الكهرباء في انتظار النفط العراقي ومناقصات شراء الفيول… “النهار” تكشف التفاصيل ومتى نخرج من العتمة؟
ننهي هذا الأسبوع جلساتنا وأعمالنا على نور المولّدات الكهربائيّة والشموع، لأنّ لبنان وقع هذه المرّة فعليّاً في #العتمة الشاملة. وذلك بعد أن حذّرت مصادر مؤسّسة كهرباء لبنان في اتّصالاتها السابقة مع “النهار”، وفي البيانات التي أصدرتها المؤسّسة من خطر الوصول إلى هذه المرحلة من “الظلام الشامل”، في حال لم يحوِّل لها المركزيّ جزءاً من أموالها من الليرة اللبنانيّة إلى الدولار.
أمام هذه المشهديّة، ومع ذروة الانهيار التي وصلنا إليها أمس، مع توقّف معمل دير عمار عن إنتاج الطاقة قَبِلَ مصرف لبنان بتحويل 100 مليون دولار من حساب “كهرباء لبنان”، بالليرة اللبنانية لشراء الوقود اللازم للمؤسّسة، وفق ما أكّد مصدر مطّلع على الملفّ لـ”النهار”.
ماذا عن تفاصيل مناقصات الفيول والغاز أويل؟
في التفاصيل، وافق “المركزيّ” على فتح اعتماد بقيمة 100 مليون دولار أميركيّ على أساس سعر الصرف الرسميّ لليرة اللبنانية، (أي 1507,5 ليرات مقابل الدولار الواحد)، من أموال مؤسّسة “كهرباء لبنان” بالعملة الوطنيّة. وكان مصدر من المؤسّسة قد شدّد في اتّصالات سابقة مع “النهار”، على ضرورة تحويل جزء من هذه الأموال بالليرة إلى الدولار، لأنّ “كهرباء لبنان”، بصفتها مؤسّسة عامّة لا يمكنها اللجوء إلى السوق الموازية لشراء العملات، وأنّ مرجعها الوحيد للتصريف من الليرة إلى الدولار هو مصرف لبنان.
وضمن هذا الإطار، علمت “النهار” أنّه فور تبلّغ وزير الطاقة والمياه وليد فيّاض بهذا الأمر، سارعت الوزارة إلى تحضير دفاتر الشروط الخاصّة بهذه المناقصة المنويّ إجراؤها. وأرسلتها على الفور إلى إدارة المناقصات.
ووفق المعطيات التي تمكّنت “النهار” من الاطّلاع عليها، فإنّ #وزارة الطاقة والمياه طلبت إيداع ثلاثة دفاتر شروط تتعلّق بإجراء مناقصات عموميّة فوريّة، لشراء كميّات من كلّ من مادّتَي “الغاز أويل” و”الفويل أويل”، بنوعيه (A) و(B)، لزوم تلبية جزء إضافيّ من حاجات مؤسّسة كهرباء لبنان، خلال شهر تشرين الأوّل من العام 2021. وتركت “الطاقة” لإدارة المناقصات تحديد موعد إطلاق المناقصات العموميّة، وموعد البدء بتنفيذها. ستنطوي هذه المناقصات على صفقات رصد لتمويلها مبلغ 100 مليون دولار من حسابات مؤسّسة #الكهرباء بالليرة، صرّفت إلى دولار وفق سعر الصرف الرسميّ.
لماذا دخل لبنان العتمة الشاملة؟
برّرت مؤسّسة “كهرباء لبنان” ما حصل أمس واليوم من توقّف معملَي دير عمار الزهراني “قسريّاً” عن إنتاج الطاقة، جرّاء نفاد مادّة “الغاز أويل”، بأنّها “حذّرت مراراً وتكراراً منذ أشهر عدّة، من خطر الدخول في المحظور بالنسبة إلى التغذية بالتيّار الكهربائيّ”، وأنّها “ناشدت جميع الجهات المعنيّة الموافقة على تحويل فائض العملة الوطنيّة المتراكم في حساباتها، جرّاء عملياّت جباية فواتير الاشتراكات بالتغذية في التيّار الكهربائيّ، إلى عملة صعبة وفق سعر الصرف الرسميّ، وذلك في محاولة لتغطية جزء من الحاجة من المحروقات لزوم إنتاج الطاقة”.
وحذّرت المؤسسة أنّه إذا استمرّت الأمور على حالها، فهنالك مخاطر عالية من الوصول إلى الانقطاع العام والشامل على جميع الأراضي اللبنانيّة”.
واستندت وزارة الطاقة والمياه في الكتاب الذي بادرت إلى إرساله في وقت سريع، بغية الاستعجال، لإدارة المناقصات، على الموافقة الاستثنائيّة الصادرة عن رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء السابق حسّان دياب، رقم (848 م ص) بتاريخ 28 تموز 2021، والتي تتعلّق بتمديد العمل بآلية شراء المشتقّات النفطيّة (بنزين وديزل أويل وفيول أويل وغيرها)، بطريقة الـ”Spot Cargo”، أو بطريقة التفاوض المباشر (يمكن إجراء الطريقتين في الوقت عينه)، وذلك لصالح مؤسّسة كهرباء لبنان حتى تاريخ 31 كانون الأوّل من العام الحاليّ.
وأشارت بعض الأوساط لـ”النهار”، إلى أنّه “من الناحية القانونيّة، يجب السؤال عمّا إذا كان هناك ثمّة قرار اتّخذ في مجلس الوزراء لفتح الاعتماد، أم أنّه فتح من قبل مصرف لبنان بالتنسيق مع وزارة الطاقة، فالسند القانونيّ لدى هذه الأوساط ليس واضحاً ضمن المعطيات المذكورة”.
وأوضحت الأوساط أنّه “يجب البحث في أمر، أنّنا اليوم أمام حكومة جديدة نالت الثقة من المجلس النيابيّ، فلماذا لا تزال وزارة الطاقة والمياه تستند على موافقات استثنائيّة، فالمفترض أن يأخذ مجلس الوزراء قراراً جديداً بتغطية “بدعة” هذه الموافقات الاستثنائية”، وتابعت أنّه من المفترض أن “نعود إلى المسار القانونيّ ونعتمد على قرارات مجلس الوزراء”.
وعلمت “النهار” أنّ إدارة المناقصات ستجري المناقصات الثلاث بأسرع وقت ممكن، وأنّ المناقصات لن تمرّ إلّا في حال كان دفتر الشروط يراعي المعايير التي طلبها الاتّحاد الأوروبي، على أن يشارك فيها أكبر عدد من الشركات.
ماذا ننتظر الآن؟
بالإضافة إلى تأمين الطاقة عن طريق استيراد الـ”فيول أويل” والغاز من حساب مؤسّسة كهرباء لبنان، سيكون أمام الشعب اللبناني انتظار الوقود على المدى القصير من هذه المصادر:
– شحنة من مادة الفيول أويل (Grade A) المستبدل بالنفط العراقي، والتي ستُفرّغ حمولتها في كلّ من خزانات مصبّات الذوق والجية مطلع الأسبوع المقبل.
وتقوم وزارة الطاقة والمياه بالتأكّد من مطابقة مواصفاتها فوراً، في مختبرات شركة “Bureau Veritas” في دبي.
وقال مصدر في وزارة الطاقة والمياه لـ”النهار” ظهر اليوم أنّه: “تمّ أخذ عيّنات من الفيول المستبدل بالنفط العراقيّ إلى الإمارات العربيّة ليتمّ فحصها، وستأتي الموافقة في اليومين المقبلين”.
وفق “كهرباء لبنان” سيتمّ استهلاك هذه الكمية بعد تفريغ كامل حمولتها في كلّ من معملَي الذوق والجية الحراريين، للتمكّن من ثمّ، مع كلّ من معملَي المحرّكات العكسيّة في الذوق والجيّة، من محاولة رفع القدرة الإنتاجيّة لنحو 500 ميغاوات.
– تنتظر #مؤسسة كهرباء لبنان أيضاً الشحنة الثالثة من اتفاقيّة التبادل العراقيّة، والمحمّلة بمادة الغاز أويل، والمرتقب وصولها في أواخر شهر تشرين الأول الحاليّ، كي تتمكّن عندئذ المؤسّسة من تثبيت الشبكة الكهربائيّة قدر مستطاعها.
– وأعلنت “كهرباء لبنان” في بيانها اليوم أنّها “تتواصل مع منشآت النفط في طرابلس والزهرانيّ، لمعرفة ما إذا أمكنها شراء جزء من كميّات الغاز أويل المحدودة لدى تلك الأخيرة”. وفي حال توافرت لديها، سيصار إلى إعادة تشغيل معملَي الزهرانيّ ودير عمار لأيّام محدودة فقط، لرفع القدرة الإنتاجيّة موقّتاً إلى حدود 500 ميغاوات.
سيؤدي ذلك وفق “كهرباء لبنان “إلى تثبيت الشبكة الكهربائيّة، وذلك ريثما يتمّ الانتهاء من تفريغ حمولة شحنة مادة الفيول أويل (Grade A) مطلع الأسبوع المقبل، وعلى أن يصار إلى تسديد ثمن تلك الكميّات بموجب قرض الـ100 مليون دولار أميركيّ، بين الحكومة اللبنانيّة ومصرف لبنان، الذي تبلّغت المؤسّسة من قبل مصرف لبنان عن موافقة مجلسه المركزيّ عليه”.