الهجوم على البيطار “وصمة عار في جبين المنظومة الحاكمة”
جاء في “نداء الوطن”:
التدخّل السياسي في عمل القضاء على نحو نافر وسافر ومرفوض، وتهديد “حزب الله” للمحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، قبل ان يستتبع بتهديد بتفجير الحكومة، مشهد استغربه رئيس المجلس الدستوري السابق عصام سليمان، وهو المتمرّس في القضاء الدستوري والمتشبّث باستقلالية القضاء وبمبدأ الفصل بين السلطات، ولم يرق له ما يتعرّض له القضاء والحالة التي وصل اليها، شأنه شأن الكثيرين.
وبعد ان يجاهر بموقفه الرافض “لتدخّل السياسيين بشؤون القضاء”، مثل رفضه “لتسييس العمل القضائي وتوسّله اداة ضدّ اي فريق سياسي”، يقول سليمان لـ”نداء الوطن” إن لا معرفة شخصية له بالقاضي البيطار، لكن يسمع عنه أنه “قاض نزيه وغير مسيس ومتّزن، ولا يرتبط بأي جهة سياسية”.
ويرى ان لا مبرر لكل هذه الهجمة على المحقق العدلي، وبخاصة ان القرار الظني لم يصدر بعد، ويجب ان تأخذ التحقيقات مجراها الطبيعي وفق الاجراءات القانونية. والاعتراض على بعض ما يقوم به المحقق العدلي يتم امام الجهات المعنية، وقد قدّمت امام هذه الجهات دعاوى بالارتياب المشروع وطلب الردّ، والجهات القضائية تقوم بمهامها.
ويؤكد “ان التهديد مرفوض، واذا ما كُفّت يد المحقق العدلي طارق البيطار لا اعتقد ان اي قاض آخر يقبل بأن يتولّى المهمة مكانه”.
والامر الآخر “الذي لا يقلّ خطورة” في نظر سليمان، “هي المحاكمات التي يخضع لها القاضي البيطار في وسائل الاعلام من قبل اعلاميين، والبيانات التي تصدر عن بعض رجال الدين وما تثيره من عصبيات، مردودها سيّئ على الوضع العام، وعوض ان يكون القاضي هو من يُحاكِم يصبح هو من يُحاكَم”.
ويحذّر سليمان “من تأثير ما يجري على ثقة اللبنانيين المفقودة أصلاً بدولتهم وثقة الخارج بلبنان، والتي لا تُستردّ الا عندما يستردّ اللبنانيون ثقتهم بالقضاء، وهذا اساسي في عملية وقف الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي، وعودة الاستثمارات الى لبنان”.
وما يزيد من هواجس سليمان هو “ان تنتهي الامور الى تسوية سياسية على الطريقة اللبنانية، وعلى حساب دم الضحايا والمتضررين، وعلى حساب الدستور والقضاء وسمعة لبنان وثقة المجتمع الدولي به”.
وفي هذا السياق، يقول سليمان: “نحن امام مأزق كبير، فالحكومة مهدّدة بالشلل، ولن تتمكّن من الاجتماع مجدّداً قبل ايجاد مخرج للمشكلة، وهو امر صعب واذا رسا المخرج على تسوية سياسية تقضي بالعودة عن قرار مجلس الوزراء بإحالة قضية انفجار مرفأ بيروت الى المجلس العدلي، بعدما مضى على مباشرة التحقيقات من قبل المحقق العدلي اكثر من سنة، واتّخذت اجراءات كثيرة في هذا المجال، فهذه تكون سابقة خطيرة تؤكد تحكّم السياسة بالقضاء وبوقف سير العدالة، وهذا ما يشكّل وصمة عار جديدة في جبين المنظومة السياسية الحاكمة”.