هل تُطيح جلسة الإجتهادات والسوابق الدستوريّة بالإنتخابات؟
كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
رفع النقاش والجدال القانوني والدستوري الذي شهدته جلسة مجلس النواب أمس خلال مناقشة رد رئيس الجمهورية لتعديلات قانون الإنتخاب، منسوب التوتر السياسي ولا سيما بين كتلتي “التنمية والتحرير” و”لبنان القوي” وبالتالي بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” وإن كانت بقية الأطراف والقوى السياسية الموجودة في المجلس، لم تكن على الحياد في هذا النقاش الذي ساهم في رفع وتيرة التخوف على مصير إستحقاق الإنتخابات النيابية المقبلة الذي بات مهدداً بفعل تفاقم الإنقسامات وإعلان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعد انسحابه ونواب تكتل “لبنان القوي” من الجلسة بالتوجه نحو الطعن بقانون الإنتخاب أمام المجلس الدستوري.
وبمعزل عن التموضعات السياسية لكل فريق وتحالفاته، فإن ما جرى في جلسة الأمس في الأونيسكو كان نقاشاً دستورياً وقانونياً في الشكل ولكنه ينطلق من مواقف سياسية، أعادت تأكيد المؤكد بشأن رد الرد لرئيس الجمهورية لتعديلات قانون الإنتخاب وتثبيت تقديم موعد إجراء الإنتخابات بمعزل عن تحديد التاريخ الذي يعود للسلطة التنفيذية وإسقاط مسألة المقاعد الستة للمنتشرين.
وشهدت الجلسة وللمرة الأولى منذ إقرارإتفاق الطائف نقاشاً حول مفهوم وتفسير الأغلبية التي يتألف منها مجلس النواب قانوناً وفق نص المادة 57 من الدستور. وكان موقف كتلة “الوفاء للمقاومة” وبعض النواب المستقلين خلال التصويت هو الذي دفع إلى فتح باب هذا النقاش، إذ صوتوا مع تقديم موعد إجراء الإنتخابات كما هي الأكثرية النيابية وبقية الكتل، بينما راعى حليفه “التيار الوطني الحر” في التصويت معه على اعتماد المقاعد الستة للمنتشرين ما جعل نتيجة التصويت تصل في موضوع تقريب الموعد إلى 77 صوتاً وبالتالي لا إشكالية في إحتساب الغالبية، بينما كانت نتيجة التصويت في موضوع مقاعد الإنتشار 61 صوتاً من أصل 101 من النواب الذين كانوا في الجلسة وهنا وقعت إشكالية إحتساب الغالبية وفتح باب النقاش القانوني والدستوري، سيما وأن رئيس مجلس النواب إحتسب أصوات كتلة نواب “حزب الله” في عداد الممتنعين في التصويت النهائي على القانون وهو ما فعله أيضاً النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد بينما إنضم في الإعتراض إلى نواب “لبنان القوي” كل من النواب ميشال ضاهر، فؤاد مخزومي، جميل السيد، أسامة سعد وطلال أرسلان.
بري: ما جرى ليس تفسيراً أو تعديلاً للدستور
خلال النقاش، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “ما جرى ليس تفسيراً للدستور ولا تعديلاً له وأن مهمة تفسير الدستور تعود للهيئة العامة لمجلس النواب”.
وقال: “ان تفسير الدستور يعود للهيئة العامة والهيئة العامة منعقدة الآن، النواب الموجودون في الجلسة عددهم 101 وإذا اخذنا بالتفسيرالذي يقول بأن النصاب القانوني بالمطلق هو النصف زائداً واحداً هم 128 و11 نائباً بين متوف وبين مستقيل والنصاب يكون 59 وبهذه الحالة لا ضرورة للتصويت مرة أخرى يعني أن القانون رد بالجهتين نتيجة التصويت 61 معناها أن هناك رداً للقانون ككل ويكون موضوع التاريخ في آذار لإجراء الإنتخابات قائماً. لقد اعتمد هذا الإجتهاد في إنتخابات رئاسة الجمهورية للرئيس رينيه معوض وبشير الجميل، حينها أخذوا بعدد الأحياء لذلك انا لم أقل هذا الأمر هو رأيي. أنا قلت يجب أن يعود التفسير لكم لذلك الموضوع كله هنا “من تذرع بشيء وأوجده هذا لا يجوز”.
وتابع: “في الأساس في الطائف كان تفسيرالدستور يعود للمجلس الدستوري، المجلس النيابي ألغى هذا الأمر بعد نقاش طويل، وقال إن تفسير الدستور يعود للمجلس النيابي هذا الموضوع انتهى”.
أضاف: “نعم نحن نستطيع تفسيرالدستور أما موضوع “الميغاسنتر” وغيره فهذا غير وارد في القانون الحالي وليس كل شيء نريده يمكننا الحصول عليه، نتيجة التصويت هي المهلة في 27 آذار ولن تتحرك قيد أنملة هذه هي توصية اللجان المشتركة وصوت عليها المجلس النيابي”. وختم الرئيس بري: “أنا اليوم لا أفسر الدستور وما جرى اليوم ليس تفسيراً للدستور ولا تعديلاً له وإنما تصويت وإجراء قانوني إعتمده المجلس النيابي”. ورداً على مداخلة للنائب سيزار أبي خليل قال الرئيس بري: “ما حدا حريص على رئيس الجمهورية أكثر مني إرتاح”. بدوره، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي قال: “بمعزل عن القانون الحالي وتعاطفي مع موضوع الإنتشار، إلا أن المجالس النيابية المتعاقبة، إعتمدت على إجتهاد إحتساب النواب الأحياء في النصاب”.
وسأل النائب فريد الخازن عما إذا كان السير بأي إجتهاد في الجلسة سيسري على أمور أخرى وليس فقط على هذه الجلسة؟ أما النائب جميل السيد فقد إعتبر أن النص واضح لجهة أغلبية الـ65، بينما أيد هذا الطرح النائب جهاد الصمد الذي رأى أن السير باجتهاد الأحياء يعني أن جلسات المجلس يمكن ان تنعقد حالياً بـ59 نائباً. لكن النائب سميرالجسر كان حازماً في الوقوف إلى جانب الإجتهاد الذي قال باعتماد الـ65 مستشهداً بالمادة 49 من الدستور التي تتحدث عن أكثرية الثلثين من الموجودين ما يعني أن الذين يؤلفون المجلس قانوناً هم 65.
وفي حين ميز النائب الياس بوصعب بين الأحياء والأموات، أعلن النائب بلال عبدالله تبني التفسير أو الإجتهاد الذي طرحه الرئيس بري لجهة إعتماد الـ59، محذراً من نوايا لتعطيل الإنتخابات من قبل البعض وهو ما نعتبره إنتحاراً داخلياً.
النائب بيار بو عاصي تحدث عن الفرق بين المقعد ككرسي والنائب كإنسان، معتبراً أن المسؤولية في الشغور تقع على من خالف الدستور في عدم ملء الشغور.
أما النائب علي حسن خليل فكان أكثر وضوحاً في إعتبار ان مناقشة هذا الأمر سببها المخالفة الدستورية التي إرتكبها رئيس الجمهورية عندما رفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وعطل العملية الدستورية وهو أمر له حساباته وإعتباراته وليس مكانها هنا الآن ولها نقاش آخر.
من جهته، كرر النائب جبران باسيل موقف التيار والتكتل من الملاحظات التي وردت في رد رئيس الجمهورية، مؤكداً أنه مع أن يكون تفسير الدستور من صلاحية المجلس الدستوري، مؤكداً أنه مع رأي النائب سمير الجسر الذي يقول بالـ65 كما أن موضوع تفسير وتعديل الدستور له آلياته التي يجب التنبه لها.
النائب جورج عدوان لفت إلى أن المجلس النيابي لم يصوت على موعد 27 آذار وإنما أفسح المجال للحكومة لتقريب موعد الإنتخابات والمهل، مؤكداً أننا لسنا بصدد تفسير الدستور لأن هذا الأمر له حيثياته وأصوله، كما تحدث عن إجتهادات إعتمدت في فرنسا تميز بين المقاعد الشاغرة والمقاعد الممتلئة، مذكراً بالقانون الصادر عام 1990 والذي فسر إعتماد غالبية الأحياء، وإقترح أن يتم التصويت على أساس غالبية الـ59 .
وكانت مداخلة للنائب هادي أبو الحسن رأى فيها أنه “لا يمكنكم ان تستحضروا الدستور ساعة تشاؤون وتنكلوا بالدستور ساعة أخرى، أين كان الدستورعندما لم يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للإنتخابات الفرعية والتي كان يجب أن تحصل في غضون شهرين من تاريخ شغورالمقاعد الـ11 ومضى 15 شهرا”.
بعدها ختم النقاش وجرى التصويت على القانون على أساس إجتهاد غالبية الـ59 ما دفع نواب تكتل” لبنان القوي” إلى الإنسحاب من الجلسة. وقال باسيل خارج القاعة: “إنسحبنا من الجلسة بسبب حصول مخالفة دستورية كبرى، التصويت أسقط إقتراح اللجان بالنسبة لتصويت المغتربين لـ128 نائباً، لأنه حصل على 61 صوتاً فقط وبالتالي لم ينل الأكثرية المطلقة”.
500 مليار للتربية وإعتماد إضافي بـ1200 مليار و”الكابيتال كونترول”إلى اللجان
وقد أقر مجلس النواب قبل وبعد جدال النصاب والتصويت على رد الرد ستة مشاريع قوانين من أصل 35 كانت على جدول الأعمال قبل أن يفقد نصاب الجلسة وتختتم.
وهذه المشاريع هي: مشروع القانون الرامي إلى طلب الموافقة للحكومة الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة، مشروع القانون الرامي إلى تخصيص مبلغ خمسمائة مليار ليرة لبنانية من أجل دعم الشؤون التربوية بما فيها المساهمة في اقساط التلامذة اللبنانيين في المدارس الخاصة غير المجانية عن العام الدارسي 2019 – 2020 ودعم صناديق المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية، مشروع القانون الرامي الى مساعدة المؤسسات السياحية المرخصة في تخطي الازمة الاقتصادية، مشروع القانون الرامي الى طلب الموافقة على ابرام اتفاق بين حكومة المانيا الاتحادية والحكومة اللبنانية بشأن التعاون الفني للعام 2016، مشروع القانون الرامي الى فتح اعتماد اضافي في الموازنة العامة للعام 2021 في باب احتياطي الموازنة، احتياطي للنفقات الطارئة والاستنسابية وقدره الف ومايتا مليار ليرة لبنانية، ومشروع القانون الرامي الى طلب الموافقة على ابرام اتفاق بيع مادة زيت الوقود بين حكومة جمهورية العراق وحكومة الجمهورية اللبنانية.
وأحال المجلس إلى اللجان النيابية المشتركة إقتراح قانون الكابيتال كونترول بعد تعهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإعداد صيغة تتعلق بالملاحظات التي طرحها البنك الدولي خلال أسبوعين، علماً ان المجلس كان بدأ مناقشة الإقتراح وفق الصيغة التي كانت أقرتها لجنة المال والموازنة وهو ما إعترض عليه النائب جورج عدوان.