البنزين يُلهب الشارع… وحكومة الإنقاذ غارقة باجتماعاتها
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
ألهب ارتفاع أسعار المحروقات لا سيما البنزين الشارع الشمالي يوم أمس، ونزل المواطنون إلى الطرقات والساحات للتعبير عن غضبهم، في طرابلس وعكار والعديد من المناطق الشمالية الأخرى تماهياً مع الحراك الشعبي على الأرض في مختلف المناطق اللبنانية.
في طرابلس قطع شبان غاضبون العديد من الطرقات كساحة عبد الحميد كرامي (النور) وطريق الملولة، وفي عكار قطعت طريق البيرة احتجاجاً على الغلاء الفاحش وتردي الأوضاع المعيشية. واحتلت أسعار المحروقات حيزاً واسعاً من صفحات التواصل الإجتماعي وعلّق المواطنون على ارتفاع سعر تنكة البنزين التي تجاوزت 300 ألف ليرة في جدول أسعار المحروقات يوم أمس، وتساءلوا عبر صفحاتهم: “بهيك ظروف وهيك أسعار كيف فينا نكمل؟”، متخوفين من حدوث ارتفاع إضافي في أسعار السلع والمواد على اختلافها.
تزامناً، كان رئيس الحكومة أو من يدير صفحته الخاصة على “الفايسبوك”، ينشر خبراً وصوراً عن اجتماع الرئيس نجيب ميقاتي مع وفد البنك الدولي لبحث خطة التعافي الاقتصادي، فانهالت بعد دقائق قليلة التعليقات الساخرة من جدوى الإجتماعات بينما صارت أوضاع الناس في الجحيم. ومما جاء في تعليق لإحدى المواطنات “صرلك شهر ونص نازل اجتماعات نط الـ $ للـ21، بنزين ومازوت وغاز فوق 300، روح استقيل اشرفلك، حرقتو سلافو للشعب…”.
الأكاديمي والباحث الإقتصادي الدكتور أيمن العمر أشار إلى أن “ما حصل اليوم من ارتفاع كبير جداً في أسعار المحروقات هو من ضمن الخط الطبيعي للمسار الانحداري للأزمة، وهو ما كانت السلطات المسؤولة تحضّر له الشعب نفسياً بشكل متدرج لنصل الى رفع الدعم الكلي للمحروقات، على أن يتبعه رفع الدعم بشكل كامل ونهائي ليطال الاتصالات والكهرباء والجمارك وغيرها، وهو من أهم شروط صندوق النقد الدولي وخاصة أننا على أبواب استئناف المفاوضات معه من جديد”.
أضاف: “إن الارتفاع الهائل في فاتورة المحروقات يفوق قدرة اللبنانيين على الصمود، وهي ستلقي بتداعياتها على أسعار جميع السلع والخدمات من دون استثناء، حيث تعتبر من أهم مكونات تكاليف الإنتاج وتصل لبعض المنتجات الى حوالى 70%. تأمّلنا مع الحكومة العتيدة تحقيق بعض الإصلاحات علها تفرمل بذلك الانهيار الحاصل، ولكنها اصطدمت كما هو متوقع بتعقيدات السياسة الداخلية والتناقضات الخارجية واشتداد الأزمات في الإقليم من حولنا”.
واضاف “أراد مفتعلو الانهيار الضغط على الشعب اللبناني لتأليبه على بعض القوى السياسية، ولتحقيق أجندات خارجية يأتي ترسيم الحدود البحرية وقضية النازحين السوريين في مقدمها. وكلما اقترب تاريخ الإستحقاق الإنتخابي يبدو أننا سنشهد مزيداً من تضييق الخناق على الشعب اللبناني لتكوين رأي عام حاقد على القوى السياسية الحالية على أمل تغييرها في صناديق الاقتراع. إذا كانت الحرب الأهلية غير مكتملة المقومات الداخلية والشروط الخارجية، إلا أننا امام مرحلة تعادل في خطورتها الحرب وهي الفوضى الأهلية؛ مع غياب للدولة المركزية وهيبتها”.
في المقابل، لم يجد آخرون فائدة ترجى أو أهمية من قطع الطرقات هي مقطوعة أصلًا. فمن قدرة لديه على السير على الطريق بعد الآن بعدما وصل الحد الأدنى للأجور في لبنان الى ثمن صفيحتي بنزين! ولفت أمس مشهد لأحد الأساتذة في عكار ويدعى رائد مرعب من منطقة الدريب وهو يصل إلى ثانويته على ظهر الحصان بسبب ارتفاع أسعار البنزين.