الحريري، في محاولة واضحة لإستدراج الأخير الى لقائه وشروطه.

وفيما لم تتضح كيفية الخروج من المأزق بعد، فالمؤكّد ان المبادرة الفرنسية تلقّت ضربة موجعة، تماماً كما سبّبَ الإرجاء المفتعل للاستشارات إمتعاضاً لدى الحريري، الذي كان ضامناً تسميته، بعد ان رفع سقف المواقف وفتح النار باتجاه الثنائي المسيحي والمختارة، قبل ان يتم ترتيب الوضع مع الزعيم الجنبلاطي، الذي قرر مؤخراً السير بتسميته.

لا تقلل المصادر السياسية من تداعيات التصعيد الحاصل من قِبَلِ رئيس التيار الوطني الحر، فهو ألقى الضوء على ان الخلاف مع الحريري أعمق مما هو في الظاهر، في ظل طرح غياب الميثاقية المسيحية، مقابل صمت بيت الوسط على خطوة بعبدا، الذي تم تفسيره انه في اطار تحضير الحريري لخطوة سياسية ما، لن تكون بالضرورة سحب ترشيحه لأن اعتذار الحريري يعني نهايته السياسية وانتهاء المبادرة الفرنسية. الرد الأوّلي من بيت الوسط تولاه النواب “الزرق” على عدم توافر الميثاقية المسيحية، وكان مفاده “هل توافرت الميثاقية السنّية عندما سُمّيِ حسان دياب رئيساً للحكومة، وماذا عن غضب الشارع السني في حينه”؟

كل ذلك لا يعفي من ان تكليف الحريري دخل الدائرة الخطرة، فالنائب باسيل لا يمكن ان يُبدّل مواقفه من الخطاب العالي السقف بسهولة في غضون ساعات او أيام، كما ان تكليف الحريري لا يعني انه لن يكون على تماسٍ مع الرفض الشعبي له.

الحريري امام أبوابٍ مغلقة في وجهه، إذ لا يُمكن ان يُشكّل حكومة من دون توافر الميثاقية المسيحية لها، ولا يمكن لثنائية معراب والشالوحي التراجع والتفريط بتفاوض حكومي على حسابهما، والارتضاء بما لا يتناسب مع وضعيتهما التمثيلية.
lebanon files

مقالات ذات صلة