رواتب المعلّمين في “الخاص”: الزيادة بالـ”حبّة” و”الشاطر بشطارتو”
كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
«من جيبة من ستُدفع الزيادة على رواتب المعلمين؟»، يشغل هذا السؤال أهالي التلامذة في المدارس الخاصة، والذين يرفضون تحميلهم عبء الزيادة، فيما المعلمون «يقاتلون» للوصول إلى مدارسهم.
دخول المعلمين في المدارس الخاصة، الصفوف، هذا العام، اقترن باتفاقات جانبية أُبرمت مع إدارة كل مدرسة على حدة، وقضت بإعطاء زيادات على الرواتب راوحت بين 30 في المئة و100 في المئة، إضافة إلى «تقديمات» تتعلق خصوصاً ببدل الانتقال إلى المدرسة. ولا تدخل كل هذه المساعدات، على الأرجح، في صلب الراتب، علماً بأن بعض المدارس الإفرادية غير التابعة لجمعيات دينية لم تصل بعد إلى أي اتفاق مع المعلمين. أما الدرجات الست الاستثنائية المنصوص عنها في قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46/2017 والتي اشترطت نقابة المعلمين إعطاءها كحد أدنى لبدء العام الدراسي، فبقيت موضع جدل، وترفض غالبية المدارس الإقرار بها، فيما لا يزال المعلمون المحالون إلى التقاعد يرفضون التوقيع على التعويض الكامل الذي يتقاضونه من صندوق التعويضات، ويوقّعون على «سلفة» أو «دفعة على حساب» التعويض، إذ يعتبرون أن الدرجات الست مع مفعولها الرجعي هي حق من حقوقهم المكتسبة ولن يفرطوا به.
إلا أن ما يُقلق أهالي التلامذة هو الجهة التي ستدفع الزيادات للمعلمين. وبحسب نائب رئيس اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور ومنسق الشؤون المالية محمود قطايا، «لا علاقة للأهل بالعقد بين إدارة المدرسة والمعلم، وهم يرفضون التدخل فيه، وبالتالي فإن أي زيادة خارج القوانين والتشريعات يجب أن تدفعها الإدارات من جيبها الخاص ومن الأرباح المتراكمة لديها عبر السنوات وليس من أموال الأهالي. وبالتالي لا يجب تضمينها الموازنة والقسط المدرسي. واستغرب قطايا كيف أن الكثير من المدارس لم تعط 6 درجات للمعلمين، علماً بأنها أخذت بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب زيادة على الأقساط تراوح بين 800 ألف ومليون ليرة، إضافة إلى «السلفة» على السلسلة التي بدأت تأخذها منذ عام 2012 وحتى عام 2017، تاريخ إقرار القانون 46.
بعض المدارس التي فرضت على الأهالي مبالغ مالية بالـ «فريش» دولار حوّلت نسبة من رواتب معلميها إلى الدولار، كما فعلت «كوليج بروتستانت». إذ بات هؤلاء يقبضون 15 في المئة من الراتب بالدولار، فضلاً عن رفع بدل النقل بما يتناسب مع المسافة الفاصلة بين المدرسة ومكان السكن، كأن يعطى 48 ألف ليرة في اليوم بدلاً من 24 للمسافة التي تزيد عن 10 كيلومترات. مدارس الليسيه التابعة للبعثة العلمانية الفرنسية لم تفرض على الأهالي دفع مبالغ بالفريش دولار، إنما تركت الأمر اختيارياً للأهالي تحت عنوان التبرّع، وبعض هؤلاء ولا سيما أعضاء في لجنة الأهل وعدد من المتخرّجين أبدوا استعدادهم، بحسب مصادر المعلمين، لدعم استمرارية المدرسة والحفاظ على الأساتذة. وبعدما دفعت المدارس شهراً إضافياً مع راتب الشهر الأول، يستمر «شد الحبال»، كما قالت المصادر، للاتفاق على بعض الحلول وتحقيق بعض المكاسب ومنها زيادة بدل النقل وتغطية كلفة البنزين.
المصادر أوضحت أن المكاسب تتوقّف على قدرة المعلمين المفاوضين «والشاطر بشطارتو». ففي بعض المدارس الكاثوليكية مثلاً حصلوا على شهر إضافي كل شهرين.
رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود لفت إلى «أننا لسنا في جو ما يحدث في جميع المدارس، فهناك مدارس أعطت المعلمين زيادات وأخرى لا تسمح لمعلميها بالانتساب إلى النقابة أو التواصل معنا. ما طالبنا به هو إعطاء الدرجات الست القانونية وتقسيط المفعول الرجعي، ونطلب من صندوق التعويضات أن يبدأ بدفعها للمعلمين مع جدولة المتأخرات من عام 2017 وحتى اليوم».
التوصية العامة لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة كانت إعطاء المعلمين زيادة على رواتبهم من دون الدخول في النقاش التفصيلي داخل كل مدرسة، كما قال المدير العام لجمعية التعليم الديني – مدارس المصطفى، محمد سماحة، مشيراً إلى «أن مؤسساتنا زادت للمعلمين 35 في المئة، وبعض التقديمات الأخرى».
بحسب الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، «لا معيار موحّداً للزودة حتى داخل مجموعة المدارس الكاثوليكية نفسها، حيث المؤسسات متنوّعة ومتعددة، فهناك مؤسسات كبيرة وتتحمل الزيادة، وأخرى مهددة بالإقفال، وبالتالي تعديل الرواتب مرهون بالتوافق بين الإدارة والهيئة التعليمية في كل مدرسة، أي بالمفرق، والحبة وليس بالجملة». ونفى نصر أن يكون هناك تغيير في الموقف المبدئي للأمانة العامة الرافض لإعطاء الدرجات الست الاستثنائية حفاظاً على المؤسسة ورسالتها، وإن كانت هناك حلحلة على صعيد بعض المؤسسات القادرة على الدفع، وهذه عددها لا يتجاوز 50 مدرسة من أصل 331 مدرسة كاثوليكية. وقال إن «القاعدة التي نسير عليها هي استمرارية الأستاذ من استمرارية المؤسسة وبالعكس، ولو كان هناك أموال بين أيدي الأهالي، لاختلف الواقع ولاستطاعت المدرسة أن تدفع حقوق المعلمين كاملة». أضاف: «المعلم في المدرسة الخاصة يشعر أنه مظلوم وكأنه ليس ابن البلد والدولة ليست راعية له، مطالباً بأن تكون له حصة من المساعدات التي تقدمها الجهات المانحة على غرار زميله في التعليم الرسمي».
من جهته، أشار الأمين العام للمدارس الإنجيلية نبيل القسطا إلى أن «رواتب المعلمين في مدارسنا ازدادت بنسبة تفوق الدرجات الست (تُراوح قيمتها بين 13 و22 في المئة وفقاً لأساس الراتب)، ووصلت الزيادة في بعض هذه المدارس إلى 50 في المئة، فيما آثر البعض الآخر إعطاء زيادات على الرواتب بحسب الشطور. القسطا لفت إلى أن غالبية المدارس أعطت معلميها ما يساعدهم على الصمود، من دون أن يقر البعض بأنها 6 درجات من أساس الراتب. وفيما تحدث القسطا عن قرار بعض المدارس بنقل معلميها في باصاتها، قال إن التحدي الأساس أن لا تكون هناك تسوية على حساب المستوى التعليمي، فـ «فاقد المكتسبات التعليمية كبير».