بين التقنين وارتفاع رسوم الاشتراكات… عودة للعمل يدوياً
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
نزلت تسعيرة بعض اصحاب المولدات الخاصة في مدينة صيدا ومنطقتها على المواطنين كالصاعقة، مع بداية تشرين، وهم لم يلتقطوا انفاسهم بعد من اعباء ايلول وشهدت الرسوم تفلّتاً وفوضى في التسعيرة، غوغائية في التقدير، تحليق بالاسعار وبالدولار الاميركي خلافاً للعادة بالليرة اللبنانية، مزاجية في عدم القبول بتركيب العدادات للمشتركين من دون فرض رسم تأمين عليهم، او رقابة ومحاسبة، وجميعهم حذف معادلة التشغيل 24 على 24 للتوفير.
خلال ايلول، شهد سعر صفيحة المازوت تقلبات عديدة في السوق الرسمي والسوداء معاً، وكان في بدايته مدعوماً ولكن شحيحاً ثم مفقوداً قبل رفع الدعم عنه، مصحوباً بوصول المازوت الايراني الذي وزعه “حزب الله” مجاناً وبأسعار مخفضة بدءاً من 140 ألفاً قبل ان يرتفع الى 150 ألف ليرة، فيما كانت الصفيحة تحلق في السوق اللبنانية وبالدولار ما بين 12 – 13 دولاراً، فيما أعلنت وزارة الطاقة والمياه أنّ السّعر العادل لتعرفة المولدات الكهربائية الخاصّة عن أيلول هو 3426 ليرة لبنانيّة عن كلّ كيلواط ساعة.
مع بداية تشرين، فوجئ ابناء المدينة ومنطقتها بأن بعض اصحاب المولدات لم يلتزموا بالتسعيرة وكل “غنّى على ليلاه” في وضع الرسوم، والصادم انها جاءت بالدولار بعد احتساب كيلواط الساعة 33 سنتاً اميركياً، خلافاً للسابق، وهو ما ينوء المواطنون تحت حمله إذ يفوق رواتبهم الشهرية او أجرة يومياتهم، واشترط البعض منهم لتركيب العدادات دفع تأمين مالي يساوي 100 دولار اميركي، فوقعوا بين خيارات أحلاها مرّ: بعضهم فكّ الاشتراك و”ريّح راسو” من وجع الرسوم الشهرية لينظم مسيرة حياته على تقنين كهرباء الدولة، وخفّضت الاغلبية الديجانتير من 5 أمبير الى 2.5 للتوفير، وقرر البعض الثالث الانخراط في معركة الدفاع عن حقه بالانارة في ظل الجشع الذي لا يرحم، بينما الرابع اتجه للبحث عن بدائل أوفر من الطاقة الشمسية.
ولم يقتصر الامر على انارة المنازل، بل عمد اصحاب مؤسسات صناعية ومطاعم الى شراء مولدات خاصة بهم، واتجه عدد آخر الى تركيب نظام الطاقة الشمسية، فيما اجبر آخرون على العودة لاستخدام المعدات اليدوية من ماكينات لفرم اللحوم والخياطة وسواها.
ويقول اللحام خالد بركات، الذي ورث المهنة عن والده منذ العام 1998 حيث افتتح الملحمة في العام 1986، انه لا يستفيد سوى ساعتين من الاشتراك بالمولد الخاص، و”عليّ دفع نحو مليوني ليرة لبنانية شهرياً، فقرّرت فك الاشتراك والعودة الى الماكينة اليدوية لتسيير العمل رغم وجود حديثة منها، واشتريتها منذ فترة بنحو 50 دولاراً اميركياً واعمل عليها اليوم، علماً ان السوق تراجع نتيجة ارتفاع الاسعار والغلاء واصبحت احضر يومياً 15 كيلو فقط واقفل الساعة الثالثة ظهراً”.
وتقول الخياطة “أم ناصر” سعدى: “مع التقنين القاسي بالتيار وارتفاع كلفة الاشتراك، قررت التخلي عنه واستخدام ماكينة الخياطة القديمة جداً ذات الحجم الكبير والدفع بالقدمين، لقد عدنا الى عصر الاجداد ولكن لا مفر امام الازمة الخانقة، لا بد من التأقلم مع الواقع الجديد عنوة عنا، نريد ان نكسب قوت عيشنا لنعيل الاولاد”.
وشهدت احياء في صيدا اعتراضات على التسعيرة وبالدولار فيما تراوحت التسعيرة في بعضها باللبناني،
وطالب الشيخ عبد الله البقري باسم اهالي البستان الكبير خلال وقفة احتجاج اصحاب المولدات الالتزام بتسعيرة وزارة الطاقة. ولم تُخفِ القوى السياسية الصيداوية والبلدية استياءها، ويؤكد رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ”نداء الوطن” انه لن يترك الموضوع على غاربه، ورفضت النائبة بهية الحريري التفلت في الاسعار والتسعير بالدولار، فيما يعقد النائب اسامة سعد مؤتمراً صحافياً اليوم يؤكد فيه على ضرورة تحمّل الدولة مسؤولياتها. ورأى الدكتور عبد الرحمن البزري أن “المواطن الصيداوي عانى الأمرين في هذه الفترة نتيجة سوء إدارة الملفات والغياب الواضح لكل السلطات المسؤولة عن حماية المواطنين، بينما استغرب المسؤول السياسي لـ”الجماعة الاسلامية” في الجنوب الدكتور بسام حمود “تقاعس القوى الأمنية والجهات الرقابية الرسمية والسلطات المحلية عن المتابعة”، ودعا رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الجنوب عبد اللطيف الترياقي الى “عدم دفع الاشتراكات ومواجهة التسعيرة بموقف جماعي”.