عودة مشروطة إلى المدارس تُبقي باب الإضراب مفتوحاً
عاد الصخب للمدارس وضجيج الطلاب يملأ الملاعب، وحركة المعلمين توحي أن كل شيء بخير. بالرغم من كل التحديات ادارت المدارس محركات العودة للصفوف، للّوح والطبشور، وللشرح والتفاعل المباشر بين معلم يطالب بحقه وعاد على مضض الى التعليم، وطالب يتحدّى اهلُه الظروف المعيشية لتأمين اجرة “الفان” التي بلغت يوميته بين الـ20 والـ25 الف ليرة عن كل طالب. ولكن التعليم يبقى أولوية عند الجميع الا اذا خذل وزير التربية الأساتذة وأخلّ بوعده تحسين اوضاعهم، حينها سيطير العام الدراسي ويطير حلم الطلاب بالعودة للصف مجدداً، فهل يصدق الوزير ويفي بوعده أم سيخلق أعذاراً غير مبررة؟
إذاً عاد الطلاب للمدارس بعدما فك الأساتذة إضرابهم، ولحق بهم المتعاقدون. صحيح ان العام الدراسي لم ينطلق بعد في عدد من المدارس الرسمية التي تنجز إمتحانات الدخول والاكمال وتستكمل تسجيل الطلاب، الا ان عجلة العام الدراسي في مدارس اخرى في منطقة النبطية قد إنطلقت، وأعلنت صافرة بداية عام حضوري، بعد غياب قسري لعامين بسبب جائحة “كورونا”.
بالكمامة والحقائب المدرسية توجه الطلاب الى مدارسهم تعلو وجوههم الفرحة، فهم سيلتقون رفاقهم وسيعيشون جو التدريس مجدداً، فالتعليم عن بعد ليس مجدياً كالحضوري، هذا ناهيك عن اعطال الانترنت وانقطاع التيار الكهربائي والإشتراك، ما إنعكس سلباً على مستوى التعليم والثقافة والمعرفة ويدعم الحضوري اكثر. الطلبة متشوقون للصفوف، للكتابة على اللوح، للاصغاء بتمعّن لشرح المعلمة من دون تقطيع او انفصال بالشبكة، وهذا يعزّز أهمية التعليم الحضوري وأهمية العودة السليمة للمدرسة.
بالطبع عقبات عدة تعترض العودة للمدرسة لعل أبرزها النقل سواء للطلاب او للمعلمين، فكلفته الباهظة هذا العام ستكون من كبرى المعوقات وتحديداً للاساتذة الذين بدأوا يحسبون كلفة الانتقال من منازلهم الى المدرسة مع السعر المرتفع للبنزين. فأقل تفويلة تتطلب 750 الف ليرة لبنانية اي ما يوازي نصف المعاش، غير أن مصادر المعلمين اكدت لـ”نداء الوطن” أن العودة المشروطة للمدرسة تحددها سلسلة مطالب مرفوعة لوزير التربية للنظر فيها وبتّها قبل انقضاء مدة الشهر والنصف المحددة، حتى ان المتعاقدين قرروا الالتحاق بالمدارس كبادرة حسن نية ريثما تتبلور الصورة النهائية لوعود الوزير، آملين في أن يكتب للسنة الجديدة النجاح وألا تتعثر مع انطلاقتها، خاصة وأن الظروف الاقتصادية المأسوية تحتّم الاسراع بالمعالجة وليس التباطؤ.
في الشكل وضع الطلاب على سكة المدارس من جديد، في المضمون سينطلق التدريس الفعلي الاربعاء المقبل، بعد ان تنجز المدارس الأمور اللوجستية وفق ما تؤكد مديرة متوسطة كفررمان الثانية لينا ابراهيم معلنة “أن الاربعاء المقبل ستفتح المدرسة ابوابها لكل الطلاب، وأن المتعاقدين سليتحقون ايضاً بالتعليم، ونعمل حالياً على استكمال كافة الأمور الادارية واجراء امتحانات الدخول للطلاب”، متمنية أن يكون العام الجديد مفعماً بالتفاؤل.
غير أن عقبة جديدة برزت أمام المدارس تمثلت بإضراب الحُجّاب وإمتناعهم عن الحضور للمدارس في توقيت حساس جداً، بالرغم من تأكيد مدراء المدارس على أحقية مطالبهم، خاصة وان رواتبهم باتت لا تساوي تنكة ونصف بنزين، ما يبرر اضرابهم بدعوة من نقابتهم وفق تأكيد مديرة إحدى المدارس، لافتة الى ان المدارس تتعثر بغياب الحجاب، فهم اساس المدرسة، لأن نظافة المدرسة قائمة على اكتافهم، ومن دونهم انطلاقة العام الدراسي ستكون صعبة نوعاً ما، غير أننا نتفهم مطالبهم ونقف الى جانبهم، فكلنا نطالب بتحسين الرواتب لنتمكن من الاستمرار في هذه الحياة ونكمل رسالتنا.
يبدو ان العودة المشروطة ستبقي باب الاضراب والعصيان مفتوحاً، فكلما وفى وزير التربية بوعوده كلما كانت المدارس تمضي في قطار التدريس وحين يُخلّ سيكون الاضراب في وجه الجميع. فإلى حينه… أهلاً بالمدرسة من جديد