اخبار بارزةلبنان

وداعاً للواجبات الاجتماعيّة… “لا عَتَبَ بعد اليوم”!

خاص موقع mtv

كان اللبنانيّون ينتظرون انتهاء الحجر الصحّي الذي فرضه فيروس “كورونا” عليهم لأشهر طويلة، ليخرجوا من المنازل ويلتقوا بكلّ أفراد عائلاتهم الصّغيرة والكبيرة ورفاقهم ومعارفهم، ولكن، ومع انتهاء الازمة الصحيّة، وجدوا أنفسهم مُجبرين على البُعد وعلى إلغاء مناسباتهم وواجباتهم الاجتماعيّة بسبب الازمة الاقتصاديّة هذه المرّة.

كانت المُناسبات الاجتماعية على أنواعها في صلب يوميّات اللبنانيّين وتستحوذ على جزءٍ كبيرٍ من مدخولهم ومصاريفهم، ولكن مع اشتداد الخناق الاقتصادي حول الرّقاب، باتت مختلف “الواجبات” كما تُسمّى في العاميّة، في أدنى سُلّم الأولويات الى حدّ الاضمحلال بشكلٍ تامّ.

الافراح

تختصر كلمة “الافراح” مُختلف المناسبات السّعيدة في حياة الناس. من الخطوبة الى الزواج والولادات وحفلات التخرّج وأعياد الميلاد، كلّ هذه المناسبات ولّت الى غير رجعة بسبب التكاليف الباهظة التي تترتّب أوّلاً على أصحاب هذه “الافراح”، وثانياً على المدعوّين أو الذين يتوجّب عليهم تقديم التهاني، فالحفلات باتت مكلفة جدّاً، وحتى إنّ تقديم الحلويات أصبح باهظ الثمن، ما حتّم على العديد من الأشخاص تجنّب استقبال الزوّار المُحبّين، خصوصاً بعد الانجاب مثلاً، بحجّة الراحة وحتّى الاعتراف صراحة بعدم الرّغبة في تكبيد هؤلاء تكاليف هدايا ثمينة.

الاحزان

حتّى “الاحزان” أصبحت مُكلفة في لبنان، خصوصاً مراسم الدّفن والوداع، لانّ كلّ شيء أصبح يُسعّر بالدّولار، وقد بات أصحاب “الفقيد” بحاجة لمبالغ كبيرة للقيام بواجباتهم تجاه من خسروه، وتجاه من يحضر لتقديم واجب العزاء، أمّا هؤلاء، فسوف يحتاجون الى صرف الكثير من المال بهدف التنقّل خصوصاً إذا كان المكان المقصود بعيداً عنهم. أما زيارة المرضى فهي مكلفة أيضاً، لسببين، الهدية ومشقّة التنقّل!

الزيارات

أصبحت زيارات البيوت على أنواعها من الماضي حتّى في الأعياد، بسبب الوضع الاقتصادي الصّعب، فضلاً عن عدم الرغبة بالتخالط بسبب الضغوطات النفسية التي يتعرّض لها اللبنانيّون ما حتّم عليهم الانعزال، لانّ الزيارة تعني الاستماع الى المزيد من الهموم والمشاكل وهو أمرٌ متعب. أمّا فنجان القهوة على “الصبحيّة” الذي كان يترافق مع “ضيافات”، فأمسى نوعاً من الترف بسبب غلاء أسعار البنّ وأنواع القهوة بشكلٍ كبير، وأمام هذا الواقع، استبدل “المحبّون” الزيارات و”الصبحيّات” بالتخابر عبر “واتساب”.

اللبنانيّون بطبعهم هم شعبٌاجتماعي ويُحبّ الناس والحياة، ولكنّ ما يحصل معهم في هذه الحقبة من الزّمن هو واقعٌ لم ولن يشهدوا مثيلاً له، زمنٌ أصبحت فيه الزيارة وتبادل مشاعر الحزن والفرح مُتعبين نفسيّاً ومُكلفين مادياً. أمّا المثل الامثل الذي يختصر هذه الظاهرة في لبنان فهو، و”بتصرُّف”: “قلّة العتب على قدّ المحبّة”!

مقالات ذات صلة